تونس : هل يصبح دعاة الديموقراطية انقلابيين أو فاسدين ؟ !

لا يجب أن نكون متشائمين بمستقبل العملية السياسية في تونس و لا أقل تفاؤلا بمصير العمل الديموقراطي مهما بلغت حالة الاحتقان السياسي و مهما سال الحبر حول الوضع في بلادنا لأننا داخل حلبة صراع إيديولوجي خطير و فكري و ثقافي و الخوف كل الخوف هو على تصدع النسيج الإجتماعي الوطني ما لم “نمسك الثور من قرنيه” في إشارة إلى ضرورة التحلي بالشجاعة و أن يكون الرأي قبل شجاعة الشجعان أيضا.


بقلم ياسين فرحاتي

إن تواصل الاعتقالات التي طالت المحامي أمين عام حزب الجمهوري عصام الشابي و جوهر بن مبارك أستاذ القانون الدستوري و أحد أبرز قادة جبهة الخلاص و عدد كبير من الفاعلين السياسيين واستئناف محاكمة زعيم حركة النهضة راشد الخريجي الغنوشي مع بقائه في حالة سراح يؤكد مما لا يدع مجالا للشك أن مسار العدالة مصصم إلى الوصول إلى مبتغاه بغض النظر عن مدى صدقية التهم الموجهة إلى أولئك الموقوفين أو المعزولين قضائيا مثل البشير العكرمي و غيره و أعتقد في ظل غياب المعلومات المؤكدة إلى حد الساعة في ظل صمت النيابة العمومية أننا ندخل في حساب الاحتمالات فكل شيء ممكن في السياسة و لا شيء يكون محض الصدفة حيث أن حقل السياسة مليء بالمآمرات و الدسائس و المكائد. و أعتقد أن المسألة تفترض نسبة 50% ان تكون الأمور صحيحة و 50% أن تكون الأمور خاطئة و قد ندخل هنا في باب الشكوك و الظنون التي قد يكون مردها إلى هواجس و مخاوف السلطة الحاكمة.

لا سلطان إلا للقانون و للعقل

و لكن ماذا لو سلمنا حقيقة بوجود مآمرة تستهدف رئيس الجمهورية قيس سعيد شخصيا أو زعزعة أمن البلاد، و هنا أستغرب و استغرابي منطقي و في محله: هل يعقل أو يجوز أن نغير الحكم بطريقة عنيقة غير قانونية و غير دستورية من جماعة تدعي أنها تحاول الدفاع و حماية الديموقراطية ثم هي تتناسى أن الرئيس منتخب بطريقة ديمقراطية لم يأت عن طريق انقلاب وهو رئيس مدني و حسب ما وصل إلى مسامعنا أن البعض ممن زج بهم في السجن أو هم قيد الاعتقال ثمة ملفات قضائية تدين بعضهم و ما زالت الاستجوابات و التثبتات جارية و قد يقع الإفراج عن بعضهم إن تأكدت براءتهم و إن ثبت العكس فيجب أن يحاكموا طبق القانون و لا سلطان إلا للقانون و للعقل و ليس لشريعة الغاب.

في الأثناء تتواصل زيارات رئيس الدولة إلى بعض الؤسسات الوطنية حيث يكتشف فضاعة ما يجري من فساد و استهتار بمصير المواطن مثلما يحدث في قطاع صناعة الأدوية منتهية الصلوحية حيث دعا الرئيس إلى محاسبة هؤلاء و وصفهم بالمجرمين و المفسدين كما استغل الفرصة لانتقاد من يلجؤون إلى منابر أجنية يعتبرها هو معادية لتونس و نذكر بزيارة ممثلة الكونفدرالية الأوروبية الشغيلة و مساندتها للاتحاد العام التونسي ضد ما تراه حملة شعواء ضدها وهو الشيء الذي إعتبرته السلطات التونسية استقواء بالأجنبي و دعتها إلى مغادرة البلاد.

حرب تحرير وطني جديدة

الرئيس إعتبر المرحلة الراهنة في تونس مرحلة “حرب تحرير وطني” و نحن لا نزال في فترة انتقال ديموقراطي منذ ثورة الرابع عشر من جانفي سنة 2011.

في الأثناء تتواصل حيرة الشارع التونسي الذي يبدو منقسما بين مؤيد لحملة الإيقافات و معارض لها و يبقى مطلب العدالة غائبا ناهيك عن العدالة الانتقالية و نتائج عمل هيئة الحقيقة و الكرامة التي تبخرت في السماء تماما مثلما تبخرت أعمال هيئة مكافحة الفساد التي حلها الرئيس قيس سعيد و لا نعرف مصيرها و لا مصير التحقيقات التي قامت بها و تكلفت عشرات ملايين الدينارات على دافعي الضرائب… و ذهب كل ذلك سبهللا…

كاتب من تونس.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.