الرئيسية » اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام : الحقّ في تمثيل قانوني مسألة حياة أو موت

اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام : الحقّ في تمثيل قانوني مسألة حياة أو موت

في بيان أصدره بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام يُطالب السلطات التونسية باحترام التزامات تونس الدولية في خصوص تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام. وفي ما يلي نص البيان…

يحلُّ يوم 10 أكتوبر2020، اليوم العالمي الثامن عشر لمناهضة عقوبة الإعدام الذي يُشارك فيه الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام إلى جانب المنظمات المنضوية في الائتلاف المغاربي و العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام. وينتظمُ اليوم العالمي هذه السنة تحت شعار “الحق في التمثيل القانوني للإفراد الذين يواجهون عقوبة الإعدام: مسألة حياة أو موت”.

في غياب محام/محامية أثناء جميع مراحل التوقيف والاعتقال والمحاكمة وفترة ما بعد المحاكمة لا يمكن ضمان محاكمة عادلة. وفي قضية يمكن أن تصدر فيها عقوبة الإعدام، فإن العواقب التي يمكن أن تتولّد عن غياب تمثيل قانوني فعلي هي بمثابة الفرق بين الحياة والموت. وعلى الرغم من أن الحقّ في الحصول على تمثيل قانوني مكرس في معظم صكوك حقوق الإنسان وتنصّ عليه التشريعات في أغلب دول العالم، فان انتهاك هذا الحقّ يتمُّ بصفة ملحوظة. وهو انتهاك خطير عندما يتعلّق بعقوبة لا يمكن مراجعتها بعد تنفيذها في حق أبرياء.

وقد شهدت تونس منذ سنة 1956 أحكاما بإعدام 135 شخصا كانت أغلبها لأسباب سياسية وكانت نتيجة محاكمات لم تُحترم فيها حقوق الدفاع ودرجات التقاضي ومعايير المحاكمة العادلة. كما أنّ انحدار غالبية بقية المحكومين بالإعدام لأسباب جنائية من طبقات وفئات اجتماعية فقيرة ومُهمشة، يُؤكّدُ انتقائية هذه العقوبة وعجز أغلب المستهدفين بها ماديا وأدبيا عن تملّك وسائل الدفاع الضرورية والفعلية عن أنفسهم. فبالرغم من أنّ الفصل 108 من الدستور التونسي ينصُّ على الحقّ في محاكمة عادلة، فانّ المحكومين بالإعدام المنحدرين في غالبيتهم من أكثر الأوساط الاجتماعية هشاشة لا تتوفّر لهم مساعدة فعلية لمحام قبل وأثناء وبعد المحاكمة.

وفي حين أن أغلبية دول العالم ألغت عقوبة الاعدام تشريعا أو في الواقع، وأن أغلبية الدول الافريقية انخرطت في هذه الديناميكية العالمية، شهدت تونس في الفترة الأخيرة تصاعد حملة شعبوية للدعوة لتفعيل تنفيذ عقوبة الإعدام. وقد وقع استغلال وتوظيف سياسوي لاأخلاقي للانخرام الأمني وتفاقم الجريمة ومآسي عائلات الضحايا كمسوّغات لهذه الحملة التي استهدفت كذلك بالشيطنة والثلب والتهديد المناضلات والمناضلين الحقوقيين.

ويُجدّدُ الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام إدانته لكل الجرائم الجنائية أو الإرهابية ويدعو إلى معاقبة مرتكبيها واجتثاث جذورها. وهو يُدينُ ويرفضُ بنفس القدر كل دعوات التراجع عن تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام في تونس المُتّبع منذ سنة 1991، ويعتبرها متعارضة مع مسار التاريخ وانتهاكا للحقّ في الحياة، وهو الحقّ الأساسي والأولي للبشر كما يُعرّفُه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والفصل 22 من الدستور التونسي.

كما يعتبر أن خطاب الدعوة والتحريض على القتل والإعدام ونصب المشانق، هو جزء من مشروع سياسي شعبوي ويميني متطرف يرمي من وراء الدعوة لتفعيل عقوبة الإعدام والتعذيب والتمثيل إلى تعطيل إرساء منظومة حقوق الإنسان والشعوب في شموليتها والى نفي مدنية الدولة وعلوية القانون والفصل بين السلطات والحقّ في ضمان محاكمات عادلة تُحترمُ فيها حقوق الدفاع، وصولا إلى العودة لمُربّع الاستبداد والقمع بتصفية الحقوق التي دفع الشعب التونسي ثمنا باهظا من أجل تحقيقها.

و بناء على ذلك، فان الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام:

-1يُطالب السلطات التونسية، وفي مقدمتها رئيس الجمهورية، باحترام التزامات تونس الدولية في خصوص تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام، ويدعوها إلى مواصلة التصويت لصالح القرار الأممي بالتعليق العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام والى المصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية.

2- يُشدّدُ على ضرورة تكريس الحقّ في التمثيل القانوني الفعلي في جميع مراحل الإجراءات القانونية وخاصة بالنسبة للقضايا التي تحتمل الحكم بالإعدام، وذلك ضمانا لمبدأ المحاكمة العادلة وفي كنف احترام علوية القانون واستقلالية القضاء.

3- يدعو القوى الديمقراطية إلى التجنّد من أجل تجسيم الالتزام النزيه و الشجاع و دون انتقائية بالقيم الإنسانية الكونية، وبالدفاع المتماسك على احترام حقوق الإنسان والشعوب و في مقدمتها الحقّ في الحياة والى مواصلة مكاسب مسار تونس التحديثي الذي كانت سبّاقة فيه وذلك بالإلغاء النهائي لعقوبة الإعدام على غرار ما سبق من إلغاء الرقّ وإلغاء تعدّد الزوجات وإسقاط منظومة الاستبداد.

رئيس الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام
شكري لطيف

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.