تونس : سجال في بيت الحكمة حول الدين والغيريّة في السينما

قد تبدو الفنون في الظاهر فسحة خيال للخلاص من أرق الأسئلة، لكنّها في الباطن مخاض أسئلة متجدّدة تستوجب المقاربات المتنوّعة وضروب الإبداعات المختلفة، وفي هذا الإطار يهتم قسم الفنون بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” في سلسلة ورشاته وندواته المتتاليّة بالبعد الفكري لتلك الأعمال الفنيّة مثل عالم السينما.

الفن السابع شكّل مؤخّرا سجالا للمجمعيين والباحثين المهتمين بالشأن السينمائي، حيث نظّم القسم مؤخّرا لقاءين حواريين عنوانهما “الدين والغيريّة في السينما” واكبت نخبة من النقّاد والباحثين والمبدعين فعاليّات الجزء الأوّل من النشاط في مدينة الثقافة، وتابعت تلك النخب وروّاد صفحة المجمع الجزء الثاني من الفعاليّات التي انتظمت في قصر المجمع.

ومثّل فيلم جزيرة الغفران لرضا الباهي منطلقا لسجالات حول “التعايش بين الأنا والآخر”، وعلاقة الخلق الفني بالمحظور، وسبل تفاعل “الفنّان مع المقدّس” وطبيعة فهم المبدع “لسلطة المقدّسات”، والفوارق بين “الآخر والغيريّة”. فهل الغيريّة مختزلة في الآخر بما هو ذات بشريّة؟ أم هي أشمل من ذلك، متضمّنة كلّ قطب تتفاعل معه الذات؟ وهل من حدود بين الأنا والآخر؟ أليس الآخر كامنا في الإنيّة نفسها؟ مثلما تساءل السينمائيّ رضا الباهي في تقديمه لتجربته السينمائيّة، فالدين في الحقل السينمائي يختلف بالضرورة عن الشأن الديني في التجربة العقائديّة كما ورد في مداخلة المخرج والناقد عبد المجيد الجلولي حول القراءة العموديّة في الدين والعقيدة مع الآخر في سينما رضا الباهي، المؤكّد على غياب قدسيّة ما هو ديني في أعماله السينمائيّة.

ويتقاطع مع رضا الباهي في هذا السياق تحليل الأستاذ حمادي بوعبيد الذي ركّز في مداخلته على أبعاد ورموز الغيريّة في أفلام فريد بوغدير ورضا الباهي، تلك التي تجسّد قيم الذات وكونيّة التعايش المشبع بالاختلاف.

صفوة القول تسعى رسالة الخطاب السينمائي وفقا لمداخلات اللقاءين والأسئلة المكثّفة إلى تجذير قيم الحوار بين جميع الذوات خارج دائرة محاكمات التصنيف.

شارك رأيك

Your email address will not be published.