الرئيسية » تونس و خطر الوصاية الأجنبية

تونس و خطر الوصاية الأجنبية

‌الرجل الوحيد الذي كان خارج مشهد الحكم في تونس، معارضة أو موالاة، الى ما قبل انتخابه أخيراً رئيساً للجمهورية هو الرئيس قيس سعيّد، فكأنه الرجل المناسب للقطع مع كل ما تقدّم من مناكفات دستورية وشخصيات سياسية تحالفت مع الفساد والإرهاب لضرب الثقة والقسم والعهود والمواثيق والوعود التي تنذر بأن تؤدي بالبلاد إلى السقوط تحت الوصاية الخارجية.

بقلم الدكتور المنجي الكعبي *

إن بلادنا تنوء تحت الديون الأجنبية ولا مفرّ من تدخل أجنبي في شؤونها بما هو أكثر من إلزامات المنظومات المالية والضغوط الدبلوماسية التي لا يمر يوم دون أن نلمس آثارها بالمخفي وبالمكشوف. ونرى لبنان وما يحصل فيه كمثال وليس مثالاً وحيداً.

والمؤشرات تتظافر على احتمال الإقدام على إعلان الخطر الداهم حلاً للأزمة المتفاقمة التي تعصف بأمن الدولة واستقلالها، بل والمهدد لكيانها أصلاً.

فقد تبين لكل ذي عينين أننا بتنا على قاب قوسين أو أدنى من قيام الفتنة بين الأطراف المتصارعة على السلطة والتجاء بعضهم الى تجييش الشارع وحبك المؤامرات والاحتماء بالأجنبي كما جاءت الإشارة أكثر من مرة على لسان رئيس الجمهورية.

فنحن أمام برلمان تتناوشه الخلافات ولوائح المعارضة المهددة بنسفه من الداخل، ورئيسه لا يني يكرر أنه ماسك بزمام الأمور ومجلسه مرّر من القوانين أكثر من أي وقت مضى، رغم التعطيل الذي تفتعله أو تمارسه بعض الكتل الوازنة فيه بإرادة أحزابها أو إيعاز من الخارج حسب اعتقاده. ولكن هذا الوضع المعطل بالذات حال الى حد الآن دون توليد الأغلبية المطلوبة لتمرير مقترحات تشريعية أو ومبادرات رئاسية أو حكومية للمصادقة على قوانين أساسية أو تعديلات دستورية. 

فهذا التعطيل المزري بمؤسسة من أهم مؤسسات الدولة لإنتاج المشاريع المكرسة للأمن والاستقرار وتحريك عجلة التنمية والتقدم في جميع الميادين لا يمكن السكوت عنه، وإلا يكون من قبيل التواطئ وخيانة الأمانة.

الوحيد الذي كان خارج مشهد الحكم، معارضة أو موالاة، الى ما قبل انتخابه أخيراً رئيساً للجمهورية هو الرئيس قيس سعيّد، فكأنه الرجل المناسب للقطع مع كل ما تقدّم من مناكفات دستورية وشخصيات سياسية تحالفت مع الفساد والإرهاب لضرب الثقة والقسم والعهود والمواثيق والوعود، ما أوصلنا الى هذه الحالة من اليأس بمصداقيتها الشخصية وشرعيتها الانتخابية المتأتية من المال الفاسد والتحزب المقيت، حتى لتجوز الإطاحة بها كما أطاح الله بالأقوام التي لم تؤمن برُسلها، إلا من عصمه الله الى جبل، ورحِمته الانتخاباتُ القادمة.

* باحث جامعي و نائب سابق.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.