الرئيسية » شالوم… يا عرب

شالوم… يا عرب

كتب منتج الكاميرا الخفية “شالوم” وليد الزريبي  مقالا اسفله طرح فيه إشكالية فهم مصطلح التطبيع كرد على ردود الأفعال حول برنامجه.

صخبٌ وكثير من الفوضى تحيط ببرنامج “شالوم”. فهل جرّبنا أن نفكّر فيه بهدوء وعقلانيّة.
أقول لكم: ليست الأصوات العالية صادقةً بالضرورة، ولا أستطيع أن أفترض أنها على حق دائماً، فالذي لا يملك إلا الصراخ في وجوه الآخرين لا يملك القدرة على إقناعهم بصوت العقل. وتكشف لنا قراءة مكونات وسياقات التطبيع ضحالة الأصوات العالية التي لا تستطيع أن تصنع نفسها وتثبت جدارتها إلا من خلال اتهام الآخرين.

إن التطبيع يعني في الأساس أن نتعامل مع “إسرائيل” كدولة “طبيعية” بينما هي دولة “مصطنعة” تم تأسيسها على أساطير ونصوص ميثولوجية، هذه المسألة هي أعمق بكثير مما يظن البعض… فالتطبيع في وجهة نظري لا يعني أن تقوم إسرائيل بكسر جدار العزلة الذي يحيط بها. في الحقيقة تتميز إسرائيل بعلاقات أقوى وأوضح مما يتميز به جيرانها الذين نفترض أنهم يحاصرونها،

ماذا يعني التطبيع إذن؟
أنا لست – ولا أستطيع – أن أكون ضد اليهود أو العبرانيين، ولكن ما لا أتنازل عنه هو موقفي المناهض للصهيونية والاحتلال الإسرائيلي. فأن يكون المرء يهودياً أو عبرانياً تلك مسألة لا اختيار له فيها ولا يستطيع استبدالها، كأن تكون عربياً أو صينياً أو هندياً، أو تكون مسلماً أو بوذياً أو هندوسياً. ولكن أن يكون المرء صهيونياً فإن ذلك يعني أنه قد اختار موقفاً أيديولوجياً مبنيّ على الخرافة واتخاذ موقف عدائي ضدّ المحيط، وهو يشبه تماماً أن يختار أحدهم النازيّة أو الآريّة أو الشوفينيّة منهجاً له في الحياة ينظّم علاقته بالآخرين.

مقاومة التطبيع لا تعني عدم السماح بتداول اسم إسرائيل، أو إخفاء النجمة السداسية، أو العلم الإسرائيلي، كل هذه الأشياء هي مجرّد رموز لا أثر واقعيّ لها، وهي مجرد علامات تدلّ على ما هو أعمق وأشدّ ارتباطاً بالمأساة الدامية مما نراه يحدث كل يوم أمامنا في الأرض المحتلة.

إن الصهاينة يرسّخون احتلالهم ويتجذّرون في فلسطين، يهدمون ويقتلون ويصادرون. لن أستثير عواطفكم في هذا المقال الهادئ، أريد فقط أن أسألكم: لماذا نترك عمق الأشياء ونثير زوبعة حول القشور؟
تريدون أن تكونوا ضد التطبيع كونوا إذن ضد إسرائيل ككيان مصطنع يزيّف التاريخ ويقلب الحقائق لكي يتأبّد وجوده في الوطن العربي.
تريدون أن تكونوا ضد التطبيع كونوا أيضاً ضد أصدقاء إسرائيل، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية التي نعرف جميعاً أن إسرائيل لا تقوم لها قائمة بدونها.

تريدون أن تكونوا ضد التطبيع كونوا إذن ضد حكوماتكم التي حوّلتكم إلى رعايا بدل أن تكونوا مواطنين أحراراً.
تريدون أن تكونوا ضد التطبيع كونوا إذن ضد أنفسكم التي اعتادت الهوان والمذلّة بحجة الفقر والحاجة.
لا أحد يطلب منكم الانخراط في المقاومة الحقيقية ضد الاحتلال الصهيوني، كل ما يطلبه منكم المقاتلون من أجل الحرية هو أن تساندوهم بوقوفكم ضد التطبيع مع عدوّهم، وإن لم تستطيعوا فبالصمت على الأقل.
أسألكم بهدوء: هل أنتم – فعلاً – على استعداد لإثبات موقف حقيقي مناهض للتطبيع؟
هل أنتم قادرون على مواجهة أنفسكم؟

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.