الرئيسية » الصحبي بن فرج: “نعم أردوغان ماعادش مطوّل في تركيا”

الصحبي بن فرج: “نعم أردوغان ماعادش مطوّل في تركيا”

بقلم: الصحبي بن فرج

الى حدود 2010، كانت تركيا تحت قيادة اردوغان وحزب العدالة والتنمية الاسلامي، تحقق ما يشبه المعجزة الاقتصادية والحضارية : نسب نمو متراكمة ب8 الى9٪‏، انضمام الى نادي الG20، مفاوضات ندّا لندٍّ مع الاتحاد الاوروبي، علاقة تجارية ممتازة مع روسيا، مفاوضات لإنشاء منطقة تبادل حر مع سوريا وايران والعراق وربما الاْردن، نفاذ بدون قيود الى مشاريع الإعمار والبنية التحتية في المنطقة، سمعة جيدة في العالم العربي والإسلامي، نفوذ معنوي متصاعد وأخيرًا المثال الحي والعملي على انسجام الاسلام السياسي مع الديموقراطية والعلمانية والتسامح والبراغماتية والنجاح السياسي الداخلي والاقليمي والدولي.

وفجأة……تتدخّل الايديولوجيا الاخوانية الحمقاء وتتداخل مع الجنون الإمبراطوري العثماني الاخرق الكامن في اللاوعي والوعي التركي وتقامر بكل ما بناه إردوغان طيلة عشر سنوات على أمل أن يتحقق الحلم /الوهم/الجنون: إعادة تركيا الى عمقها العثماني الاستراتيجي وإعادة إنتاج السلطان الذي يتحكم في امبراطورية ممتدة من المغرب الى حدود ايران الى اعماق آسيا الوسطى.

يتقاطع هذا الحلم المجنون مع أحلام أخرى لا تقل جنونا : الحلم القطري بتأسيس إمبراطورية الغاز الدولية وعاصمتها الدوحة ، والحلم السعودي بنشر الفوضى الوهابية عبر العالم والحلم الامريكي بإعادة تشكيل الخرائط على قياس الامبراطورية الامريكية الآفلة والمقبلة على الافلاس والانسحاب الى حدود قوّتها الحقيقية والحيوية :المحيطين الهادي و الأطلسي.

ماذا كانت النتيجة؟

  • تراجع النمو، وانكمش الاقتصاد وانهارت العملة
  • أُغلقت الاسواق مع المحيط المباشر،
  • قُطعت التجارة على الطريق البري عبر سوريا،
  • انتعشت في تركيا بيئة إجتماعية ارهابية وصلت الى اختراق الأجهزة الامنية التركية
  • تتالت العمليات الارهابية الدامية مما جعل من تركيا الجذابة والرائعة وجهة سياحية واستثمارية غير مضمونة ثم خطرة
  • أصبحت تركيا دولة اسلامية راديكالية لا ترغب أوروبا في ضمها اليها
  • انتهت فترة السلم الأهلي مع الأكراد مما ينذر في كل حين بالحرب الأهلية

إستيقض إردوغان من جنون العظمة متأخرًا، على هذه الحقائق المفزعة وحاول جاهدًا أن يستدرك :أقال داوود أوغلو منظِّر العمق العثماني الاستراتيجي ، إعتذر بكل ذِلّة لبوتين، أعطى فروض الطاعة لإيران، لحس مساندته للثورة في سوريا، تخلّى في صمت وجبن عن حلب، غدر بثواره الأشاوس وأمضى على اتفاق سلام بدون أن يكترث حتى بسؤالهم عن موقفهم (قمة الاحتقار لهم وهم أهل له على أية حال) تعهد بأن يحارب داعش والنصرة(أي حلفاءه وصنيعته ووكلائه في العراق وسوريا)……..

كل يوم، يبتعد إردوغان بتركيا عن واشنطن ويقترب من موسكو وهذا خط أحمر أول

كل يوم يبتعد عن الثوار ويقترب من أعدائهم وهذا خط أحمر ثانٍ

كل يوم يغوص في الوحل الكردي سياسيا وأمنيا، داخليا وخارجيا وهذا خط أحمر ثالث

كل يوم يتخلى عن “الثورة” في سوريا ويقترب من الدولة في سوريا وهذا خطّ أحمر أخطر قد لا يتاح له أن يبلغه

نعم، إردوغان ماعادش مطوّل في تركيا

شارك رأيك

Your email address will not be published.