تونس : نورالدين الطبوبى و اتحاد الشغل إلى أين ؟

الرفاق حائرون، يتهامسون، يتساءلون في ذهول : نورالدين الطبوبى من يكون ؟ لنكن صرحاء، الاتحاد العام التونسي للشغل لم يعد خيمة الجميع و لا صندوق أسرار الجميع و لا “أحبك يا شعب” التي رددها الزعيم الكبير الراحل فرحات حشاد طيّب الله ثراه،  لم يتبق من الاتحاد إلا الأطلال و بعض العبارات المكررة و صور قيادات تاريخية لا وجه للشبه بينها و بين القائمين على الاتحاد اليوم.

 بقلم أحمد الحباسي

ربما يحاول الأمين العام الحالي أن يستند إلى تاريخ الاتحاد و صولاته و جولاته و ربما يحاول الرجل أن يكون و لو ربع الزعيم فرحات حشاد لكن الظاهر أنها “موش ضابطة” معاه كما يقول الإخوة في لبنان الشقيق و أنه فشل في فرض أسمه بين قائمة أسماء بقية الرفاق الذين فيهم من يحكم بأحكامه و لا يكلف نفسه حتى مجرد الرجوع إليه عند اللزوم. 

يقول المتابعون أن السيد الأمين العام فقير في إنتاج الأفكار المطلوبة لرتق فتق جبة الاتحاد التي هزلت و سامها كل مفلس و غنى بإنتاج المبادرات الميتة سريريا و التي لا يلتفت إليها أحد من الفاعلين السياسيين.

هناك هجوم متعدد الأطراف على الاتحاد العام التونسي للشغل و أمينه العام بالخصوص و هناك اتهامات و إشاعات و ردود أفعال و خطب نارية و ضرب تحت الحزام و نيران صديقة و هناك محاولات جدية تستهدف فيما تستهدف إسقاط القيادة الحالية بعد أن فشلت هذه المساعي إبان الانتخابات المركزية الأخيرة و التي أسالت كثيرا من الحبر و أثارت عديد الشبهات. 

من يجرؤ على فتح مغارة علي بابا ؟

بطبيعة الحال لا أحد يجرؤ على فتح مغارة علي بابا و السؤال عن مصير المليارات المتلتلة المتأتية من الانخراطات العمالية و لا أحد حتى في رأس السلطة قادر على إعلان الحرب على الاتحاد و محاسبة بعض مسؤوليه الذين ظهرت عليهم النعمة و باتوا من أثرياء البلد و باتوا ينفخون في صدورهم غير مبالين بانعكاسات الإضرابات الوحشية التي يشنونها دون حمرة خجل على قواعد الشعب الكريم و على مصير أبنائه كما يحصل منذ فترة مع نقابة التعليم و التي بات المجتمع لا يرى فيها إلا مجموعة من عبدة المال الذين فقدوا كل ما يربطهم بالمصلحة العامة و بالسلم الاجتماعية و التآزر زمن الضيق.

يريد الأمين العام لاتحاد الشغل السيد نورالدين الطبوبي أن يفتح شباك الحوار مع سلطة السيد الرئيس قيس سعيد المتمترس وراء اللاءات الثلاثة : لا صلح، لا استسلام، لا تفاوض.

يريد الرجل أيضا أن يظهر للجميع بأنه الخيط الناظم  للحوار الوطني الذي جعل منه سببا لجمع “الرباعي” القديم صاحب جائزة نوبل للسلام زمن الرئيس الراحل الباجى قائد السبسى كما يطرح “سى نورالدين” كما يناديه المقربون منه نفسه البوصلة التي يجب أن يلتف حولها هؤلاء المختلفون على الكعكة كما يصفهم النائب السابق السيد إبراهيم القصّاص و الذي بات أغلبهم رهيني السجن المدني بالمرناقية تلاحقهم تهم خطيرة تتعلق بأمن الدولة يمكن أن تشكل الأحكام المنتظرة فيها نهايتهم السياسية.

بطبيعة الحال فشلت كل مبادرات “سى نورالدين” و لم يكلف السيد الرئيس نفسه حتى مجرد محاورة مطلقها أو التعرض إليها بالسلب أو الإيجاب في إحدى إطلالاته التي باتت تعدّ على الأصابع خاصة بعد أن خرجت كثير من الشائعات المغرضة و اللئيمة حول صحته.

لا يزال البعض يتذكر تصريح السيد نورالدين الطبوبي و الذي وعد فيه بأن  تكون سنة 2019 سنة الصدق مع الشعب و لا يزال البعض لا يصدق أن فترة رئاسة الرجل للاتحاد قد كانت من أسوأ الفترات التي عاشها الاتحاد و التي تميزت بصدور اتهامات متواترة حول استشراء الفساد فى هذه المؤسسة العريقة و خروج بعض النقابات عن السيطرة و وجود تحالف بين بعض القيادات النقابية مع مافيا التعليم و مافيا الأدوية على وجه الذكر لا الحصر فعن أي صدق يتحدث سيادة الأمين العام الذي تتصاعد موجات معارضته خاصة بعد أن أصرت نقابة التعليم على تبذير وقت التلاميذ من أجل غايات انتهازية ضيقة  تؤكد مرة أخرى أن هذه النقابات لا ترى في هذا الوطن المنهك إلا مجرد بقرة حلوب.

لقد انتظر الكثيرون من السيد الأمين العام موقفا واحد موحدا تجاه الأزمة التي تعصف بأركان الدولة لكنه أصر على تلك التصريحات المتلونة و التي يعلم الجميع أنها غير مناسبة لواقع الحال.

ربما لم يفهم السيد الأمين العام و كيف له أن يفهم و هو محاط بقيادات التناقضات و مريدي المعارك الدونكيشوتية أن فتح معركة طاحنة مع الحزب الدستوري الحر ستجعله يفقد الكثير من قواعده و ينهار البنيان المهدد بالسقوط لذلك يمكن التأكيد أن هذه المواجهة التي يؤكد البعض أنها بدأت ستكون عواقبها وخيمة على الاتحاد نتيجة السياسة العقيمة التي يتبعها السيد نورالدين الطبوبي.

كاتب و ناشط سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.