بعد الزوبعة التي أثارها مشروع دستوره السلفي المعروض على استفتاء 25 جويلية من بقي الآن مع الرئيس قيس سعيد سوى ظله و هل يستحق سيادته أن نمنحه رغم كل ما جاء بمشروع الدستور المقترح من هنّات و علل كثيرة صكا انتخابيا حتى في شكل استفتاء على بياض ؟
بقلم أحمد الحباسي
يقول العميد الصادق بلعيد الذي كان يتباهى في مجالسه الخاصة و في إطلالاته الإعلامية بأنه الأب الروحي للدستور الجديد بأن السيد الرئيس قيس سعيد قد استغل حسن نيته واستبدل الرضيع الناشئ بوليد مشوه و خرج به للعموم مدعيا أنه الرضيع الذي تربى بين أحضانه و أحضان السيد العميد المغفل و أن كل اللغط الذي يثيره البعض حول نسب الرضيع ليس إلا لغطا مغرضا من الرافضين للدستور و لما سبقه من المراسيم منذ ليلة 25 جويلية2021 من السنة الماضية.
طبعا و كما يقال من المرسى بدأنا نجدف و من البداية تبين أن مشروع الدستور قد ولد قيصريا و في ظروف و أمكنة غامضة و لم يكن مفاجأة لأحد أن يخرج الرئيس ليلة عيد الأضحى ليستغل الظرف بتطوعه لإصلاح النسخة المشوهة و تلافي ما بها من عورات باتت محل انتقاد و احتجاج القريب و البعيد.
رئيس يجمع في يده كل السلطات و لا يحاسب
في النهاية خرجت النسخة المعدلة أكثر تشوها و بات مشروع الدستور قنبلة انشطارية توشك أن تقسّم الرأي العام بين مناصر و معارض.
بهدوووووء… هناك سؤال جاد و مهم و محتوم البحث له عن إجابة من طرف الناخب : هل تقبل أيها الناخب بدستور يضع الرئيس في مرتبة القديس الذي لا يخطىء و حتى و إن أخطأ أو أجرم أو انتهك الأعراض أو عرض مصالح البلاد للخطر أن لا يوجد بنص مشروع الدستور أية إشارة حتى بالعرض إلى إمكانية مساءلته قضائيا؟ هل تقبل برئيس يجمع في يده كل السلطات و لا يحاسب ؟ هل أنت مستعد لتسليم رقبتك و رقبة أبنائك لرئيس مهما أفرط البعض في مدح حسن نيته؟ هل يمكن التحدث في ظل مشروع الدستور المقترح و الذي اعتبره كل أهل الاختصاص بمن فيهم وعلى رأسهم العميد الصادق بلعيد أسوأ نص “دستوري” عرفته تونس منذ الاستقلال عن استفتاء أم عن مكيدة خبيثة القصد منها استغلال بعض الظروف لتمرير مشروع خطير لا يقل خطورة عن كافة المشاريع التي مررتها حركة النهضة عنوة و خداعا أيام سطوة الشيخ راشد الغنوشى في البرلمان المجمد.
لماذا أصر السيد الرئيس على تمرير مشروع دستور يحصنه من المساءلة و لماذا رفض سيادته الفقرات التي دونتها لجنة العميد الصادق بلعيد التي حسمت بمساءلة الرئيس؟ هل أن هناك غبي واحد يقبل بأن ما فعله الرئيس من فسخ النصوص المتعلقة بواجب مساءلة الرئيس هي مجرد سهو أو خطأ مطبعي أو شيء من قبيل حسن النيّة ؟
قيس سعيد وضع فوق رأسه ريشة
طيب، إذا كان الرئيس يتحدث عن فساد الرئيس الراحل زين العابدين بن على و عن كونه يريد محاسبة الفاسدين حاليا و أن القانون فوق الجميع فلماذا حصّن الرئيس نفسه من المساءلة القضائية و جعل فوق رأسه ريشة كما يقال؟ هل تساس الدول بحسن النية المفترضة أم بالقوانين الناجزة ؟ أليس كل بشر خطّاء فلماذا استثنى سيادة الرئيس نفسه من إمكانية الخطأ خاصة أن هناك من الأخطاء ما يمكن أن يرتقى إلى مرتبة جريمة دولة كما حصل مع حالات الإهمال و اللامسؤولية التي تميزت بها فترة مواجهة جائحة الكورونا و التي أدت إلى وفاة الآلاف نتيجة تقصير الرئيس و الحكومة في كيفية معالجة الأزمة الصحية في الإبان.
من الواضح أن الناخب لن يصوت على مشروع الدستور بل سيصوت على مشروع الرئيس و على رؤية الرئيس و نيته الخفية التي سنرى تنفيذها العلني بمجرد التصويت بنعم على مشروع “الدستور”، هذا ما يظهر من تخوفات العميدين الصادق بلعيد و أمين محفوظ و من تصريحات أكثر من طرف خدعه الرئيس ثم تجاهله و لعل انشقاق السيد أحمد شفتر الذي يعتبره البعض مفتى القصر المبجل يضفى كثيرا من ظلال الشبهات على هذا المشروع المختلف عليه كما يمكن اعتبار صمت منظر البلاط السيد رضا شهاب المكي الملقب برضا لينين في هذه الفترة التي ارتفعت فيها الأصوات المطالبة بمحاكمة الرئيس مثيرا للتساؤل و لكثير من علامات التعجب.
لذلك يجب طرح السؤال : من بقى الآن مع الرئيس سوى ظله و هل يستحق سيادته أن نمنحه رغم كل ما جاء بمشروع الدستور المقترح من هنّات و علل كثيرة صكا انتخابيا حتى في شكل استفتاء على بياض ؟
كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك