تونس : ماذا يحدث في قصر قرطاج ؟

في كل الأحوال لن يخرج رئيس الجمهورية قيس سعيد “سالما” من تداعيات التسريبات الصوتية المنسوبة لمديرة مكتبه السابقة نادية عكاشة بل لنقل أن الرئيس سيعض على أصابعه ندما لوثوقه الأعمى في هذه السيدة اللعوب التي لا تجربة و لا ماض لها في المجال السياسي قبل أن يعينها في إحدى أدق المناصب في الدولة التونسية.

 بقلم أحمد الحباسي

منذ ساعات فتحت النيابة العمومية بحثا للتقصي في ما يعتقد أنها عملية تسريب معلومات خطيرة تهم أمن الدولة  في علاقة بنشر بعض المكالمات الهاتفية المنسوبة للسيدة نادية عكاشة رئيسة ديوان الرئيس قيس سعيد المستقيلة و بين أطراف لا تزال مجهولة لحد الساعة.

يجازف بعض العارفين بالقول و التشكيك مسبقا في جدوى هذه الأبحاث و يجزمون أنها لن تصل إلى نتيجة تشفي غليل التونسيين الذين بوغتوا بأن الرئيس قد “انتدب” للقيام بشؤون ديوانه و هو مركز  لا يقل حساسية أو أهمية سيدة حامت حولها الشبهات منذ إعلان توليها هذا المنصب الخطير  وهي التي أصبحت اليوم تمثل مشكلة متشعبة و محط متابعة وسائل الإعلام الباحثة عن الإثارة و عن معرفة أسرار القصر بعد أن تعمد رئيس البلاد الصمت المطبق منذ توليه منصبه الرفيع.

أسئلة من دون جواب أمام الصمت المدقع للرئاسة

من أمر فعلا و من يقف فعلا وراء قرار  فتح الأبحاث و لماذا كل هذا التأخير فى التعامل مع حدث صاعق بمثل هذه الأهمية و هل  تقف بعض الأجهزة الأمنية وراء تسجيل هذه المكالمات الخطيرة التي تمس من هيبة الرئيس و من مقام الرئاسة و أصلا من القدرات الذهنية و البدنية للرئيس؟ 

هل هناك رابط خفي بين ما جاء بإحدى تعاليق السيدة نادية عكاشة و غمزها نحو وزير الداخلية توفيق شرف الدين و بين توقيت خروج هذه التسريبات للعلن؟

و من يريد إسقاط من و من يريد الانتقام بمن وهل فقد الرئيس سيطرته المفترضة على وزير داخليته أم أن هناك شخصيات أمنية بعينها استهدفتها السيدة نادية عكاشة باستنكار تنصيبها فى الترقيات الأخيرة هي من أرادت فضح ألاعيب هذه السيدة الغامضة التي لا يعرف الكثيرون عن “ماضيها” شيئا؟

من يريد تعرية حقيقة السيدة نادية عكاشة و هل تمت استقالتها أو إقالتها بعدما تم إعلام الرئيس بفحوى هذه المكالمات و هل أتت التسريبات من أحد أجنحة القصر أو من كواليس وزارة الداخلية ؟

 من المؤكد أن الرئيس ليس فى أفضل حالاته على الإطلاق و على كل المستويات و من المؤكد أن السير بالأبحاث إلى نهايتها سيضر بموقع الرئاسة و بالمستقبل السياسي الذي يسعى البعض لتعبيده للرئيس رغم كل الانتقادات الصادرة عن ما يسمى  بجبهة الإنقاذ. 

التسريبات مادة إعلامية تخدم معارضي قيس سعيد

لا يمكن أن تكشف الأبحاث إلا على شيء من الحقيقة المغلفة بالتضليل لأن إجراء الأبحاث بالجدية و الفاعلية المطلوبة سيؤدى إلى سقوط رؤوس كبيرة في الدولة و سيخلق فجوة  لا يمكن رتقها  بسهولة خاصة و أن مواقف الرئيس و تصرفاته قد باتت محل استنكار وصل إلى حد التخوين من بعض الشخصيات السياسية المحسوبة على حركة النهضة و على التيار الديمقراطي و على أعضاء جبهة الإنقاذ وهي أطراف تجد في هذه التسريبات اليومية مادة إعلامية تؤثث بها تدخلاتها في المساحات الإعلامية للتصويب على الرئيس.

لعل أحد الأسئلة المطروحة من الرأي العام تقول لماذا يصمت الرئيس صمت القصور و لماذا  لا تكون هناك تدخلات من الطاقم الإعلامي للرئاسة و  لماذا يمنع الرئيس هذا الطاقم من القيام بدوره و هو الذي يقبض شيءا و شويات من  مال دافع الضرائب و هل فوجئ الرئيس بالتسريبات أم بمضمونها و هل أن اختفاء الرئيس و انحسار نشاطه اليومي هو تأكيد لما تضمنته التسريبات الهاتفية من عدم قدرته على الاضطلاع بمهامه على الوجه الأكمل و هل أننا نعيش حالة شبيهة بالحالة الصحية للرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران و الذي  اختار التعتيم الكامل على حالته الصحية حتى كشفت إحدى المجلات الفرنسية السر للعموم مما شكل صدمة للرأي العام  الفرنسي في تلك الفترة؟ 

سؤال آخر : هل أن بعض الأجهزة الاستخابراتية  أو السفارات الأجنبية لم تكن على علم بحقيقة الحالة الصحية للرئيس أم أنها بوغتت كغيرها بمحتوى التسريبات و باتت اليوم  أكثر حرصا على تقصي المعلومات فى هذا الموضوع ؟

حرب التسريبات لن يخرج الرئيس منها سالما

في كل الأحوال لن يخرج الرئيس “سالما” من تداعيات التسريبات الهاتفية لسيدة مكتبه السابقة بل لنقل أن الرئيس سيعض على أصابعه ندما لوثوقه الأعمى في هذه السيدة اللعوب. بالمقابل من الثابت أن هناك جهات داخلية و خارجية تتلاعب بمصير الوطن و من المؤكد أن حرب التسريبات التي بدأها النائب المجمد السابق راشد الخياري قد تطيح ببعض الرؤوس المهمة في مجالات مختلفة بل لعل الأيام القادمة ستكشف أن السيدة نادية عكاشة قد وقعت بدورها في فخ أجهزة متآمرة في حين ستطال الشائعات وزير الداخلية الحالي لأنه لا يمكن لأحد تصور أن يترك الرجل القصر الرئاسي بدون تأمين مكالمات الرئيس و مستشاريه و لكن من الواضح أن هذا الموضوع سيسيء كثيرا إلى مقام الرئاسة بحيث أنه بالإمكان أن يدفع الرئيس إلى الاستقالة حفظا لماء الوجه مما سيفتح مصير البلاد على المجهول.

كاتب و ناشط سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.