الرئيسية » قائد السبسي : أزمة نداء تونس أزمة قيادة

قائد السبسي : أزمة نداء تونس أزمة قيادة

الباجي

قدم الرئيس الباجي قائد السبسي في حوار مع جريدة «القدس العربي» نشر اليوم رؤيته للمشهد السياسي في تونس اليوم، موضحاً أبرز التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تمر بها البلاد والمنطقة.

وأكد الرئيس قائد السبسي في حواره مع الجريدة اللندنية  ان اختيار حكومة شابة هو مجازفة لا بد منها..وتناول الحوار وضعية حركة نداء تونس والعلاقة التوافقية مع اسلاميي حركة النهضة ومواضيع أخرى تتعلق بالمنطقة العربية اليوم.

وفيما يلي نص الحوار:

■ تجربة تونس اليوم تحت أنظار العالم كيف تقيمون هذا المسار؟

■ تجربة تونس ليست بسيطة، والتونسيون كانوا ايجابيين وساروا في هذا المسار التوافقي، ولولا التاريخ، ولولا المرأة التونسية لما نجحنا. تجربتنا لا تزال في بداياتها وهي مشجعة وقابلة للاستمرار ونحن الآن في فترة تكريس هذه المبادئ التي لم تكن موجودة في السابق، فعلى مدى 60 سنة كان لدينا الحزب الواحد والرئيس الواحد والرأي الواحد واليوم دخلنا في التعددية، والتعامل مع التعددية ليس مسألة سهلة لأنه ليست لدينا بالأساس ثقافة تعامل مع التعددية.

■ هل تعتبر التوافق مع حركة «النهضة» قابل للاستمرار؟

■ أولاً انا ضد الإسلام السياسي، وثانياً كرجل دولة أتعامل مع واقع موجود. فالذي وقع اننا نريد تكريس الديمقراطية، لكن الديمقراطية ليست انتخاباً فقط بل هي جملة من الأمور ومنها الانتخاب، ثم يأتي التداول على السلطة. فإذا كنا في نظام لا تتوفر فيه شروط التداول على السلطة فهذا يعني انه ليست هناك ديمقراطية. والأمر الثالث هو دور القانون، أي كيف يمكن التعامل مع فرق مختلفة بمشارب مختلفة إذا لم يكن لديك قانون يتعامل بسواسية مع الجميع، اذن يجب توفر كل هذه الامور ونحن لسنا بعيدين عن ذلك. فقد أجرينا انتخابات أسفرت عن نتائج جاء فيها الحزب الذي أسسته في الصدارة ولكنه لا يمتلك الأغلبية المطلقة، وحتى لو كان لديه الاغلبية المطلقة فأنا اتخذت قراراً بأن لا احكم وحدي انطلاقاً من التجربة التي أعرفها، فمن الأفضل أن نتشارك مع الآخرين. في النتائج جئنا في المرتبة الاولى بـ86 مقعداً و«النهضة» في المرتبة الثانية بـ69 مقعداً… لا يمكن تكوين مجلس من حزب واحد، واذا كان هذا الحزب لا يمتلك أغلبية مريحة فلن يتمكن من تمرير القوانين الهامة. لدينا في مشروعنا مسائل هامة، مثل التطور الاقتصادي ومقاومة الإرهاب وهذه كلها مسائل تتطلب توفر أغلبية مريحة لكي تمرر، فنحن لا نريد حكومات تتغير يومياً وهذا فرض التعامل مع النهضة، ليس لأنهم حزب النهضة لكن لان الشعب انتخبهم. وفي تكوين الهيئة التي ستسير المجلس (النيابي) اخترنا رئيسا ندائياً بأغلبية مريحة، وبالنسبة لنائب الرئيس اشترطنا عليهم تقديم شخصية مقبولة وتوافقية، وهم قدموا شخصاً غير مناسب وقلنا لهم هذا الشخص لن يمر بتصويتنا فقدموا شخصاً توافقياً (يقصد الأستاذ عبد الفتاح مورو) وهكذا تم التسيير بالتوافق بدون مشاكل.

فيما يخص الحكومة كان يمكن إشراكهم، ولكن خشينا من عرقلتنا، وكان يمكن ان يصبح النهضة واليسار حلفاء موضوعيين وهذا ليس من مصلحتنا، لذلك أخذنا منهم وزيراً كخطوة أولى وطبعاً في البداية لم يوافقوا والآن لديهم ثلاثة وزراء ونحن براغماتيون نعمل بالمثل الذي يقول «على قدر كسائي أمد رجلي»، وقد سرنا في هذا الاتجاه.

في مؤتمر حركة النهضة، وخلافاً للواقع، ذهبت وتوجهت إليهم بخطاب وقلت بوضوح: لن يكون لديكم مستقبل اذا لم تعملوا تحت سقف الوطنية… فإما أن تتغيروا أو ستفشلون… وأنا قبلت بالتوافق لأن لدي أملاً أن لديكم من الذكاء ما يمكنكم من أن تتطوروا.

لقد قاموا أولاً بالفصل بين الدعوي والسياسي لكن هذا الفصل لا يعني ان يذهب شق منهم للدعوي والشق الثاني يذهب للسياسي، بل يجب ان يكون الفصل حقيقياً. بالنسبة للشيخ راشد الغنوشي لدي معه علاقة طيبة والبعض يقول إن الباجي أثر على الشيخ راشد حتى أصبح «اسلامياً تونسياً». أنا لست داعية من الدعاة ولو أن النص القرآني يقول «ادعُ الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» ولم يقل بالضرب والقوة. ونحن ندعو بالموعظة الحسنة وما دام هناك تفاعل من جهتهم فإننا مستمرون.

وجودهم في الحكومة أعطى للتجربة السياسية شبه استقرار كان ضرورياً لتونس لكي تخرج من أزمتها الاقتصادية ولكي تقاوم الإرهاب. في حركة النهضة أشخاص غير موافقين على هذا التوافق وهم ملتزمون الصمت، لكن نحن بالمرصاد ولا نتقدم في أي خطوة إلا إذا ثبت أننا على أرض صلبة.

■ كمؤسس لنداء تونس، كيف تنظرون إلى الأزمة داخل الحزب؟

■ بنظرة سلبية. أولاً هي أزمة قيادة. أنا مؤسس نداء تونس وجمعت هؤلاء لأمر في نفس يعقوب. لقد أردت أن نخلق توازناً في المشهد السياسي، لأنه في ذلك الوقت لم يكن هناك توازن. كانت النهضة مسيطرة و»حُزيبات» حول هذه الهيكلة ساسوا البلاد مدة ثلاث سنوات دون قانون. لأن القانون الانتخابي الذي شكلنا به المجلس التأسيسي ينص على بقاء المجلس سنة واحدة، لكنهم أخذوا ثلاث سنوات ماطلوا وتجاوزوا المدة وما فعلوا شيئا، وهذا ما سرع ذهابهم. هم أناس ضحوا كثيراً وبينهم من أمضى 16 سنة في سجن ضيق ولكنهم فهموا أن السجن لا يهيئهم بالضرورة لحكم الدولة.

إذن شكلت حزب نداء تونس من مكونات مختلفة وكنت واثقاً من نجاحه. ففتحت الباب أولا للتونسيين من الحزب الحر الدستوري التونسي، وهم بناة الاستقلال وكنت منهم ولديهم مقدرة، قلت لهم تستطيعوا ان تنضموا، وقلت لهم أيضاً أن من ليس لديه مشكل تورط فيه مع (نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي وهو محل متابعة من المحاكم يمكن ان ينضم.

ثانياً، هناك اشخاص مستقلون فتحت لهم الأبواب. وثالثاً هناك يساريون انضموا إلى الحزب على اساس ان تونس أمة وسط «كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس». وقلت لهم يمكن أن تدخلوا تحت سقف الوطنية وإذا كنتم غير وطنيين لا تدخلوا، كما اشترطت أن يفهموا ان تونس دولة وسط وفيها شعب مسلم ولا يجب أن نعادي كل من هو مسلم لأن التطرف شيء والإسلام شيء آخر. كما ضم النداء نقابيين، والنقابيون قاموا بعمل كبير في بناء الدولة وشاركوا في حرب الاستقلال وهم شريحة لا يستهان بها في تونس. وعندما انضموا إلى النداء اشترطت عليهم أولاً الإلتفاف حول العلم التونسي، لأننا لا نريد أعلاماً اخرى على غرار تلك الرايات السوداء. فعلمنا الأحمر للناس جميعاً وعلينا أن ننبذ العنف.

ويوم ألقيت بخطاب في 16 جوان  2012 جاءنا في اليوم التالي مئة وعشرون ألف طلب، لكن لم نقبلهم لأنه لم تكن لدينا بعد هيكلة للحزب قلنا إنه لم يحن الوقت بعد. وشاركت في الانتخابات التشريعية والرئاسية والنتيجة كانت معقولة. يبقى أن كثيراً من الذين رشحناهم للانتخابات ليسوا ندائيين فقد اخذنا شخصيات مستقلة لكي نبرهن اننا لسنا متعصبين، لكن بعد ان أصبحوا نوابا في مجلس النواب في وقت كان فيه النداء يفتقر للتماسك، خرج العديد منهم من الحزب وشكلوا احزاباً وكتلاً اخرى. وهنا الغريب انه بالرغم من الأزمة بقي الحزب يحتل دائماً المرتبة الأولى. جاءتني طلبات ونداءات للتدخل في هذه الأزمة ولكني كنت واضحاً وملتزماً بالدستور، وقلت لهم ان الدستور يمنعني من التدخل وقد استقلت من الحزب في اليوم الأول الذي اصبحت فيه رئيساً. وقد تركت قيادات عديدة تتنافس فيما بينها على القيادة وهذا لا يستقيم لكن سحابة صيف تنقشع عن قريب، وقد بدأ التوافق. بعثت لهم برسائل لكي يتفقوا لكن لسوء الحظ ذهبوا اشواطا بعيدة في التطاحن، «وجراحات السهام لها التئام ولا يلتئم ما جرح اللسان» بالرغم من كل ذلك ستهدأ الامور.

■ كيف ترون المشهد العربي؟

■ أنا لست بشاهد عدل على المشهد العربي. لكن أرى أمامي مصيبة كبرى. العرب يمتلكون  كل المؤهلات كي يلعبوا دوراً حاسماً في التوازنات الدولية لكن طبعاً «تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى» .. نحن ثقافتنا قائمة على «إِذَا بَلَـغَ الفِطَـامَ لَنَا صَبِـيٌّ            تَخِـرُّ لَهُ الجَبَـابِرُ سَاجِديْنَـا»، كلها عنتريات. فالتكوين السياسي الحقيقي الصحيح ليس موجوداً، والزعامات الكبرى لم تعد موجودة، وليس فقط عند العرب بل عند العالم اجمع. رحل  بورقيبة وعبد الناصر… بورقيبة مثلاً لديه صورة يقول فيها «صبعين تلحق الطين» لكن أيضاً العالم يتغير، اذا رجعنا الى مؤتمر سان فرنسيسكو وتأسيس منظمة الامم المتحدة نجد ان المبادئ التي قام عليها المنتظم الأممي غير موجودة في الواقع. روسيا والولايات المتحدة تتزاحمان في سوريا والطرفان يستعملان القنابل ضد السوريين. مشكلة سوريا ليست (الرئيس بشار) الأسد بل إنه بعد فترة زمنية لن تكون هناك سوريا، ويلزمها خمسين سنة حتى ترجع كما كانت والشيء ذاته حصل للعراق. صحيح أن وجود صدام حسين كان مضراً، لكن في زمنه كان العراق دولة وحضارة وتقدم تكنولوجيا وكانت فيه قيادة، اليوم رجع العراق الى ما قبل الدولة ويلزمه ربما خمسين سنة ليعود. العرب لم يكونوا واعين وليس لديهم قيادات فعلية. وضعنا سيء جدا ولا يوجد لدي أمل بأن يتغير، لكن ربما يحصل ذلك بعد عشرات السنين. الجامعة العربية انتهت لكن رغم ذلك وقع فيها تغيير وأتوا بأمين عام جديد كان وزير خارجية مصر سابقا وهو انسان جيد ولديه برنامج ورؤية لكن القضية تتطلب عشرات السنين وليس عاما او عامين. العرب غائبون في الحرب الدائرة في سوريا. لم يفعلوا شيئاً. الدول العربية ليست مؤهلة للدخول في عمليات دولية وهي لا تسيطر على اوضاعها الداخلية.

تمت دعوتي لحضور  قمة الثمانية الكبار في 2014، وكنا أصغر دولة مشاركة وحضرنا في المانيا، وعرفت يومها أوباما عن قرب. قالوا لي ان هناك ربيعاً عربياً، فأين هو هذا الربيع العربي؟ هذا اختراع اوروبي؟ ارادوا ان يجمعوا الدول العربية ولم يجدوا الإ تونس ومصر في ذلك الوقت. وبعدها مصر خرجت برأيهم من هذا الربيع. وانا قلت لهم ليس هناك ربيع عربي هناك بداية ربيع تونسي قد يتأكد أو لا يتأكد، وإذا تأكد يمكن ان يصبح ربيعاً عربياً لاحقاً.  في تونس كانت لدينا مؤهلات حقيقية نتيجة العمل الذي قام به بورقيبة مثل تحرير المرأة، التعليم، الأمور الصحية، كلها من انجازات بورقيبة وقت كان الجميع ضده. ورغم كل ما وصلنا إليه مازلنا مهددين بالخريف ومهددين بالإرهاب. وتونس وحدها لا تستطيع مقاومته.

لدينا تجربة فريدة من نوعها لكنها لا زالت مهددة اذا لم نتغلب على الإرهاب ونطور الاقتصاد بالكيفية المطلوبة. لدينا 620 الف عاطل عن العمل لذلك نجد التونسيين موجودين في داعش وبعضهم يحمل شهادات عليا وظلوا خمس سنوات دون عمل واستقطبتهم تلك التنظيمات الدولية بالمال.. لدينا اربعة آلاف تونسي في سوريا. نأمل ان يتراجع هذا العدد مع  الحكومة الجديدة . لقد «شببنا» الطبقة الحاكمة وكانت مجازفة. الآن لدينا أصغر رئيس حكومة في تاريخ البلاد، عمره 41 سنة، ولدينا وزراء متوسط أعمارهم 49 سنة ولدينا 8 نساء في الحكومة ووزيرة المال امرأة وهذا ليس بالأمر الهين.

عندما ذهبت الى الامم المتحدة لمسنا اهتماماً من العالم بأسره بسبب هذه العملية. قالوا لي «انت زعيم الأمم المتحدة» ومن بين هؤلاء رئيس الحكومة الكندية الذي لا يتجاوز عمره 38 سنة وأعرف والده. قمنا بمغامرة لكن ليس هناك حل آخر ووضعنا حول الحكومة حزاماً سياسياً هو الوحدة الوطنية. اذ لا يجب ان نترك الآخرين على حافة الطريق هذا مسيء. فتحنا لهم الباب وهذه ليست مسألة بسيطة. اغلب اصدقائنا كانوا ضدنا والآن الحكومة سائرة في عملها. هذه الامور تتطلب جرأة مدروسة وليس الدخول بحرب لا نعرف متى نخرج منها. ليس لدينا سند اقتصادي ويلزمنا عشرات السنين لكي نخرج من التركة التي خلفها لنا الذين كانوا قبلنا.. بالرغم من كل ذلك هناك بوادر خير وسنعقد مؤتمراً استثمارياً في تشرين الثاني /نوفمبر المقبل «وانشاء الله نحرك السواكن».

■ وما هي الخطوات والإجراءات لمكافحة الإرهاب؟

■ تونس ليست لديها ثقافة الإرهاب، الإرهاب ومقاومته شيء فرض علينا من الاقليم المتواجدين فيه. بلدنا صغير ومن بدايات الاستقلال لم نراهن على الجيش مثل الدول الأخرى على غرار مصر مثلاً. بورقيبة رحمه الله راهن على الإنسان التونسي واعطى ثلث الميزانية للتعليم، ولما جاء الإرهاب لم نجد منظومة للدفاع. الآن اضطررنا الى تهيئة أنفسنا وأجبرنا على ايجاد أمن.

ثانياً، المسألة تجاوزت ما هو إقليمي وأصبح لها بعد دولي، لا يوجد ارهاب محلي. فرنسا فيها ارهاب بلجيكا وامريكا كذلك، ولهذا يلزم التفكير في استراتيجية عالمية لمقاومة الإرهاب. في تونس نحن في الخندق الأول في المواجهة واوروبا فهمت ذلك ولدينا تعاون مع امريكا والمانيا خصوصا من أجل تمتين الخطوط مع ليبيا. الشعبان التونسي والليبي هما شعب واحد في دولتين وتعاونا كثيراً ولكن للأسف ليست هناك دولة الآن في ليبيا.. هناك ميليشيات والدولة انهارت والقذافي رحمه الله بأفعاله خلف تركة سلاح مهولة. يوجد  ستة ملايين ساكن ترك لهم 26 مليون قطعة سلاح. هناك مشكلة ونحن نحاول ان نقاوم ذلك، والأمم المتحدة ساندت شق حكومة الوحدة الوطنية لكن لا يزال هناك شق آخر تتداخل فيه حساسيات سياسية اخرى ودول أخرى، ومازال الطريق طويلاً أمام الليبيين.

■ وهل نالت المرأة التونسية التمييز الذي تستحقه؟

■ المرأة التونسية هي في الوضع نفسه مع الرجل إلا في قضية الإرث. نحن ننتمي إلى المدرسة القيروانية التي أسسها الامام سحنون بن سعيد وهي مدرسة أشعت على المغرب الكبير وأنشأت جامعة القرويين في فاس. وكان لدى هذه المدرسة قراءة متفتحة للنص القرآني. في ذلك العصر كانت المرأة التونسية عندما تتزوج بإمكانها أن تشترط في عقد الزواج ان يكون الطلاق بيدها. والمدرسة القيروانية هي مدرسة الإمام مالك بن أنس، ولهذا إذا كان المجتمع منفتحاً على الإجتهادات الفقهية غير الجامدة في ذلك الوقت فهذا يعني أنه يمكن اليوم التجديد في الدين، انطلاقاً من قراءات عدة وذلك خلافاً للوهابية.

في عام 1804 بعث محمد بن عبد الوهاب برسالة إلى الباي (ملك تونس) يدعوه فيها للانتماء إلى الوهابية، وقام الباي بعرض الرسالة على أساتذة جامع الزيتونة للرد عليها وكان الجواب على الرسالة باختصار انه لا نستطيع ان نكون وهابيين. نحن نقول بالمثل الشعبي التونسي «كل بلاد وأرطالها»، يعني اذا كان هذا الفكر صالحاً لبلدان ما وراء الصحراء إلا أنه ليس صالحاً لنا، لقد كنا على الدوام متفتحين على الخارج وعلى الاديان. تقول الآية القرآنية «..لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم ولي دين.» لكم دينكم يعني تعايش الأديان، وفي تونس هناك تعايش للأديان. لقد اعددنا دستوراً لدولة مدنية ليس فيه مرجعية دينية، في السنوات الاولى من قدوم النهضة والترويكا كانت هناك محاولة كبيرة لسن دستور ينص على ان المرأة مجرد مكملة للرجل لا مساوية له. ونحن الذين قاومنا ذلك وكانت المرأة التونسية في المقدمة وهي التي افشلت المحاولة. وكانت النتيجة الدستور الجديد الذي كان مصدر ابتهاج وفرح للتونسيين، فقد وضعنا دستوراً لشعب مسلم وعند التطبيق نأخذ بعين الاعتبار خاصيّة الشعب.

فيما يتعلق بالعالم العربي أقول «الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه» يعني نحن استثناء ولكن لا يجب ان نبقى كذلك، فما دمنا مهددين يجب ان لا نبقى الاستثناء بل يجب ان يعمم الأمر وذلك يستلزم وقتا طويلاً . يقال في الفرنسية ” contre- projet”.. يعني ان هذا المشروع مخالف لما هو قائم في الدول العربية ومع ذلك فالجميع يحترم تجربتنا لأننا قلنا منذ البداية ان الذي نقوم به في تونس ليس معداً للتصدير.

القدس العربي

شارك رأيك

Your email address will not be published.