أحاول جاهدا متابعة قضية إغتيال الشهيدين شكري بلعيد و محمد براهمي رحمهما الله منذ سنين. و تابعت كل مداخلات هيئة الدفاع و كذلك كل الردود سواء من الهيآت القضائية أو من قيادات حزب النهضة و أعتقد أن لي معرفة بهذا الملف و تشعباته العديدة. معرفة لا ترتقي إلى دقة العارفين و لا إلى كفاءة أهل القضاء و لكنها معرفة كافية لكي أتكلم في الموضوع.
بقلم فوزي بن عبد الرحمان *
ما جاء على لسان هيئة الدفاع في الندوة الصحفية ليوم الأربعاء 30 جوان 2021 بناء على تقرير تفقدية وزارة العدل (حول التجاوزات الخطيرة التي قام بها قاضي التحقيق ثم وكيل الجمهورية العام البشير العكرمي الذي كلف بهذين الملفين لمدة سنوات عديدة – هيئة التحرير) ليس إلا قصة خيانة للوطن يقوم بها بعض القضاة في أعلى المراتب وهي خيانة لمهنتهم و خيانة لنزاهتهم و قسمهم. و هي خيانة تتعدى مستوى مجلس تأديبي قطاعي (و فئوي كما مورس إلى اليوم) لتكون محكمة خيانة دولة و شعب و تواطئ مع الإرهاب. أنا لا أحلم فهذه المحاكمة لن تقع في ظل النظام القائم.
ما جاء في الندوة الصحفية يثبت ما قاله منا العديدون أن قضاءنا مريض بقضاته و بدكاكينه الحزبية و مريض بمجلسه الأعلى الذي لم يستطع الإرتقاء إلى مستوى اللحظة التي أهدته استقلالية لم يكن يحلم بها و لكنها بقيت نصا لأن بعض القضاة خيروا “العبودية الطوعية”. و ما جاء يأتي مكملا لما صرحت به القاضية روضة القرافي بحديثها عن فساد الرئيس الأول لمحكمة التعقيب (القاضي الطيب راشد وهو في نفس الوقت عضو المجلس الأعلى للقضاء – هيئة التحرير) و الذي لا يزال بالرغم من الشبهات حوله يشتغل و يقرر و يسير.
و ما جاء على لسان الأستاذ رداوي من أن وكيل الجمهورية السابق (البشير العكرمي – هيئة التحرير) هدد مجلس القضاء العدلي بفضح ما لديه من ملفات فساد لبعض أعضائه لا يزيدنا إلا قناعة على أن القضاء التونسي لن يصلح من الداخل… و من فضلكم لا تتكلموا على شرفاء القضاة… فإننا لم نرهم بعد.
ما جاء في الندوة الصحفية لهيئة الدفاع في قضية التقرير و كيفية تعامل رئيس الحكومة (هشام المشيشي – هيئة التحرير) لإقالة الوزير السابق للعدل (محمد بوستة الذي حرك تقرير التفقدية – هيئة التحرير) و كيفية تعامل الوزيرة بالنيابة الحالية (حسناء بن سليمان – هيئة التحرير) لا يستحق أقل من استقالتهما (أي المشيشي و بن سليمان – هيئة التحرير).
و هي لن تأتي طبعا فمفاهيم الشرف الأخلاقي لا تدخل في الممارسة السياسية بل بالعكس.
طالبنا كمواطنين بحقنا في قراءة التقرير و سننتظر نشره من طرف الهيأة و سنشجع الجميع على قراءته و نشره.. لعله يكون أكثر حظا من تقرير دائرة المحاسبات المغدور.
أما بالنسبة لحامي الدستور و الدولة (رئيس الجمهورية قيس سعيد – هيئة التحرير)… ها هي السياسة قد دخلت فعلا في جلباب القضاء و ها هو العدل قد خرج منها… يا سيدي. فما نراك فاعلا يا ترى؟
* وزير سابق للتشغيل و التكوين.
شارك رأيك