نجلاء بودن تفتتح الدورة 20 لمنتدى تونس للاستثمار: الحكومةُ تعمل على صياغة رؤية استشرافية “تونس في أفق 2035”

أشرفت رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان مساء يوم امس الخميس 23 جوان 2022 بالعاصمة، على افتتاح الدورة 20 لمنتدى تونس للاستثمار الذي ينظّم تحت شعار ” تونس إصلاحات وقيم تنافسية ” مرفوقة بعدد من أعضاء الحكومة، الى جانب حضور سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة، و فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وناصر كامل الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط و Cheick-Oumar SYLLAمدير منطقة شمال افريقيا (SFI) , وسمير ماجول رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.

وفي كلمة ألقتها رئيسة الحكومة بالمناسبة عبرت عن سعادتها بافتتاح هذه الدورة العشرين بعد غياب دام 3 سنوات بسبب الوضع الصحي غير المسبوق مشيرة على أن هذا الموعد هو فرصة للقاء المستثمرين ورجال الأعمال ومختلف الفاعلين الاقتصاديين. كما أنه مُناسبة لتعزيز وتطوير علاقاتنا الاقتصادية مع مختلف شركائنا.

وابرزت رئيسة الحكومة أن هذه الدورة التي تنتظم تحت شعار “تونس إصلاحات وقيم تنافسية” تأتي في اطار مقاربة جديدة مبنية على ادخال ديناميكية جديدة لخلق الثروة وإرساء مقومات نمو ادماجي ومستدام يرتكز على الاستثمار كمحرك أساسي كما تستند هذه المقاربة على استرجاع ثقة المستثمرين وتوضيح الرؤية وتحرير المبادرة، وأضافت أن هذا المنتدى يمثل فرصة لاستعراض البيئة الاستثمارية في تونس ومقومات الاستثمار وفرصة أيضا لتقديم التوجهات الإصلاحية الكبرى في هذا المجال.

وذكّرت بودن رمضان بأن تنمية رأس المال البشري هو أهم الخيارات الاستراتيجية لتونس منذ الاستقلال وهو ما جعلها تزخر برأس مال بشري ذوي كفاءة عالية، شكل على الدوام أهم العوامل التي ساهمت في استقطاب الاستثمارات، مذكرة في هذا الخصوص بأن الحكومة تعمل على تنفيذ سياسة متكاملة لتعزيز القدرات في هذا المجال من الطفولة إلى المدرسة ومن ثمة إلى التكوين المهني والتعليم العالي والبحث والتشغيل.

وشددت أن مبادرة رئيس الجمهورية قيس سعيد المتعلقة باحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم ستعزز هذا التمشي، وتتمثل التوجهات الكبرى في تكوين كفاءات عالية لها من المؤهلات والمهارات المرنة ما يمكنها من الاستجابة لمتطلبات سوق الشغل ومهن الغد، مشيرة إلى ما يتوفر في تونس من مؤسسات تكوين وتعليم عالي اثبتت قدرتها على تمكين شبابنا من اكتساب المهارات المطلوبة على الصعيدين الداخلي والخارجي خاصة بفضل انخراط الجامعة التونسية في عملية الاعتماد والجودة في عدة ميادين أهمها الهندسة والطب،

كما نوهت بتحصل البحث العلمي التونسي على ترتيب مشرف في عدة تصنيفات عالمية، هذا إضافة إلى أن تونس تعد أول دولة عربية وافريقية لها صفة شريك في البرنامج الأوروبي للبحث والتجديد افق أوروبا Horizon Europe، حيث تمنح هذه الصفة فرصة للمشاركة في مشاريع بحث دولية متميزة مع مؤسسات اقتصادية في مجالات مجددة ورائدة في اطار التطوير التكنولوجي واقتصاد المعرفة.

وأكدت رئيسة الحكومة في كلمتها أن تونس تتوفر على مناخ محفز للاستثمار بفضل تكريس مبدأ حرية الاستثمار والنفاذ إلى السوق بالإضافة إلى التقدم في حذف التراخيص لممارسة الأنشطة وذلك في اتجاه إقرار قائمة سلبية قبل نهاية السنة الجارية وبغاية استحثاث نسق الاستثمار الخاص وتحسين مناخ الأعمال، وقد تم في هذا الصدد العمل على توفير بيئة استثمارية جاذبة تضم 11 قطبا تكنلوجي في اختصاصات تضم الأنشطة الواعدة على غرار تكنولوجيات الاتصال والاعلامية والطاقة المتجددة والنسيج التقني والصناعات الغذائية وغيرها.

وثمنت في هذا الصدد جهود الأقطاب التكنلوجية في التشبيك والربط بين هياكل البحث والمؤسسات الاقتصادية والناشئة، كما تم في سياق متصل ابرام مواثيق تنافسية قطاعية في قطاعات النسيج والصناعات الصيدلية ومكونات السيارات والنظر في اعتماد مواثيق جديدة في قطاعات أخرى. كما تم سن مجموعة من التشريعات على غرار قانون المؤسسات الناشئة الذي مكن من بعث قرابة 500شركة ناشئة مسجلة بوكالة النهوض بالصناعة والتجديد.

واستدركت بودن أنه وعلى الرغم من هذه المكتسبات لا تزال مؤشرات الاستثمار دون القدرات والإمكانات المتاحة لتونس ودون ما نصبو إليه، ولعل تعثر المرحلة الانتقالية والتأخر في القيام بالإصلاحات الضرورية وتعدد التعقيدات الإدارية وصعوبة النفاذ للتمويل وضعف النجاعة اللوجستية وعدم استقرار المنظومة الجبائية وعدم مواكبة تشريعات الصرف للمنظومات الاقتصادية العالمية وغيرها هو ما يفسر تراجع مختلف المؤشرات الاستثمار في تونس.

كما بينت حرص الحكومة أن يكتسي الاستثمار بعدا افقيا في مسار الإصلاحات مع العمل على التوفيق بين ما هو عاجل وضروري على المدى القصير وماهو هيكلي وعميق على المدى المتوسط والبعيد.

ففي باب الإجراءات العاجلة، ذكرت رئيسة الحكومة بأن الحكومةُ سنت حزمةً من التدابير الضرورية التي تهدف إلى استعادة ثقة الفاعلين الاقتصاديين والمحافظة على النسيج المُؤَسساتي والنهوض بمناخ الأعمال وتتضمن هذه الإجراءات 4 محاور رئيسية تتمحور

في:

– أولا : دعم سيولة المؤسّسات المالية وتيسير النفاذ إلى التمويل بهدف المحافظة على النشاط ومواطن الشغل

– ثانيا : إعادةُ تنشيط الاستثمار عبر اعتماد إجراءات خاصة لتنشيط الاستثمار الخاص لا سيما فيما يتعلق بالمؤسسات الناشئة والطاقات المتجددة والتشجيع على الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

– ثالثا : تحسين الإطار القانوني والترتيبي المنظم للأعمال عبر إصدار جملة من النصوص التشريعية والترتيبية ذات العلاقة،

– رابعا : مزيد تنشيط الإجراءات الهادفة لدفع التصدير.

أما على المدى المتوسط، فقد أعدّت الحكومةُ “البرنامج الوطني للإصلاحات” من خلال الاعتماد على جملة من الإجراءات لتحرير المبادرة وتكريس قواعد المنافسة النزيهة ودعم صلابة القطاع المــالي وتطوير أداء وكفاءة القطاع العمومي ودعم الإدماج الاجتماعي وتكريس الاستدامة التنموية، وقد انبنى هذا البرنامج الذي حظي بثقة ودعم الشركاء الماليين على تمش جديد قوامه الشمولية بمشاركة موسعة للخبرات الوطنية.

ونوهت رئيسة الحكومة بأن اعلان صندوق النقد الدولي عن استعداده للانطلاق قريبا في مفاوضات رسمية مع تونس بهدف ابرام اتفاق حول برنامج جديد هو دلالة على مصداقية وواقعية البرنامج ومؤشر ثقة يحفزنا على مواصلة العمل على تنفيذ الإصلاحات الضرورية.

أما على المدى البعيد، فتعمل الحكومةُ على صياغة رؤية استشرافية “تونس في أفق 2035″، تُكرّسُ التوجهات الكبرى على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. وتعتمد هذه الرؤية على رأس المال البشري، الاقتصاد الرقمي، دعم المبادرة الخاصة، الاقتصاد الأخضر والتغيرات المناخية، العدالة الاجتماعية، التنمية الجهوية والتهيئة الترابية.

وأبرزت أن الاستراتيجيات القطاعية ستشكل لبنة في بلورة هذه الرؤية لا سيما تلك المتعلقة بالاستراتيجية الصناعية والتجديد لتونس 2035 الاستراتيجيات الخاصة بتكنولوجيات المعلومات والاتصال والطاقة والسياحة والمياه والتشغيل والصحة مذكرة بأن الحكومة وضعت مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للفترة 2023-2025 باعتباره الوثيقةَ المرجعيةَ للسياسات والبرامج والمشاريع العمومية والإصلاحات.

كما سلطت نجلاء بودن رمضان الضوء على الفرص الاستثمارية المتاحة في تونس في إطار الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص بعلاقة مع تركيز الإطار القانوني والمؤسساتي الملائم. ويتم العمل حاليا على تحديد قائمة من المشاريع التي سيتم عرضها على القطاع الخاص لتطويرها في إطار الشراكة وتغطي العديد من القطاعات الاستراتيجية الهامة. كما أشارت إلى وجود فرص حقيقية وأرضية جاذبة للاستمار في قطاع الطاقات المتجددة وتثمين النفايات والاقتصاد الأخضر والاقتصاد الأزرق وأيضا في قطاع الخدمات المتصلة بالاقتصاد الرقمي خاصة في ظل توفر طاقات بشرية مختصة ذات كفاءة عالية

وتوجهت رئيسة الحكومة في ختام كلمتها بالشكر الجزيل لكافة إطارات الدولة التي ساهمت بصفة مباشرة وغير مباشرة في صياغة مختلف برامج الإصلاح كما دعت المستثمرين إلى أن ان يخطو حذو شركائنا الماليين وأن يضعوا ثقتهم في تونس وفي قدراتها على الإقلاع وأن يبادرو بالاستثمار دون انتظار

كما نوهت بحسن تنظيم هذا المنتدى مشيرة إلى قرب احتضان تظاهرات أخرى ذات بعد دُوَلي، مثل ندوة طوكيو الدولية للتنمية في افريقيا TICAD التي ستنتظم في شهر اوت 2022 بالعاصمة في إطار التعاون الافريقي الياباني والقمة الفرنكوفونية التي ستنظم في شهر نوفمبر 2022 بجزيرة جربة.

وتولت رئيسة الحكومة في ختام موكب الافتتاح تسليم عدد من الجوائز للشركات الأجنبية المنتصبة في تونس تقديرا لجهودها الاستثنائية ومساهمتها الفعالة في دعم عملية التنمية في بلادنا.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.