تونس : من يقف وراء الرئيس قيس سعيّد ؟

أثبتت الأحداث أن الرئيس قيس سعيد و لئن ترشح و فاز بالرئاسة فإن الرجل لا يملك بديهيات العمل السياسي و ليست له القدرة أو الرغبة في التطور و لا يتعامل مع شؤون الدولة إلا بمنظار التفرد بالرأي و نبذ المشورة و هي “خصال” سلبية جدا تجعله يواجه كل هذه الحملات من الانتقادات الساخرة أحيانا و الغاضبة أحيانا أخرى.

بقلم أحمد الحباسي

لا بد من الإشارة أيضا أن السيد الرئيس و رغم تجميع كل السلطات في يده يبدو للمتابعين كأنه كبّل نفسه بسلطات لا يدرى كيف يصرفها و بات مجرد شخص يصدر المراسيم على اليمين و الشمال محاولا إطفاء ألسنة لهيب الغضب الشعبي الذي لاحظت استطلاعات الرأي الأخيرة تزايد نفوره و خيبة أمله في قدرة الرئيس على إنقاذ البلاد وهو الذي يخصص ثلاثة أرباع وقته للرد على شائعات و حملات الفيسبوك و بقية وسائل الاتصال.

من يمثل الرئيس و يتكلم باسمه ؟

ربما يكون للرئيس مستشارون و معاونون كغيره من الرؤساء لكن الثابت أن الرئيس لا ينصت إليهم تماما و جعل منهم مجرد شهود و ديكور بدليل أنه و رغم كل الأزمات و المشاكل و الفضائح التي تسببت فيها تسريبات رئيسة الديوان السابقة السيدة نادية عكاشة فإن المواطن و المتابع لم يسمع لهم صوتا للتوضيح أو لكشف الحقائق أو إنارة رأى عام بات مشغولا بصحة الرئيس و خفايا أفكاره أكثر من اهتمامه بتنامي ظاهرة الفساد و خواء خزائن الدولة التي لم تعد قادرة حتى على خلاص أجور موظفي الدولة.

في المقابل لاحظ المتابعون في الآونة الأخيرة الرجوع القوى لنوفل سعيد شقيق الرئيس لواجهة المد و الجزر السياسي بالتزامن مع الصعود الصاروخي لنجم أحد الأشخاص الذين يحسبون على الرئيس و هو السيد أحمد شفتر الذي عوّض تقريبا حضور أو غياب شخصية لا تقل قرابة من الرئيس و أفكاره و هي شخصية السيد رضا لينين. يضاف لهؤلاء طبعا المحلل السياسي بقناة التاسعة السيد رياض جراد.

هذه الشخصيات التي تقف في ظل الرئيس

 لعل أخطر ما في عقل و تفكير هذه الشخصيات التي تقف وراء ظل السيد الرئيس هو هذه النزعة الفاقدة للموضوعية في تقديم مشروع للحكم يقولون أنه سليل تفكير الرئيس دون أن يقدموا شهادة الميلاد أو حكم التبني و لذلك أضاف هؤلاء بطغيانهم و حضورهم الإعلامي سحبا داكنة أخرى ولم يفلحوا إطلاقا في تلميع صورة الرئيس أو في تقديم الأجوبة المناسبة على كل الأسئلة الحائرة التي تسعى جاهدة لمعرفة ماهية و عناوين المشروع الرئاسي للحكم.

ربما يظن السيد أحمد شفتر من باب سعة خياله و إصراره على تفتيق مواهبه في صنع الشعارات الرنانة أن الرئيس قيس سعيد قائد أممي لا يقل قدرة و حنكة و بعد نظر عن المناضل نيلسون مانديلا لكن واقع الحال يؤكد أن السيد الرئيس لا يملك أية موهبة من مواهب القيادة و دقة و حسن الاختبار وهو أعجز من العجز نفسه في فهم واقع الشعب الذي يتدثر بمعطفه في كل مناسبة خطابية للإيحاء بوجود شرعية أو مشروعية لا تزال محل تساؤل بعدما سيل الاتهامات الصادرة عن عدة أطراف سياسية بتلاعب هيئة الانتخابات بالنتائج.

 يشعر المتابع لسياسة و تصرفات الرئيس قيس سعيد أنه أمام شخص غامض كتوم إلى حدود الكتمان القصوى و يحصل للمتابع نفس الريبة الذهنية حين يستمع إلى تحاليل هذه الشخصيات التي ترى نفسها الوصية الشرعية على عقل الرئيس أو المتحدثة باسمه مع أنها تحاول إضفاء شيء من الغموض خاصة و أن الرئيس لم يعلن اتفاقه أو موافقته على وجود هذه الكائنات المشبوهة.

لخيط الرفيع الرابط بين الرئيس و من يقفون وراءه

لعل الخيط الرفيع الرابط بين الرئيس و من يقفون وراءه أو معه على حد سواء هو عداءهم الواضح و الصريح لكل صوت معارض لا يتفق مع شعارات الرئيس أو ما يدلون به من شخابيط لاخبيط جدلية عاقرة و عقيمة لوسائل الإعلام و قد شاهدنا كيف يغضب الرئيس من كل تصريح معارض و كيف وقع السيد أحمد شفتر في نفس النرفزة في إطلالته الإعلامية الأخيرة على قناة التاسعة منذ أيام قليلة.

لا يجب أيضا تجاهل الدور الخفي لوزير الداخلية السيد توفيق شرف الدين في محاولته التعرض بكل الطرق لنشاط الحزب الدستوري الحر الذي يعتبره الكثيرون الحزب الأكثر حظوظا بالفوز فى الانتخابات القادمة.

يقود السيد أحمد شفتر ما يسمى بالحملة التفسيرية و أحد المتطوعين فيما يسمى “بالبناء الديمقراطي القاعدي” وهي يافطة لعنوان هلامي يصعب حصر مراميه أو تلمس أضلاعه أو فهم مقاصده و حين يطلق الرجل النار على اتحاد الشغل متهما إياه بكونه قد التف على الثورة فالثابت أن مثل هذه التصريحات العبثية سترتد سلبيا على الرئيس و على موقع الرئاسة نظرا لأهمية و موقع المنظمة الشغيلة فى المشهد السياسي و لذلك يشبهها البعض بمن يطلق النار على ساقيه.

قيس سعيد و مشروع الفوضى الخلاقة

يدعو السيد أحمد شفتر بمعية بعض الولاة و المعتمدين المعينين خلال الحملات التفسيرية لمشروع الرئيس إلى الاستعاضة على الاقتراع على القوائم بالاقتراع على الأفراد و منع الأحزاب من الترشح و يشبه العارفون مشروع الرئيس بمشروع الفوضى الخلاقة الذي دمر العراق و سوريا و بمشروع المؤتمرات الشعبية الليبية فى عهد الزعيم الراحل معمر القذافي و يقال و العهدة على الراوى أن الرئيس يسعى جاهدا لاختلاق تعلّة قانونية للتخلص نهائيا من الأحزاب و هي مغامرة غير محسوبة العواقب ستجهض كامل العملية السياسية المعطبة و المتوقفة بعد تجميد مجلس النواب و استفراد الرئيس بكل السلطات.

كاتب و ناشط سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.