القضاء التونسي أمام المحك في قضية انستالينقو 

لا يمكن للقضاء التونسي اليوم أن يجد فرصة مواتية أكثر لتطهير نفسه و التصالح مع الشعب التونسي الذي بات يرى في المنظومة القضائية أحد قوى الردة الكبرى المعادى لما يسمى بالثورة سوى الذهاب بعيدا في التحقيق في قضية شركة انستالينقو التي عملت في التضليل الإعلامي لحساب حركة النهضة و ذلك بتمويل قطري تركي.

بقلم أحمد الحباسي

 ماذا يجمع الضابط السابق و الناطق الرسمي بوزارة الداخلية السابق محمد على العروي برفيق بوشلاكة وزير الخارجية التونسي السابق و زوجته سمية الغنوشى و ماذا يجمع رجل الأعمال المعروف حافظ الزواري برئيس حركة النهضة راشد الغنوشى؟ لماذا يمول رجل الأعمال المذكور منصات إعلامية تستهدف خصوم حركة النهضة؟ ما علاقة رئيس الحكومة السابق وأحد قادة الجهاز السري لحركة النهضة السيد حمادى الجبالي بالسيد عادل الدعداع رئيس النادي الرياضي لحمام الأنف و بالسيد لطفي الحيدوري مدير تحرير موقع “الشاهد” الألكتروني؟ لماذا تمت نقلة القاضي على قيقة على عجل من القطب المالي إلى خطة مساعد وكيل عام بمحكمة الاستئناف بتونس؟ ما علاقة الملحق برئاسة الجمهورية أشرف بربوش بالمدون سليم جبالي؟ 

 وكر  لتبييض الأموال و التجسس و التأمر على أمن الدولة

فى الظاهر لا شيء يستدعي الربط بين كل هاته الشخصيات المعروفة لكن شركة انستالينقو وهي إحدى الشركات الإعلامية المنتصبة بمدينة القلعة الكبرى من ولاية سوسة هي من جمّعتهم للقيام بأدوار تضر بالأمن القومي.

 شركة انستالينقو شركة مشبوهة تنشط منذ بداية سنة 2014  فى ميدان الإنتاج الإعلامي الرقمي على الأقل هذا هو الظاهر لكن بعض ما كشف يضعنا أمام  وكر لتبييض الأموال و التجسس و التأمر على أمن الدولة و تمويل الإرهاب في علاقة بتنظيم الجهاز السري العسكري لحركة النهضة. بمعنى أن هذه الشركة  تعمل تحت غطاء مزيف و تقوم بأدوار قذرة جدا من شأنها بث الفوضى و حث المواطنين على مواجهة بعضهم البعض و في مثل هذه الحالات من الثابت أن الأموال الخيالية التي تتدفق من بعض الخزائن النفطية الخليجية لا غاية منها إلا ضرب الاستقرار في تونس و إتاحة الفرصة للجماعات الإرهابية المتسللة من ليبيا لتعيث فسادا و تضرب المؤسستين الأمنية و العسكرية.

لا شك طبعا أن الخط التحريري لهذه المنصة الإعلامية خاضع لإملاء و ضغوط و سيطرة أجهزة مخابرات أجنبية لا يستبعد البعض أن تكون أجهزة استخبارية تركية أو قطرية وهي أجهزة من المعلوم تعاونها الوثيق مع جهاز الموساد الصهيوني و وكالة المخابرات الأمريكية.

تفيد التسريبات و التصريحات المتداولة أن شركة انستانيلقو تقوم بتصوير عدة أماكن و مؤسسات حساسة و افتعال وثائق مثل جوازات السفر بهدف تسهيل عملية تسفير الإرهابيين إلى سوريا و هنا نتساءل طبعا عن نوعية المعلومات السرية و الخطيرة التي كان العقيد محمد على العروي يمدّ بها القيادات التابعة لحركة النهضة و لعل السؤال الملح اليوم هل تمكنت بعض القيادات الإرهابية من الهرب و منهم أحمد الرويسي باستغلال هذه التسريبات.

أموال قطرية و علاقات بالمخابرات التركية

لعل المثير للانتباه فى موضوع فضيحة هذه الشركة المتعددة الفروع و الأهداف و الخفايا أن مؤسسها المدعو هيثم الكحيلي المنتصب فى تركيا منذ فترة هو إحدى الشباب الناشطين تحت جناح حركة النهضة لكن هناك شبهات جدية  تقول بعلاقته بالمخابرات التركية و أن ما يتلقاه من أموال خيالية هو عنوان حالة تشابك المصالح بين حركة النهضة و هذه أجهزة الاستخبارات التي تنفذ أجندة صهيونية لضرب الاستقرار في تونس.

ماذا تملك المخابرات التونسية من معلومات جدية حول هذا الهارب هيثم الكحيلي و حول ما يعرف بكونه من ساهم في تلميع صورة رئيس الدولة التركية رجب طيب أوردغان أثناء كل الحملات الانتخابية الرئاسية بل ماذا تملك هذه الأجهزة من معلومات حول من مول دراسة الرجل في أرقى الجامعات التركية و حقيقة مصادر التمويل الخيالي الذي يتلقاه من جهات أجنبية.  

أيضا لماذا لم تتعامل الجهات القضائية و الأمنية الرسمية مع هذه “الشركة” رغم مضي أكثر من ثمانية سنوات على بداية نشاطها التآمري التخريبي؟ وهل تخاذلت جهات معينة بالبنك المركزي التونسي في إعلام السلطات بهذا التدفق المالي المثير للشبهات؟ هل استبق هيثم الكحيلي فتح التحقيق بفراره إلى تركيا يوم 26 جويلية 2021 و ماذا تخفى كل المحجوزات المتمثلة في أجهزة الكمبيوتر وغيرها من معلومات خطيرة تتعلق بالأمن القومي؟ هل ستفضي التحقيقات مع مجموعة العملة بهذه المؤسسة المشبوهة إلى كشف بعض الملابسات التي تتعلق بعلاقات المتورطين و بعض الجهات الأجنبية؟

أخطبوط “إعلامي” يعمل على تضليل الرأي العام 

رغم شح المعلومات فقد تبين لبعض الملاحظين أن كشف وزارة الداخلية عن وجود مخطط إرهابي لاغتيال الرئيس قيس سعيد منذ أيام  له علاقة عضوية واضحة بكشف هذه الخلية الاستعلاماتية التضليلية و بتفرعاتها الداخلية و الخارجية و لعله من الثابت أن النهضة قد خسرت هذه المرة دعما قويا  خاصة و أن هذا الأخطبوط “الإعلامي” قد كانت له القدرة على تضليل الرأي العام و ربما التسبب في حرب أهلية و تسهيل تدخل الجماعات الإرهابية المتواجدة منذ فترة على الحدود التونسية الليبية.

لا يمكن أن نستهين بقوة الدعم المالي الذي وفرته بسخاء منقطع النظير جهات أجنبية كان هدفها إسقاط النظام و إرجاع النهضة للحكم متحالفة مع ثلة من العملاء رأيناهم على رأس ما يسمى بجبهة الإنقاذ و لا يمكن للقضاء اليوم أن يجد فرصة مواتية أكثر لتطهير نفسه و التصالح مع الشعب التونسي الذي بات يرى في المنظومة القضائية أحد قوى الردة الكبرى المعادى لما يسمى بالثورة.

كاتب و ناشط سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.