موكب تأبين وزير الثقافة الأسبق البشير بن سلامة يوم 27 فيفري بالجلاز

تولّى رئيس الدّيوان السيد لسعد سعيّد اليوم الاثنين 27 فيفري 2023 بمقبرة الجلاز بالعاصمة تأبين وزير الثقافة الأسبق والأديب البشير بن سلامة الذي وافاه الأجل المحتوم فجر الأحد 26 فيفري 2023، وذلك بحضور عدد من أفراد عائلة الفقيد والفاعلين في الحقل الثقافي والسياسي.

” نقف اليوم بقلوب خاشعة أمام المصاب الجلل برحيل الأستاذ البشير بن سلامة الوزير الأديب الذي كان خبر وفاته فاجعة حقيقية حلّت بالوسط الثقافي حيث لم يكن الفقيد مجرّد سياسي، ولم تكن الفترة التي تولى فيها وزارة الشؤون الثقافية مرحلة يعبر فيها الإنسان عبور الكرام بل كانت من أخصب الحقب في حياة الثقافة التونسية.
ترك بصمته الخاصة وضخّ دماء جديدة للارتقاء بالقطاع الثقافي بدءا من القوانين التجديدية المطوّرة للحياة الثقافية وانتهاء بما أسّس من منشآت فكانت له بذلك أياد بيضاء على الساحة الفنية والإبداعية وإضافات ما زالت تؤتي أكلها وننهل من معينها.

ولم يكن المرحوم البشير بن سلامة وزير الثقافة الأسبق فقط مسيّرا للشأن الثقافي، بل كان بالإضافة الى ذلك أديبا منتجا للثقافة، ترأس تحرير مجلة الفكر فضلا عن كونه روائيا بارعا ومنظّرا ومترجما للكتب التاريخية وذات الصلة بتاريخ الحركة الوطنية فنافح ودافع عن توجهاته في الكتابة التي كان مركزها الشخصية التونسية التي ألف عنها كتاب “الشخصية التونسية، مقوماتها وخصائصها”، ودارت على مدارها كل كتاباته الإبداعية والفكرية ووسمت مرحلة تسييره للوزارة.

ومن أجل ذلك عمل- رحمه الله- على إنشاء المؤسسات الداعمة لهذا التوجه الوطني على غرار “بيت الحكمة” والمسرح الوطني ومعرض تونس الدولي للكتاب والمعهد العالي للموسيقى والمعهد العالي للفن المسرحي ومهرجان الأغنية التونسية والفرقة الوطنية للموسيقى، فضلا عن المجلات الأدبية والثقافية كمجلة فنون ومجلة مسرح ومجلة الشعر، وقد أوجد لهذه المشاريع مصدرا ماليا يدعمها ويرفدها وهو صندوق التنمية الثقافية إسنادا للمثقفين والمبدعين وارتقاء وتجويدا للعمل الثقافي.

إن تعداد مآثر الفقيد عصية على الحصر، فقد كانت حياته خصبة مليئة بالأعمال وبالإنجازات التي نفعت البلاد والعباد على حدّ سواء، ولقد أكّد الفقيد أن المسؤولية السياسية تكليف وعمل لا تشريف، وهو الذي قدّم لها وشرّفها حيث أثبت كفاءة واقتدارا عاليين في الإدارة الثقافية ورسم التوجّهات والاستراتيجيات المسيّرة للقطاع كما تواصلت أعماله بعد خروجه من الوزارة بالتأليف والإبداع والكتابة فكتب المذكرات واليوميات وترجم وكتب القصة والرّواية حتى فاقت مؤلفاته العشرين كتابا في مختلف صنوف التأليف.

إننا لا نودّع وزيرا ولا كاتبا فقط، بل نودّع مكتبة وروحا وطنية فياضة وإبنا مخلصا من أبناء تونس البررة الذي سيذكر التاريخ عمله وما أنجز.

تغمده الله بواسع رحمته وألهم عائلاته وأحبابه وسائر الأسرة الثقافية والفكرية جميل الصبر والسلوان …
وإنا لله وإنا اليه راجعون.”

شارك رأيك

Your email address will not be published.