“سيرة المهجرين بين الأسماء” : رحلة اغتراب طفلين بين الهويات

“سيرة المهجرين بين الأسماء” هي كما يشير له العنوان سيرة ذاتية لكل من الكاتبين عبد الرحيم ناصف و مصطفى استيتو و قد صدر الكتاب عن دار وشمة للنشر وهو من الحجم المتوسط و يضم 135 صفحة.

بقلم مريم مرايحي

عبد الرحيم ناصف ومصطفى استيتو هما من أبناء الخيرية ة(دار الأيتام) اللذين أرادا رواية ما حدث لهما في ذلك المكان بذاكرة طفلين عاشا مهجرين بين الأسماء.

لا أعتقد أنه يمكن اختيار عنوان أخر لهذه الرواية فهذا العنوان يعد الأكثر تعبيرا عن كل ما سيكتشفه القارئ متصفحا صفحات الكتاب بنهم شديد لما تحمله من تشويق وسلاسة في سرد قصة طفلين عاشا في اغتراب هوية وتهجير طيلة حياتهم في دار الخيرية.

التهجير وليس الهجرة

لم يكن استعمال مصطلح” التهجير” اعتباطيا فقد تكرر عديد المرات في السيرة الذاتية كنوع من التأكيد على كم الوجع الكامن وراء هذا المصطلح فالتهجير هو الترحيل أي النفي ونعني به الهجرة الاجبارية التي تتم عادة بسبب الحروب أو الاحتلال.

تتمحور القصة أساسا في سرد قصة حياة طفلين داخل دار الخيرية في فترة أواخر السبعينات وبداية الثمانينات ورحلتهم بين أسماء فرضت عليهم وتغيرت عديد المرات غصبا عنهم.

قصة اغتراب وغربة داخل الوطن

يسرد الكتاب حكاوي هذه الفئة (فهما يمثلان الجميع هناك) و معانتهم و ما كانوا يتعرضون له من ظلم واتتهاك وإهانة ( طريقة العقاب: الفلقة وغيرها) و شعورهم بالذل عندما يأتي شخص ما ليقوم بإجاراءات تبني طفل منهم (يتعرض الطفل للتفحص وكأنه دمية معروضة للإيجار).

يعري الكتاب ما يحصل وراء أسوار دور الأيتام من ظلم وتجريد من الإنسانية تبدأ بتحويلهم إلى أرقام واختيار أسمائهم وتغييرها غصبا عنهم.

افتتح الكتاب بمقدمة لمصطفى حيران عنوانها “مقدمة لسيرة غير عادية” وفي ذلك إيحاء لما سيحمله الكتاب من أحداث لا تشبه الا نفسها. حيث أبدى كاتب المقدمة انبهاره بعمق هذه السيرة الذاتية وتميزها عن غيرها من النصوص المكتوبة عن هذه الفئة التي نبذها المجتمع والدولة وبقيت مهجرة ومجهولة الهوية.

وقدم الكتاب بطريقة سلسلة وأسلوب تشويقي يشد القارئ ويجعله يطوق إلى الغوص في عمق هذا النص الثري.

ينقسم النص إلى فصلين أساسيين أو إلى حكايتين داخل حكاية. فيبدأ بقص حكاية ولد الدار عبد الرحيم ناصف الذي روى قصته على لسان الراوي فأصبح هو بطل قصته وهنا نحن بصدد التطرق إلى استعمال البيوغرافيا كأسلوب كتابة يسرد حكاية شخص ما (عادة ما يكون صاحب تأثير ما)  وعلاقته بمحيطة وبالأحداث التاريخية والاجتماعية المحيطة به.

ثم يظهر البطل الثاني أو ذاكرة اللسان الآخر مصطفى استيتو الذي استهل قصته بالتعريف بنفسه على لسانه ثم سلم نفسه للراوي ليكمل عنه بقية القصة بإعتماد ذات الأسلوب.

تختم السيرة الذاتية بملحق للدكتور يوسف اخليص عنوانه “البيوغرافيا وكتابة تاريخ المهمشين” يعرف من خلاله “البيوغرافيا” بشكل مفصل ودورها في تقديم المادة الإخبارية الهامة وكيف يصبح المتحدث عنه في “البيوغرافيا” بطلا يوثر في مجتمعه وحتى في التاريخ متطرقا الى مفهوم البطل بشكل معمق.

كما قام ببحث صغير عن دور الأيتام (الدار الكبيرة)  وخاصة خيرية عن الشق (مكان الأحداث)، تاريخ تأسيسها واهم المحطات التارخية التي مرت بها. وهي معلومات تساعد على فهم إطار السيرة الذاتية الروائية,

شارك رأيك

Your email address will not be published.