جمعية : “النظام التونسي يعصف بحرية التعبير والفعل السياسي”

اللجنة من اجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس اصدرت البيان التالي يوم الإثنين 5 فيفري 2024، تطالب فيه بإطلاق سراح “السجناء السياسيين” رشاد طنبورة و عبير موسي و راشد الغنوشي و ترى أن “النظام التونسي يعصف بحرية التعبير والفعل السياسي”.

لا يكتفي الرئيس قيس سعيد بتصفية خصومه السياسيين عبر استعمال القضاء في افتعال قضايا خطيرة، تكون مفبركة وأحيانا سيئة الإخراج، ليرمي بهم في غياهب السجون لشهور، وربما لسنوات، دون محاكمات، بل هو يصادر أيضا كل فكر مستقل وتعبير حر وعمل إبداعي، حيث يتحوّل مجرّد رسم جداري ناقد لمواقف رئاسية سابقة إلى جريمة خطيرة.

الشاب رشاد طمبورة، طالب بجامعة الخط العربي بتونس، أوقف في شهر جويلية الماضي بسبب رسم  كاريكتوري انتقد موقف قيس سعيد العنصري تجاه الأفارقة من جنوب الصحراء، وهو موقف انتقدته كل القوى المناهضة للعنصرية، لتوجه له تهمة “ارتكاب أمر موحش تجاه رئيس الجمهورية” و”نسبة أمور غير صحيحة بهدف التشهير”، وذلك على معنى الفصل 67 من مجلة الإجراءات الجزائية، ويحاكم بسنتين سجنا ابتدائيا ثم يثبت الحكم في الاستئنائي.

وكذلك الأمر بالنسبة للسياسيين الموجودين أغلبهم بالسجون، فما ان يظهر بصيص أمل في إمكانية سراحهم، حتى تفتعل قضايا جديدة من أجل إسكاتهم نهائيا.

السيدة عبير موسي، الموقوفة منذ شهر أكتوبر الماضي، والتي وجهت لها تهم جزائية خطيرة بسبب محاولتها تقديم تظلم لرئيس الجمهورية، وبعد ان قرر عميد قضاة التحقيق، أخيرا، إحالتها على المجلس الجناحي بالمحكمة الابتدائية بتونس، مما يعني تخفيف الحكم وحتى امكانية إطلاق سراحها، تثار ضدها قضية أخرى على معنى المرسوم 54، وهو السيف المسلط على رقاب الشعب و الذي تستعمله السلطة لتقويض حرية التعبير والديمقراطية.

وكذلك الشأن بالنسبة للسيد راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، الذي اصدرت في حقه الدائرة المختصة في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس حكما بثلاث سنوات سجنا مع النفاذ العاجل، بتهمة تلقي تمويل أجنبي، ومن المعلوم ان هذا الحكم الثاني الصادر في حق السيد الغنوشي الموجود حاليا بالسجن، تنفيذا لحكم صادر في ماي الماضي، بتهمة التحريض على امن الدولة، وذلك على خلفية شكوى تقدمت بها إحدى النقابات الأمنية.

ما يمكن استخلاصه من المحاكمات الأخيرة هو ان قيس سعيد يمضي في مشروعه الاستبدادي ويدعمه أكثر كلما ازداد تمكنه من السلطة وكلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية، خاصة بعد فشل كل المواعيد الانتخابية التي وقعت بعد 25 جويلية 2021، والتي لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 12 بالمائة، مما يعني فشل مشروعه السياسي “الشعبي” الذي بشر به.

ان اللجنة من اجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، التي سبق وان نددت بكل الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبها النظام التونسي :
– تطالب بإطلاق سراح الشاب رشاد طمبورة والسيدة عبير موسي والسيد راشد الغنوشي وكل المساجين السياسيين، وتدعو الى محاكمات عادلة تتوفر فيها الضمانات القانونية وتحترم فيها استقلالية السلطة القضائية،

– تعبر عن مساندتها لحرية التعبير و لحق كل القوى السياسية دون استثناء في الممارسة السياسية السلمية،

– تعتبر ان كل المحاكمات السياسية وتلك التي تستهدف حرية التعبير التي وقعت في السنوات الأخيرة، خلال انفراد السيد قيس سعيد بالسلطة، تفتقر الى أسس المحاكمة العادلة بسبب التدخل المستمر في القضاء وتهديد القضاة الذين يعيشون يوميا الخشية من الإعفاء والعزل، بعد ضرب جل هياكلهم المنتخبة وإعفاء العديد منهم بسبب رفضهم تعليمات السلطة السياسية،

– تدعو  كل القوى السياسية والمدنية، مجددا، الى تجاوز خلافاتها المفتعلة والتكاتف والتآزر، من أجل عودة الحياة الديمقراطية في تونس،

– كما تتوجه بنداء عاجل الى القوى المحبة للديمقراطية والحرية في المنطقة والعالم، ان تنتبه الى المخاطر التي تواجهها الديمقراطية في تونس، المهددة بتصحر سياسي كامل ونظام استبدادي قد يستمر لعقود، مع ما يخلفه ذلك من مخاطر لا على تونس فقط، بل على كل المنطقة.

بيان.

شارك رأيك

Your email address will not be published.