بيان حزب العمال حول استفتاء 25 جويلية 2022: “خطوة حاسمة لتحقيق أهداف الانقلاب لا بدّ من إفشالها”

“أصدر قيس سعيد يوم 20 ماي 2022 مرسوما خاصا بإحداث ما يسمّى “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”. وستتولى هذه الهيئة المكونة من لجنتين استشاريّتين إحداهما تُعنى بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثانية بالشؤون القانونية اقتراح “الدستور الجديد” لـ”الجمهورية الجديدة”.

وهو الدستور الذي سيبتّ فيه نهائيا قيس سعيد بنفسه. وكما كان منتظرا فقد أُقْصِيَ من هذه الهيئة ومن الحوار المزعوم الذي ستُجريه، الأحزاب السياسية وغالبية قوى المجتمع المدني والفاعلون في مختلف الميادين ومن بينهم أهل الثقافة والإبداع والإعلام وغيرهم. وقد أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل الذي عيّنه قيس سعيد عضوا في هذه الهيئة رفضه المشاركة فيها وفي حوارها.
إنّ حزب العمال الذي ندّد بالانقلاب منذ اللحظة الأولى وحذّر من عواقبه وأكّد أنّ قيس سعيد لم يفعل سوى استغلال وضع متأزم ومتعفّن تتحمّل مسؤوليته منظومة الحكم السابقة وعلى رأسها حركة النهضة، لإرساء نظام شعبوي، استبدادي من شأنه تعميق الأزمة ومزيد تدمير ما تبقّى من قدرات معيشية للطبقات والفئات الكادحة والمفقّرة ومفاقمة التبعيّة والدّوس على سيادة البلاد ورهنها للخارج وتعميق التطبيع مع الكيان الصهيوني تحت ضغط الحاجة إلى الاقتراض والتمويلات والمساعدات الأجنبية، يؤكّد ما يلي:
1- إنّ هذه الخطوة الجديدة ما هي إلاّ مواصلة للخطوات السابقة التي خطاها قيس سعيد والتي انقضّ بموجبها على كافة مفاصل الحكم وأخضعها لسلطته. لكن هذه الخطوة الجديدة تكتسي خطورة خاصة إذ أنّ قيس سعيد يمرّ الآن، بعد أن هيّأ كل الظروف لذلك، إلى مرحلة وضع أسس نظامه الشعبوي الاستبدادي عبر “هيئة وطنيّة استشارية” شكلية لن يتجاوز دورها تمرير ما يريد هو تمريره من دستور ونظام سياسي وانتخابي واختيارات اقتصادية واجتماعية وثقافية، باعتباره صاحب الكلمة الفصل في كل ما ستقدمه إليه تلك الهيئة وعرضه بالصيغة التي يريد على استفتاء معروف النتائج مسبقا.
2- إنّ استفتاء 25 جويلية القادم يمثّل بالنسبة إلى قيس سعيّد نقطة مفصلية إذ أنه سيعتمده لتشريع انقلابه على المسار الثوري التونسي وعلى مكتسباته التي تحقّقت بتضحيات أجيال من المناضلات والمناضلين وبدماء المئات من الشهيدات والشهداء، وإرساء نظامه الشعبوي الاستبدادي بدعوى أنّه يمثل “إرادة الشعب” وهو ما سيدفعه إلى ارتكاب كل التجاوزات من أجل تمرير هذا الاستفتاء. وهذا ما يطرح على كل القوى الثورية والديمقراطية مهمة إفشاله بدءا من اللحظة الراهنة بشرح أهدافه الخطيرة لعموم الشعب والإعداد لمقاطعته مقاطعة ساحقة لا تترك مجالا للانقلاب كي يغالط الرّأي العام وتعبيد الطريق من أجل السير ببلادنا نحو بديل وطني وديمقراطي وشعبي لا يعود بها إلى ما قبل 25 جويلية 2021 ولا إلى ما قبل 14 جانفي 2011 وإنما يخلق الشروط اللازمة لتحقيق الشغل والحرية والكرامة للتونسيات والتونسيين.
3- إنّ حزب العمال يتوجه إلى كل الجمعيات والمنظمات التي ترفض الاستبداد لكي لا تشارك في المهزلة الحالية حفاظا على سمعتها وكرامتها وتاريخها. كما تتوجه بنفس الدعوة إلى عمداء كليات الحقوق والعلوم السياسية وإلى الجامعيات والجامعيين عموما والمثقفات والمثقفين والمبدعات والمبدعين والإعلاميات والإعلاميين الشريفات والشرفاء كي لا يلوّثوا سمعتهم بالعار ويبقوا أوفياء لمبادئهم وقيمهم العلمية والمهنية التي تُملي عليهم عدم التورط في مشاريع رجعية، استبدادية سيلعن التاريخ كل من سيشارك فيها بأية ذريعة كانت، مهما كان اسمه ومهما كانت شهادته العلمية أو مكانته، مثلما لعن كلّ الذين حوّلوا أنفسهم إلى أدوات في خدمة الاستعمار ثم في خدمة الدكتاتورية قبل الثوة وأخيرا في خدمة المنظومة المتعفنة التي حكمت خلال العشرية التي عقبت الثورة وعلى رأسها حركة النهضة.
4- إنّ مشروع قيس سعيد لا هو جمهورية ثالثة ولا هو جمهورية جديدة وإنّما هو مشروع حكم فردي استبدادي فاقم وسيفاقم مشاكل الوطن والشعب المعرّضين اليوم إلى أكبر المخاطر في حرّيتهم وفي معيشتهم وفي كرامتهم وفي أمنهم، ولذلك فهو مشروع لا مستقبل له بل هو مشروع ساقط في كل الحالات ليحلّ محلّه إن عاجلا أو آجلا مشروع يحقق للشعب مطالبه ومطامحه. ومن هذا المنطلق فإنّ حزب العمال يهيب بكل القوى الثورية والديمقراطية والتقدمية في هذه اللحظة الحاسمة أن توحّد جهودها دون إضاعة وقت من أجل إسقاط استفتاء 25 جويلية القادم وفتح آفاق جديدة لتونس وطنا وشعبا. كما يهيب بكل القوى الحية في مجتمعنا وفي مقدمتها القوى العاملة والكادحة في المدن والأرياف بعدم الانسياق وراء الانقلاب والانخراط النشيط في إفشال الاستفتاء الذي سينظمه علاوة على مواجهة سياسة التجويع التي ينتهجها والتي طالت غالبية التونسيات والتونسيين.


حزب العمال
تونس في 21 ماي 2022″.

شارك رأيك

Your email address will not be published.