الخبير في الاقتصاد والأسواق المالية معز حديدان: “تونس ستسجل مع نهاية سنة 2022 أكبر عجز تجاري في تاريخها ببلوغ مستوى 22 مليار دينار”

توقّع الخبير في الاقتصاد والأسواق المالية، معز حديدان، أن يقدم مجلس ادارة البنك المركزي خلال اجتماعه المرتقب على الترفيع في نسبة الفائدة المديرية البالغة حاليا 7 بالمائة لكبح جماح التضخم لكن الخطوة لن تكون كافية وتتطلب حزمة إجراءات حكومية.

وتعقيبا على صدور أرقام محلية تؤكد ارتفاع التضخم إلى مستوى 6ر8 بالمائة خلال شهر أوت 2022 ومراجعة البنك العالمي لنسبة النمو في تونس قائلا: “إنّ صمت البنك االمركزي التونسي يدل على أن التضخم بدأ في الخروج من اطار السياسة النقدية الى سياسات أوسع تشارك فيها الحكومة”.

وفاقت نسبة التضخم في تونس، خلال شهر اوت 2022، نسبة الفائدة المديرية للبنك مما أفضي الى فارق سلبي بين نسبة الفائدة في السوق النقدية البالغة حاليا 03ر7 بالمائة ونسبة التضخم المقدرة ب6ر8 بالمائة وادى ذلك الى سعر فائدة حقيقي سلبي بنسبة 6ر1 بالمائة، وفق حديدان

وغابت عن الساحة المالية والنقدية، في تونس منذ 10 جوان 2022، بيانات مجلس إدارة البنك المركزي التونسي التي ترسم سياسات البلاد في عدة مسارات وخاصة نسبة الفائدة المديرية في وقت تغيرت فيه المؤشرات المتصلة بالنمو والتضخم مرارا على امتداد الأشهر الأخيرة.

وكان مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، قرر في آخر اجتماع له الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك دون تغيير في مستوى 7 بالمائة. علما وان مجلس إدارة البنك انعقد 5 مرات منذ مطلع 2022.

وشدد حديدان على ان الترفيع في نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي لن يكون كافيا للتحكم في التضخم خاصة وان الاخير ليس تضخما نقديا خاضعا لسياسة البنك المركزي بل ينطوي على تضخم مستورد وعلى مشاكل هيكلية.

وأكد ضرورة التنسيق بين الحكومة والبنك المركزي التونسي لمحاربة التضخم من خلال إرساء سياسات تتصل بالميزان التجاري واجراء إصلاحات هيكلية ومراجعة نظام الأسعار والتعمق في الأسباب التي أدت الى التضخم.

وقال حديدان “إن البنك المركزي فضل سياسة الصمت خاصة وانه لطالما نادى على امتداد الأشهر الماضية بضرورة الاهتمام بمشكلة العجز التجاري وتراجع احتياطي النقد الأجنبي. كما ان صمته يدل على ان التضخم بدأ في الخروج من فلكه وبالتالي ضرورة إقرار اصلاحات عميقة”.

ولم تلق طلبات البنك المركزي والتوصيات المضمنة في اطار بيانات اجتماعات مجلس الادارة “تجاوبا ولم تدفع نحو اي إصلاحات عميقة وهيكلية للاقتصاد” حسب حديدان.

واوصي الخبير بتقوية مناعة الاقتصاد لمجابهة تداعيات الازمات الخارجية من خلال تدعيم اسس الاقتصاد الوطني ودعم القطاع الصناعي وتطويره وتحرير الاسعار.

وبين حديدان، في سياق متصل باحتياطي تونس من العملة الصعبة، والتي تعد من اهم المجالات التي تخضع الى متابعة البنك المركزي، ان العجز التجاري اسهم تآكل هذه الاحتياطيات والتي تسمح في الوقت الحالي بتغطية 115 يوم توريد وتعد بالتالي ضعيفة.

وتوقع حديدان ان تسجل تونس، مع نهاية 2022 ، أكبر عجز تجاري في تاريخها ببلوغ مستوى 22 مليار دينار مما سيؤثر على احتياطي العملة الصعبة والذي لن يكون كافيا لتسديد ديون البلاد بالسوق المالية خلال الفترة الممتدة بين 2023 و2025 .

ولاحظ ان توصل تونس الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي سيتيح رفع احتياطي النقد الأجنبي للبلاد لكنه لن يكون سوى حلا محدودا زمنيا ولن يتيح حلولا جذرية.

وحذّر حديدان في سياق متصل بالنمو الاقتصادي خاصة مع تخفيض البنك الدولي، امس الأربعاء، توقعاته بشان نمو الاقتصاد التونسي الى 2.7 بالمائة لكامل سنة 2022 من دخول البلاد “مرحلة الانكماش”.

وارجع هذه المخاوف الى التحذيرات التي اصدرها البنك الدولي، مؤخرا، بشان الاتحاد الاوروبي الشريك الاساسي لتونس والتي تطرح امكانية انكماش الاقتصاد الاوروبي خلال الاشهر المقلبة.

يشار الى ان محافظ البنك المركزي، مروان العباسي، كتب في المقدمة الخاصة بتقرير نشاط البنك لسنة 2021 الذي نشر بتاريخ 25 أوت 2022 ان تحقيق انتعاشة اقتصادية يتطلب القطع، بأسرع ما يمكن مع حالة الترقب المستمرة لدى السلطات.

واعتبر العباسي أن مرحلة ما بعد كوفيد 19 فترة حاسمة، ومن الضروري أن ترتقي تونس خلالها إلى مستوى أعلى من النمو، وهو هدف لا يمكن أن يتحقق دون إنجاز إصلاحات هيكلية، مع تدارك التأخير الناجم عن عدم الاستقرار السياسي، الذّي اتسم به العقد الماضي.

*وات 

شارك رأيك

Your email address will not be published.