الجزائر : القمة العربية الـ31 في مستنقع الفشل الذريع

تحتضن الجزائر العاصمة القمة العربية الـحادية والثلاثين هذه السنة في الأول من نوفمبر المقبل وسط خلافات حادة بين الدول العربية وتفكّك في النسيج العربي وانهيار جامعة الدول العربية وانتشار الفوضى في بعض دولها إثر الربيع العربي الذي تحول إلى شتاء طويل طويل… (الجزائر تستعد لاحتضان القمة العربية و الشعوب العربية من المحيط ألى الخليج تمر بأسوأ أحوالها).

بقلم فوزي بن يونس بن حديد

تحتضن الجزائر العاصمة القمة العربية الـحادية والثلاثين هذه السنة في الأول من نوفمبر المقبل وسط خلافات حادة بين الدول العربية وتفكّك في النسيج العربي وانهيار جامعة الدول العربية وانتشار الفوضى في بعض دولها إثر الربيع العربي الماضي، وتراجع الحالة الاجتماعية وانكماش الاقتصاد وتشاؤم المواطن العربي ورمي القضية الأمّ في بحر النسيان الأبدي، والتطبيع مع الكيان الصهيوني والحروب المدمرة للبنى التحتية والأرواح الإنسانية وهجرة الكفاءات البشرية ونضوب الموارد الطبيعية، واختلال توازن البيئة وتنامي الكوارث الطبيعية وانتشار الجوع والفقر والبطالة والجهل على مستوى بعض الدول، كل ذلك وغيرها من المشاكل العويصة والمتفاقمة والعميقة على طاولة القمة العربية المقبلة وبين يدي الرؤساء والملوك والأمراء.

الأمة العربية اليوم في أسوأ أحوالها

تعيش الأمة العربية اليوم أسوأ أحوالها، ومظاهر السوء بادية للعيان، حتى بدأت الشعوب العربية تعيش معها اليأس والبؤس والشقاء والتشاؤم من المستقبل أن يكون أسوأ بكثير مما هو عليه اليوم، فالدول العربية مهددة بالانهيار والإفلاس أو هي على الأبواب – وهذا يخص بعض الدول دون غيرها – في ظل هذا التوتر الاقتصادي وتآكل النسيج العربي، والشعب العربي على أبواب الجوع والفقر والبطالة وقد بدأ هذا يتغلغل في بعض الدول نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا مما أجبر الشباب على الهجرة نحو أوروبا ومواجهة قدر الموت الحتمي في صراع مرير مع أمواج البحر العاتية، فبينما تعيش دول نوعًا من الاستقرار السياسي والاقتصادي ابتليت أخرى بالفقر والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، لا يجد فيها المواطن العربي ما يأكل ولا ما يشرب ويموت إما جوعا أو عطشا أو مرضا.

أما القضية الأم التي نسيها العرب ولم تعد ضمن أول اهتماماتهم فهي القضية الفلسطينية حتى اقتنع الشعب الفلسطيني اليوم بأنْ لا فائدة مرجوّة من القمم العربية الواحدة تلو الأخرى، وعلى الفلسطينيين أن يعدّوا العُدّة للدفاع عن أنفسهم بأنفسهم، ولا مجال للسلام مع عدوّ لا يعرف إلا لغة القوة، وها هي المقاومة تثبت يوما بعد يوم أنها قادرة على زعزعة الاستقرار في قلب المعركة مع الكيان الصهيوني ولا أدل على ذلك تلك المواجهات المباشرة مع العدوّ نفسه سواء كانت فردية كالبطل عدي التميمي وغيره أو جماعية كمجموعة عرين الأسود وهي مجموعة ناشئة تضرب العدوّ وتقضّ مضجعه وتربك سياساته وحسابات جيشه بالكامل.

مشاكل ومشاكل كبيرة هي على طاولة القمة العربية المقبلة مع غياب بعض الزعماء العرب وحضور ممثلين عنهم، ومع غياب التنسيق وفتور العلاقات بينهم والخلاف الحادّ بين بعضهم حول مقعد سوريا ورجوعها إلى البيت العربي والخلاف بين الجارتين الجزائر والمغرب وكثير من الملفات الساخنة التي كادت تحرق البيت العربي من أساسه بعد ما يسمى الربيع العربي، غير أنه يمكن لهذا البيت أن يُرمّم إذا توافرت العزيمة والإرادة والقُوّة الكافية لإيجاد تكتّل جديد قادر على بلورة الاتحاد العربي ومواجهة التحدّيات والصّعوبات

لا شيء يدعو إلى التفاؤل

لكن الجرح عميق بل تغلغل كثيرا حتى وصل مرحلة من الصعوبة بمكان أن يُشفى نهائيًّا ولو حتى جزئيًّا، نظرا لعدم كفاءة الدواء الناجع في القضاء على المرض الغائر في وضع صار معقّدا جدا أمام هذه التغيّرات الجمّة وأمام هذا التحول الدراماتيكي في السياسة العربية وفي العلاقات البينية للدول العربية، ولم تعد هناك حاجة لجامعة اسمها جامعة الدول العربية بل ستتفكك طالما استمر الخلاف العربي العربي وبلغ من الشدة بحيث يصعب معها التوافق بأي حال من الأحوال.

ستستقبل الجزائر القمة العربية والعالم العربي في وجع، بل يتألم بشدة، وينزف بشدة، حتى كأنه يترنح على فراش الموت والفناء، ولا أمل له في الحياة، ولا شيء يدعو إلى التفاؤل إلى حدّ الآن سوى ما تعلنه الجزائر أنها مصممة على إنجاحها بكل الوسائل والسبل ولكن كيف ستنجح وهي تفقد كل مقومات النجاح، أعني القمة طبعا لا الدولة، لأن من مقومات نجاحها أن يحضر جميع الزعماء العرب ويعلنون في تحدٍّ كامل تجاوز الخلافات وإجراء الإصلاحات اللازمة لترميم العلاقات، والعمل على بدء حوار جديد جدّيّ يعيد المياه إلى مجاريها ويزيل كل العوائق والعوالق حتى تبدو وكأنها دول خرجت للتوّ من المشاكل التي تؤرقها، حينئذ نستطيع أن نقول إن العرب لهم كلمة وقادرون على صنع مستقبل مشرق لشعوبهم.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.