البصمة المائية لإنتاج حليب الأبقار في تونس

النتائج الأولية لدراسة أولى من نوعها في تونس تم تقدير كميات البصمة المائية أو المياه اللازمة لإنتاج لتر واحد من حليب الأبقار في العديد من مزارع الألبان بولاية جندوبة بالشمال الغربي التونسي بمعدل 85 لترا من الماء (بين 68 و112 لترا من الماء لكل لتر من الحليب) مقابل بصمة مائية للحليب في فرنسا تقدر بين 17 و64 لترا من الماء لكل لتر من الحليب المنتج.

بقلم د. المعز العيادي

تعرف البصمة المائية على أنها الحجم الكلي للمياه العذبة اللازمة للمنتوجات الحيوانية. حيث تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

(i) البصمة المائية الزرقاء ومصدرها مياه جوفية او سطحية. حيث أن لها العديد من الاستخدامات في مزارع تربية الماشية، مثل شرب الأبقار، تنظيف المعدات والإسطبل وتبريد الحليب والحيوانات. وتعتبر المياه الموجودة في الأغذية المنتجة في المزرعة مياه الزرقاء،

(ii) البصمة المائية الخضراء وهي في الأغلب مياه الأمطار والتي تستخدم مباشرة لإنتاج المحاصيل المخصصة لتغذية الحيوانات أو تنمية الثروة الحيوانية من خلال المراعي الطبيعية و

(iii) البصمة المائية الرمادية وهي تشير بصفة عامة الى التلوث وتعرف بانها حجم المياه العذبة المطلوبة لا ستعاب حمول الملوثات الناتجة عن عملية إنتاج. وهناك العديد من العوامل التي تضخم البصمة المائية الرمادية مثل الجريان السطحي للملوثات من الأسمدة العضوية وغير العضوية في إنتاج المحاصيل المخصصة لتغذية الحيوانات وغسل معدات ومكنة الحلب.

ولتقدير كميات المياه اللازمة للمنتوجات الحيوانية، هناك طرق تقييم ذات طبيعة مختلفة، والتي تعطي نتائج مختلفة. ففي عام 2018 تم اقتراح طريقة لحساب البصمة المائية حيث يتألف من حساب كميات المياه المستخدمة من قبل نظام الإنتاج وضرب الرقم الذي تم الحصول عليه بواسطة عامل (Facteur) يقدر التأثير على البيئة.

هذا المعامل (Coefficient) يجعل من الممكن وزن حجم المياه المستهلكة، اعتمادا على المنطقة. مثلا، استهلاك 1 لتر من الماء ليس له نفس التأثير على البيئة في أوروبا أو إفريقيا. ويجب أن تعكس البصمة المائية للمنتج هذه الاختلافات في التأثيرات اعتمادا على المنطقة الجغرافية. وبالتالي فإن الحساب يتجاوز الحجم البسيط للمياه المحتملة المستخدمة.

إن تقدير كميات المياه اللازمة لإنتاج لتر واحد من الحليب يجب أن تتوافق مع معيار ISO 14046 المحدد في 2014. حيث أن حساب البصمة المائية يجب أن يأخذ في الاعتبار التأثير على البيئة، أي التأثير الذي يمكن أن تحدثه كميات المياه المسحوبة على البيئة.

ففي دراسة أولى من نوعها في تونس تم تقدير كميات المياه اللازمة لإنتاج لتر واحد من حليب الأبقار في العديد من مزارع الألبان بولاية جندوبة بالشمال الغربي التونسي في سنة 2021. وتتكون طريقة دراسة الاحتياجات المائية لإنتاج الحليب من :

(i)- مراقبة استخدام المياه في المزارع المختلفة مثل مياه هطول الأمطار والمياه السطحية والمياه الجوفية والمياه الافتراضية (المياه المستخدمة لإنتاج العلف المركب)

(ii)- اتباع المسارات الفنية للمنتوجات العلفية المخصصة لتغذية الحيوانات (التسميد، مراقبة الصحة النباتية…)

(iii)- تتبع إنتاج الأعلاف (معدل القص والكميات المحصودة). حيث سيتم حساب الحجم (م 3 / هكتار) وأصل المياه (هطول الأمطار والمياه الجوفية والمياه السطحية) لكل محصول علفي. وقد تم تقييم تغذية الأبقار حسب مراحل الإنتاج. وبناء على الأداء الحيواني للماشية، تم تحديد الاستخدام السنوي للمياه لكل بقرة (إجمالي الماء لكل لتر من الحليب، م 3).

أظهرت النتائج الأولية لهذا البحث أنه في سياق مناخ شبه جاف (أقل من 500 ملم من الأمطار السنوية في المتوسط)، تستخدم تربية الأبقار الحلوب مياه الأمطار، والتي تغطي 28٪ من إجمالي احتياجات إنتاج الحليب. وبالمقارنة، فإن استخدام “المياه الافتراضية” أكبر من استخدام مياه الأمطار (44٪ من إجمالي الاحتياجات). وقد قدرت البصمة المائية للتر واحد من حليب الأبقار المنتج بمعدل 85 لترا من الماء (بين 68 و112 لترا من الماء لكل لتر من الحليب)، حيث لم يتم تضمين مياه الأمطار في الحساب. ففي فرنسا مثلا، تتراوح البصمة المائية للحليب بين 17 و64 لترا من الماء لكل لتر من الحليب المنتج. حيث أن البصمة المائية، تختلف بشكل كبير اعتمادا على نظام الإنتاج (مكثف أو غير مكثف) والمنطقة الجغرافية.

إن تقدير كميات المياه اللازمة للمنتجات الحيوانية (حليب ولحم) ستساعدنا على فهم الدور المستقبلي لتربية الماشية في المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي بالإضافة إلى إمكانيات التدخلات. حيث يجب أن تكون الموارد المائية في صميم تنمية تربية الماشية في تونس، وبالتالي يجب دمجها بالكامل في الأفكار والتوجهات حول الإدارة المستدامة لقطاع المياه.

أستاذ محاضر في الإنتاج الحيواني – المعهـد العـالي للبيتكنولــوجيا بباجة – جــامعـة جنــدوبـة – تونس – خبير متعاون لـدى منظّمة الأغذية والزراعـة (FAO).

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.