مازالت جمعية عيش تونسي التي ترأسها ألفة التراس تثير الريبة والتساؤل عن أهدافها غير المعلنة وتمويلاتها الأجنبية الغامضة وأسلوبها الملتوي والمخاثل في السعي إلى الإنقضاض على السلطة في تونس بالإعتماد على المغالطات الشعبوية والدمغجة السياسية. ومع إقتراب موعد الإنتخابات بدأت الأقنعة تسقط الواحد تلو الاخر.
بقلم وليد البلطي *
في إطار ما تشهد الساحة السياسية من سجال حول تنقيح القانون الإنتخابي من عدمه و نحن على مشارف الإنتخابات التشريعية والرئاسية، إتجهت أنظار التونسيين في الزخم الإنتخابي وبعد الإحساس بالإحباط من النخب السياسية إلى شخصيات شغلت الرأي العام التونسي، لا تمت في ظاهرها الى عالم السياسة بل تنمي الى ميادين أخرى كالإعلام او المجتمع المدني أو رافعة للواء الإستقلالية عن الأحزاب، مستعملة إمكانيات مادية ضخمة على غرار جمعية عيش تونسي، التي صدعت آذاننا وأغشت بصائرنا من خلال ومضات إشهارية يومية مرئية ومسموعة حول “وثيقة التوانسة”، تكبد الجمعية يوميا آلاف الملايين من الدينارات وعلاوة استضافات عناصر منتمية لتلك الجمعية بمنابر إعلامية تعنى بالشأن السياسي أغلبها مسبقة الدفع.
ضبابية الرؤية، وتشوش الفكر وغياب البرنامج الواقعي وشعبوية الخطاب
و فيما يخص جمعية عيش تونسي شد انتباهي منبر الزميلة مريم بالقاضي بقناة الحوار التونسي أمس الخميس 13 جوان 2019، بحيث لمست إصرارها و تفانيها بكل حرفية وموضوعية على فصل الخيط الأبيض من الخيط الأسود فيما يتعلق بجمعية عيش تونسي وإماطة اللثام على تمويل هاته الجمعية والوقوف على مدى إنخراط شخصية ألفة التراس فيها، وذلك باستضافة السيد سليم بن حسن رئيس تلك الجمعية، و الذي بالرغم من حرصه على مظهره وتناسق حركاته مع بلاغة لسانه، عجز عن إيصال الرسالة المستفيضة الى الصحفية مريم بالقاضي، و من ثمة إلى الشعب التونسي ومن ذلك الدخول في ضبابية، تشوش الفكر و تدل عن خلو برنامج عيش تونسي أو المسماة ب”وثيقة التوانسة” من كل منطق، إستراتيجيا على مستوى الديباجة و تكتيكيا على مستوى التطبيق لانعدام الآليات المندرجة في السياسات العمومية.
فعلى سبيل المثال، تحد ث رئيس الجمعية عّن ضرورة إلغاء إمتيازات السياسيين في تلميح الى وجود جدل طبقي بين المواطن السياسي والمواطن العادي، وللسائل ان يسأل في هذا الصدد عن إمتيازات المواطن السياسي. ولعله يستشف من ذلك خلط رئيس الجمعية بين العمل السياسي الخالي من الإمتيازات والعمل الوزاري والبرلماني والذي يكون كلاهما بمقابل إمتيازات عينية ومادية على غرار السيارة الوظيفية والأجرة الشهرية التي لا تتعدى 5000 د بالنسبة لعضو حكومي أو نائب شعب، علاوة على تخويل الحق للفئتين قانونا في جراية تقاعد من الأنظمة الخاصة شريطة توفر شروط قانونية مظبوطة، فعن اَي إمتيازات نتحدث يا سيد الرئيس ومن الطاف الله أنك رئيس جمعية ولا رئيس حكومة أو رئيس جمهورية.
حركة عيش تونسي من التمويل الأجنبي الغامض المصدر إلى الأهداف الضبابية
هذا و بقدر ما كان تملص رئيس جمعية عيش تونسي واضحا لدى العموم من خلال إنتهاج أسلوب ديبلوماسي لبق، غير أن الصحفية واصلت الحديث معه بسلسلة من الأسئلة، كلما أجاب عليها رئيس الجمعية إلا وازداد التساؤل على طبيعة هاته الجمعية وأهدافها ومدى معرفة الساهرين عليها بالواقع التونسي ودواليب تسيير الدولة ومنطق الإقتصاد و إزداد المشهد قتامة نحو غموض أحلك.
و في الختام ، نأمل و نحن على مشارف الإنتخابات، أن لا يقع التلاعب بالناخبين باعتماد طرق مغايرة للحملات الإنتخابية الفارطة بهدف نصب الكمائن لصوت الناخب في مرحلة أولى ،ثم إقرار الطلاق الضمني معه بمجرد الصعود إلى سدة الحكم في مرحلة ثانية، و تتولد صدمة إحباط جديدة في نفسية التونسي في نخب من طينة أخرى، ظنا منه أنها كانت ساعية لتكون راعية لمصالحه ومصالح بلاده، فإذ بها تتحول من راعي الى ذئب، غايته إلتهام القطيع والحكم بالنار والحديد.
* خبير قانوني.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
شارك رأيك