وفاة القاص و الروائي مبروك صالح المناعي نبذة عن حياة الفقيد

ورد علينا بكل أسى خبر وفاة الأديب و المهندس مبروك صالح المناعي، اليوم الخميس 2 فيفري 2023 عن سن تناهز ال80 سنة.

المرحوم مبروك صالح المناعي هو أديب عصامي، عضو في نادي القصة بالوردية وصاحب المؤلفات التالية: دقائق. سنابل. اشعة النهر ، رائحة الأم و مجموعات قصصية. وله روايتان. موزع البريد و ثريا…

و كان قد كتب جلال المخ (النص منشور في صفحة قعفور) عن الفقيد ما يلي:

ولد الأديب مبروك صالح المناعي يوم 08 مارس 1942 بقعفور من ولاية سليانة. درس التعليم الابتدائي بقرية الأخوات من معتمدية قعفور والتعليم الثانوي بمعهد مجاز الباب ثم واصل تعليمه بمعهد الدراسات العليا للشغل.
أمضى مسيرته المهنية بالشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية بمكتب الدراسات بورشات سيدي فتح الله حيث ارتقى إلى رتبة مهندس في البناء بعد أن اشتغل مصمّما في الميكانيك وخطّاطا إلى أن بلغ سنّ التقاعد. انخرط منذ نعومة أظفاره في العمل التنشيطي والثقافي وتحمّل عديد المسؤوليات في عديد المنظمات فكان نائبا عمّاليا بالسكك الحديدية ونشط كثيرا في منظمة التربية والأسرة في فروعها ببن عروس وعمل عضوا باللجنة الاقتصادية والتجارية ببلدية بن عروس لدورة كاملة من 1995 إلى سنة 2000 وعمل كذلك عضوا بهيئة الاتحاد الجهوي للمكفوفين بولاية بن عروس.
أمّا نشاطه الثقافي فمتنوع وثري كذلك فقد انخرط في ﭐتّحاد الكتّاب التونسيين منذ تسعينات القرن الماضي وتحمّل مسؤولية الكتابة العامّة لفرعه ببن عروس في دورته الثانية وهو عضو بنادي القصّة بالوردية وكان يدوّن جلساته وجلسات منتدى القصاصين بـﭑتحاد الكتّاب.
عمل عضوا بهيئة مهرجان بن عروس الصّيفي لعدّة دورات وهو كذلك كاتب عام وعضو مؤسس لجمعية أحبّاء رواق الفنون ببن عروس وعضو بالمؤسسة التونسية لحماية حقوق التأليف وهو من هيئة ومؤسسي الملتقى الوطني للقلم المبدع بدار الثقافة ببن عروس. ووفاء لموطنه تحمّل مسؤولية في هيئة فرع اتحاد الكتّاب التونسيين بالشمال الغربي في سليانة من سنة 2003 إلى 2006. وولعه بالثقافة جعله يشارك في جلّ الأنشطة بولاية بن عروس وخارجها وساهم في عدّة مهرجانات ثقافية وملتقيات أدبية وانتمى إلى لجان تحكيم في مسابقات القصّة وتمّ تكريمه في عدّة مناسبات منها مثلا تكريم نادي إضافات بالمركب الثقافي عليّ بن عيّاد بحمّام الأنف سنة 2007.
هذه الأنشطة المكثفة تدلّ على أنّه مثقف عضوي يؤمن بالعمل الثقافي وينشط في صلب الجمعيات والمؤسسات الثقافيّة التي تنشر الثّقافة وتنير العقول. وهذا لم ينف طبعا الجانب الإبداعي في شخصه فقد كان ومازال يكتب في الصحف التونسية المقالات الأدبية والقراءات والتغطيات والمراسلات.
أمّا كتاباته المنشورة فتنتمي كلّها إلى السّرد بالأساس رغم بعض محاولاته في كتابة الشعر والأغنية والشعر العامّي. وقد صدر له من الكتب مجموعة قصصية بعنوان “دقائق” سنة 1995 عن دار سحر للنشر تلتها مجموعة من الخواطر والأقاصيص والأشعار عنوانها “سنابل” صدرت عن دار الإتحاف سنة 2003. وعن دار الإتحاف كذلك صدرت مجموعته الثالثة بعنوان “أشعّة النّهر” سنة 2006. ثمّ نشر بعد ذلك روايته الأولى بعنوان “موزع البريد” سنة 2014 عن دار البدوي للنشر. وفي الأشهر الأخيرة أي في نهاية سنة 2018 صدرت له مجموعة أخرى عنوانها “رائحة الأمّ” عن دار القلم للنشر والتوزيع.
هذه المدونة الإبداعية المحترمة التي أنجزها على مرّ السنين تدلّ على اختصاصه في الكتابة السردية بأنواعها فقد راوح بين القصّة والخاطرة والرّواية التي له فيها عمل ثان ينتظر النشر عنوانه “ثريّا”…
وقد أثارت كتاباته عديد التفاعلات والتعاليق والمقالات النقدية نحن الآن بصدد جمعها وتبويبها قبل نشرها في كتاب يوثّق لهذه المسيرة الكتابية الطريفة…
وسنورد بعض المقتطفات من بعض هذه الدّراسات تدلّ على أنّه أديب متمرّس بالكتابة منذ انتمائه إلى نادي القصّة وما انفك يحاول تطوير تجربته بشغف كبير وبعمل دقيق ودؤوب.
يقول عليّ سعيد بوزميطة في أحد مقالاته عن مبروك المناعي:
“مبروك صالح المناعي امتطى صهوة السهل الممتنع زاده قلم وآلة تسجيل بالصّورة والصّوت والكلمة فجاءت خواطره ملوّنة زاهية في جمال ربيع “الأخوات” و”قعفور” و”سليانة” دقيقة أمينة أمانة صاحبها، صاحب سنابل قصّاص ماهر يتحيّن الفرص والمواقف اللاّفتة والأحداث الخاصّة فيلتقطها ويعالجها بما أوتي من الصّيغ والأساليب والأدوات اللغوية ويقدّمها للقارئ لوحات جميلة يتفاعل معها كلّ من يطّلع عليها كما لا يفوته اقتباس بعض المأثورات والأقوال والأمثال الشعبية من الحياة اليومية يستعملها في نصوصه ليثري بها خواطره وأقاصيصه…”
وعن كتابه “أشعة النّهر” يقول:
“إن مواضيع مبروك صالح المناعي مختلفة ومتنوّعة وكذلك شخوص قصصه وأمكنتها وأزمنتها فهو يتجوّل بالقارئ من مكان إلى مكان بين الرّيف والمدينة، في الشوارع والأنهج والأزقّة والمسارب، في المتاجر والمقاهي والمحطّات وبيوت الدّعارة يسترسل في التعبير عن معانيه بكلّ إنسانية وبراءة، ويدخل بالقارئ إلى ميادين كم كانت محرّمة أو مسكوتا عنها…”
وعن مجمل قصصه يقول الكاتب بلقاسم بن سعيد:
“إنّ القاصّ أمتعنا على مستوى المضامين بقدرته الخلاّقة على اقتناص مواقف طريفة من واقعنا المحلّي وأبرز لنا ما يتفاعل داخل مجتمعنا من نزعات وسلوكات تحبّب لنا القرب من الناس والالتحام بحياتهم وجعلنا أمام مرايا ذواتنا…”
وعن روايته “موزع البريد” تقول المرحومة الشاعرة نجاة المازني في تقديمها لها:
“إن هذه الرواية عمل تسجيلي وتوثيقي لمرحلة تاريخية بدت بعيدة جدّا بفعل التطوّر الاجتماعي والاقتصادي الذي مسّ المجتمع التونسي. فالقارئ يخرج برصيد محترم من المعلومات الجغرافية عن سليانة وأريافها وبتفاصيل الحياة السياسية والنضالية وأعلامها الذين تناستهم كتب التاريخ، وكذلك الحياة الاجتماعية بكلّ حميميتها وقيمها النبيلة رغم ظروف الفقر وقسوة الحياة الاقتصادية…”.

شارك رأيك

Your email address will not be published.