لقاء مؤسسة التميمي حول مظاهر الفساد في الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية

تنظم مؤسسة عبد الجليل التميمي في إطار سلسلة لقاءات “سمينار الذاكرة الوطنية وتاريخ الزمن الحاضر” لقاء مع السيد عصام الدين الفيتاتي حول الفساد في قطاع السكك الحديدية وخسائر الدولة التونسية و ذلك صباح اليوم يوم السبت 18 فيفري 2023 بمقر المؤسسة بتونس العاصمة.

تقوم السكك الحديدية بدور اقتصادي واجتماعي كبير جدا في حياة التونسيين من خلال نقل المواد الأولية والمنتوجات الفلاحية والأشخاص وكان من المفروض الإستثمار فيها وتطويرها بصفة مستمرة بالنظر لمردوديتها العالية.

خلافا لذلك، يتم اليوم ضرب النقل الحديدي بطريقة ممنهجة وذلك من خلال إعداد صفقات مشبوهة حالت دون تطور الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية، وأغرب صفقة هي صفقة الإتصال بين القطارات وبرج المراقبة التي كلفت الدولة 74 مليون دينارا، علما انه منذ سنة 2008 وإلى حد اليوم هذه المنظومة لا تعمل وقد تعمد البعض التستر عليها. وقد نجم عن ذلك تواتر الحوادث و تدمير ممنهج لأسطول القطارات الكهربائية الجديدة علما و أن قيمة القطار الواحد منها تتجاوز 12 مليون دينارا.

إهدار المال العام

كما أضرت تلك الحوادث الناجمة عن الإهمال والفساد بصورة الشركة وساهمت في إهدار المال العام من خلال شراء قطارات من الصين وهي قطارات ذات حجم صغير لا يتجاوز عدد الركاب فيها 117 راكبا ولا تصلح للسفرات المتعلقة بالخطوط البعيدة الصفقة كانت بقيمة 140 مليون دينارا خصصت لشراء 20 قطارا لم يبق منها منذ التدشين خلال سنة 2012 إلى يومنا هذا إلا قطار واحد فقط.

واليوم تشكو الخطوط البعيدة نقصا في المعدات ونقصا في السفرات وقد أضر ذلك بمداخيل الشركة وموارد ها.

ويتواصل الفساد ليشمل صفقات قطارات الأحواز الجديدة التي وقع تدشينها من طرف رئيس الحكومة حمادي الجبالي والتي قبل استغلالها وقع تفكيكها كليا لتغيير اللوالب غير المتطابقة مع جغرافية السكك الحديدية التونسية ورغم أنها في فترة الضمان وهي عملية مكلفة وأدت إلى تأخير تدشين القطارات.

كما تم أيضا إعداد صفقة مشبوهة تتمثل في شراء عربات مخصصة لنقل الفسفاط بقيمة 53 مليون دينارا بمقاييس عجلات غير متطابقة مع السكك الحديدية، علما ان هذا الملف بين يدي العدالة.

وتجدر الإشارة أن هذه العربات وقع جلبها من المغرب في حين أنها غير مصنوعة في المغرب مما يؤكد شبهة الفساد بالتودد للمغرب وجعلها وسيطا في الصفقة وهذا ما جعلها في كل مرة تنقلب عن السكة ولا تسير بسلامة لأن عملية حذف بعض المليمترات من العجلات هي عملية خاطئة لا تؤمن إصلاح الخطأ. وقد زاد الطينة بلة تلك العملية لأن المقايس الجديدة للعجلات أصبحت لا تتطابق مع السكة وهذا يثبت تصرفات المسؤولين العبثية بالمعدات وبمكاسب الشركة، علما ان تكلفة عملية الصيانة تجاوزت مليون دينارا في حين المسؤولين أكدوا كذبا وبهتانا ان عملية الصيانة كلفت الشركة 10 آلاف دينارا فقط.

الفساد والإهمال والتسيب

ويتواصل شريط الفساد والإهمال والتسيب من خلال إبرام صفقة مشبوهة سنة 2017 لشراء عوارض خشبية بقيمة 3 مليون دينارا وقد ثبت انها مغشوشة لا تصلح بتاتا لاستعمالها في السكك الحديدية ورغم محاولة التستر على هذه الصفقة إلا أن المبلغ عصام الدين فتاتي أصر بكل قوة على كشف من يقفون وراء تلك الصفقة الفاسدة وعلى رأسهم المدير المركزي الذي قام بجلب هذه العوارض التي لا تصلح وهي خسارة زيادة على الحوادث الخطيرة التي تسببت فيها من بينها حادث انقسام قطار الأحواز في مدخل محطة برج السدرية والذي كاد أن يكون سببا في خسائر بشرية كبيرة وأليمة، علما أن قيمة القطار تتجاوز 12 مليون دينارا.

كما لا ننسى مشروع القطار السريع الكارثة الكبرى التي كبدت الدولة التونسية أكثر من 4000 مليون دينارا نظرا لأعمال الغش التي شابت تلك الصفقة التي لم تنته مصائبها إلى حد الآن. كان من المفروض فتح تحقيق قبل التفكير الآن في تدشين ذاك المشروع الذي لم ير النور منذ سنة 2008 إلى حد الآن. فقد تم التستر إلى حد الآن على العيوب الكبيرة لتلك الصفقة والتي لا يمكن تداركها في بعض الأحيان مثل عدم تلاؤم القطار مع مقاييس السكك الجديدة وهذا خطأ فادح ارتكبه بعض أشباه المهندسين الذين يتبين للمشاهد والمدقق في أشغال هذا المشروع أنه يتم الآن بأيادي مبتدئة لبست لها خبرة كافية في مجال السكك الحديدية وقد تم توثيق ذلك من قبل المبلغ عصام الدين فتاتي الذي قدم شكاية في الغرض للنيابة العمومية ليتم طرده فيما بعد نهائيا دون أن يتدخل الرئيس قيس سعيد لفتح تحقيق معمق بهذا الخصوص ودون ان يرد له الاعتبار ويوسمه ويحميه كبطل قومي من أبطال هذا الوطن كما اقتضت ذلك أحكام الفصل 33 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادقت عليها الدولة التونسية بمقتضى القانون عدد 16 لسنة 2008.

هذه عينة صغيرة جدا من مظاهر الفساد التي كشفها عصام الدين فتاتي الذي سوف يكشف لنا من خلال شهادته اليوم الكثير مما يدمي القلوب. كما سيكشف عن الطريقة المبتذلة والخسيسة وغير القانونية التي تم طرده بها في دوس على القانون عدد 10 لسنة 2017 المتعلق بالتبليغ عن الفساد وحماية المبلغين دون أن تحرك رئيسة الحكومة نجلاء بودن والرئيس قيس سعيد ساكنا وهو الحريص على تقفي سيرة الفاروق عمر ابن الخطاب.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.