توجه رضا الشكندالي الأستاذ الجامعي المختص في علم الاقتصاد الى أصدقائه و خاصة منهم الاعلاميين بمادة مبسطة حول مشروع قانون المالية لسنة 2026 لتيسير فهمها و ليتسنى لهم ابلاغها بالأرقام الصحيحة للرأي العام.

“أصدقائي الأعزاء وخاصة منهم الصحفيين الأجلاء، هدية مني إليكم حتى يتسنى لكم الفهم السهل لمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 وتقديمها بالأرقام الصحيحة : جدول يفصل مصادر تمويل الميزانية وتوزيعها حسب الأبواب المهمة وكذلك الفوارق مقارنة بميزانية الدولة لسنة 2025”.
…………………………..
و سبق للخبير ان كتب ما يلي حول مشروع ميزانية الدولةلسنة 2026 :
- ميزانية الدولة لسنة 2026 تقدّر بحوالي 79.6 مليار دينار أي بزيادة 3 مليار دينار مقارنة بميزانية الدولة لسنة 2025 (76.6 مليار دينار).
- تموّل ميزانية الدولة لسنة 2026 وهي 79.6 مليار دينار من :
أ. الموارد الجبائية بمبلغ 47.8 مليار دينار أي بزيادة تقدّر 3.3 مليار دينار كاملة مقارنة بسنة 2025 (44.5 مليار دينار) وبالتالي لا يمكن أن يكون قانون المالية لسنة 2026 إلأ قانون جباية بامتياز بما أن الزيادة في الجباية فاقت الزيادة الجملية للميزانية.
ب. الموارد غير الجبائية بمبلغ 4.8 مليار دينار أي بزيادة تقدّر ب 200 مليون دينار مقارنة بسنة 2025 (4.6 مليار دينار)
ت. موارد الاقتراض الداخلي بمبلغ 19.9 مليار دينار أي بتراجع ب 3.8 مليار دينار مقارنة بسنة 2025 (22.9 مليار دينار) والتي فاقت ما رصد في قانون المالية لسنة 2025 (21.9 مليار دينار) وهو ما يؤكد ما قلته في عديد المناسبات أن سياسة الاعتماد على الذات بمفهومها الضيّق والمقتصر على التوجّه الى التمويل الداخلي عوضا عن التمويل الخارجي ليس اختيارا بل كان اضطرارا بعد قصور الحكومة على تعبئة الموارد الخارجية المرصودة في ميزانية الدولة لسنة 2025 والسياسات الاقتصادية لا تبنى على الاضطرار بل على الاختيار.
ت. فالفعل، فقد رصدت الحكومة في ميزانية الدولة لسنة 2025، 6.1 مليار دينار كموارد اقتراض خارجي لكنها كالعادة لم تتمكن من تعبئة إلا 4.4 مليار دينار فتوجّهت الى تدارك هذا النقص بالترفيع في الاقتراض الداخلي، وبالتالي لم يكن الخيار هو التوجه الى الاقتراض الداخلي تجسيما لسياسة الاعتماد على الذات، بل كان هذا التوجه، منذ أن أعلن شعارا لحكومات ما بعد 2022، اضطرارا اتبعته الحكومة بعد الصعوبات الكبيرو التي واجهتها في تعبئة الموارد الخارجية من الاقتراض الحارجي ولكم في ميزانية الدولة لسنة 2024 لما رصدت الحكومة مبلغا مهما وهو 16,4 مليار دينار لمنها لم تتمكن من تعبئة إلا مبلغ زهيد جدا وهو 3.5 مليار دينار فقط.
ث. وبالرغم من ذلك واصلت الحكومة هذه المرة كذلك، في ميزانية الدولة لسنة 2026 في نفس منهج الإضطرار وضاعفت مبلغ الاقتراض الخارجي من 4.6 مليار دينار في ميزانية الدولة لسنة 2025 الى 6.8 مليار دينار في ميزانية الدولة لسنة 2026 أي بزيادة تقدّر ب 2.4 مليار دينار مقابل التراجع في مبلغ الاقتراض الداخلي ب 3.8 مليار دينار، وهو ما يفسّر بكل وضوح غياب الرؤية الاقتصادية والمالية للدولة وأن سياسة الاعتماد على الذات ما هو إلا شعار أو رغبة أعلنها رئيس الجمهورية وفشلت الحكومة في تنزيلها على أرض الواقع، فالحكومة لم تختر التوجه الى الاقتراض الداخلي، فهي قلّصت في المبلغ المرصود له في ميزانية الدولة لسنة 2026 وضافت مبلغ الاقتراض الخارجي، وكأنها غير مقتنعة بالتوجّه نحو سياسة الاعتماد على الذات، بمفهومها المنحصر نحو التوجه نحو الاقتراض الداخلي عوضا عن الاقتراض الخارجي، لكنها ستصتدم كالعادة بعدم قدرتها على تعبئة حتى هذا المبلغ الهزيل من الاقتراض الخارجي وستضطر كالعادة الى الترفيع في مبلغ الاقتراض الداخلي. وبالتالي فإن سياسة الاعتماد على الذات لا تمثّل اختيارا للحكومة بل اضطرارا لها نتيجة عدم قدرتها على تعبئة مبلغ الاقتراض الخارجي المرصود في ميزانيتها.
ج. يبقى من 79.6 مليار دينار كميزانية الدولة لسنة 2026، مبلغا ب 1.2 مليار دينار لم تحدد الحكومة مصدره الحقيقي وبوبته كموارد أخرى بزيادة ب 1 مليار دينار كاملة مقارنة بميزانية الدولة لسنة 2025 ( 200 مليون دينار). - على مستوى النفقات، ستتوجه الحكومة في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، نحو :
أ. التقليص في الدعم ب 400 مليون دينار أي من 10.2 مليار دينار في ميزانية الدولة لسنة 2025 الى 9.8 مليار دينار لسنة 2026 وبذلك تقلّص في نسبة الدعم من الناتج من 5.9 في المائة خلال سنة 2025 الى 5.2 في المائة خلال السنة المقبلة. هذا التقدم في تحقيق هذه النسبة، إصلاح لم توفره الحكومات السابقة لسنة 2020 وهو هدف لطالما طالب به صندوق النقد الدولي في مفاوضاته مع تونس، وهو قد أصبح حقيقة مع هذه الحكومة.
ب. خلال سنة 2026 ستشهد الحكومة نوعا من الأريحية في تسديد الديون حيث تراجع مبلغ تسديد الديون الداخلية ب 800 مليون دينار مقارنة بسنة 2025 (13.5 مليار دينار مقابل 14.3 مليار دينار في سنة 2025) ومبلغ الديون الخارجية ب700 مليون دينار (9.5 مليار دينار مقابل 10.2 مليار دينار في ميزانية الدولة لسنة 2025).
ت. لكن في المقابل سيرتفع المبلغ الموجه للأجور ب 900 مليون دينار (25.3 مليار دينار مقابل 24.4 مليار دينار في ميزانية الدولة لسنة 2025) نظرا للانتدابات المبرمجة لأكثر من 51 ألف انتداب في القطاع العام.
وبالرغم من هذا الارتفاع في مبلغ الأجور، فإن نسبة الأجور من الناتج ستتقلّص من 14.2 في المائة خلال سنة 2025 الى 13.3 في المائة في ميزانية الدولة لسنة 2026، وبالتالي أصبحت قريبة من الهدف الذي حدده صندوق النقد الدولي، وهو 12 في المائة وهذا يؤكّد حرص الحكومة على بلوغ الأهداف التي حددها صندوق النقد الدولي، إذ مهدت الطريق نحو تفاوض ناجح مع الصندوق لإمكانية الاقتراض منه بنسبة فائدة ضعيفة.
ث. الزيادة الأهم في ميزانية الدولة لسنة 2026 تخص نفقات التنمية ب1.1 مليار دينار مقارنة بالسنة الماضية (6.5 مليار دينار مقابل 5.4 مليار دينار في ميزانية الدولة لسنة 2025). يعتبر هذا التوجه توجّها محمودا بشرط أن تكون الحكومة قادرة على تنفيذ ذلك وهذا لم نلاحظه من خلال نتائج تنفيذ ميزانية الدولة الى موفى أوت 2025 حيث كانت نسبة إنجاز المشاريع العمومية ضعيفة للغاية ولم تتعدى 45 في المائة. الشرط الثاني أن توجه أغلب مبلغ الاقتراض المباشر من البنك المركزي نحو تمويل هذه النفقات عوضا عن تمويل النفقات الاستهلاكية للدولة”.
Zora
الماضية (6.5 مليار دينار مقابل 5.4 مليار دينار في ميزانية الدولة لسنة 2025). يعتبر هذا التوجه توجّها محمودا بشرط أن تكون الحكومة قادرة على تنفيذ ذلك وهذا لم نلاحظه من خلال نتائج تنفيذ ميزانية الدولة الى موفى أوت 2025 حيث كانت نسبة إنجاز المشاريع العمومية ضعيفة للغاية ولم تتعدى 45 في المائة. الشرط الثاني أن توجه أغلب مبلغ الاقتراض المباشر من البنك المركزي نحو تمويل هذه النفقات عوضا عن تمويل النفقات الاستهلاكية للدولة”.



شارك رأيك