الرئيسية » الأزمة التونسية، حركة النهضة وانفصام الشخصية

الأزمة التونسية، حركة النهضة وانفصام الشخصية

فيصل دربال يصاب بانفصام الشخصية من التحاقه بحركة النهضة.

استمع كل يوم إلى التونسيين و هم يطالبون رئيس الجمهورية بالتدخل لحل المشاكل التي يواجهونها، غير أنها لا تدخل في صلاحياته؛ لكني أُتفهمها، بكل تسامح، لعلمي بجهل غالبية التونسيين الذين تعودوا على النظام الرئاسي منذ الاستقلال، بما جاء به دستور 2014. لكن أن أسمع ذلك من شخص في قيمة النائب النهضاوي فيصل دربال فإنه لا يسعني إلا أن استنتج أن كل من يلتحق بالإخوان المسلمين يصاب بانفصام الشخصية.

بقلم محمد صالح الحمايدي *

استمعت إلى فيصل دربال النائب النهضاوي و مقرر لجنة المالية في البرلمان، و قبل هذا و ذاك هو أستاذ جامعي متقاعد و خبير محاسب، استمعت إليه و هو يصرح لقناة التاسعة بأن الوضع المالي لميزانية الدولة خطير جدا باعتبار و أن الدولة مطالبة بتسديد قسطين اثنين من القروض للخارج يقدران بمليارات الدولارات، يحل أجلهما في آخر شهر جوان بالنسبة للأول، و في آخر شهر جويلية بالنسبة للثاني. و ان خزينة الدولة لا تتوفر في الوقت الحاضر على مبلغ هذين القسطين بالعملة الصعبة، و أن أي جهة دولية لم تعبر إلى حد الآن عن استعدادها لإقراض تونس المبلغ المذكور لتسديد القسطين في أجليهما. و إذا ما حل أجل القسط الأول الذي ما زالت تفصلنا عنه مدة أقل من شهر و لم يطرأ أي شئ إيجابي، فإن تونس ستلتجئ لأول مرة منذ الاستقلال إلى طلب إعادة جدولة ديونها الأمر الذي سيحيلها على نادي باريس و بذلك ستفقد سيادتها على التصرف المالي في ميزانيتها (مثلما حصل لها في مستهل النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أيام حكم أحمد باشا بأي لما عجزت الإيالة عن دفع ديونها الخارجية الشئ وضعها تحت وصاية الكمسيون المالي و الذي أفضي إلى الحماية التي تحولت إلى استعمار).

إلى حد الآن، رغم مرارة المعلومات التي أدلي بها النائب النهضاوي و النتائج التي ستؤدي إليها، فإن كلامه معقول و منطقي و علمي، بغض النظر عمن أوصل البلاد إلى هذه الوضعية الكارثية بسبب حكمه لتونس منذ 2011.

و لكن الغريب و غير المقبول أن فيصل دربال الجامعي و الخبير المحاسب و المستشار السابق لرئيس الحكومة برتبة وزير و النائب البرلماني و مقرر اللجنة المالية يختم قوله بالقول: “لقد أعددت منذ مدة تقريرا بالتعاون مع رئيس لجنة المالية بالبرلمان و أرسلناه إلى رئيس الجمهورية الذي اسقبل رئيس اللجنة، لكنه لم يقم بأي شئ لتلافي الأمر”!

ما الذي حصل لفيصل دربال؟ ألا علم فيصل دربال، و هو من هو، أن كل ما تحدث عنه لم تعد من صلاحيات رئيس الجمهورية منذ دستور 2014، بل هي من صلاحيات رئيس الحكومة؟! (علما و أني أتحدث عن رئيس الجمهورية كمؤسسة و ليس عن قيس سعيد كشخص الذي لم انتخبه و لا أشاطره لا الرؤيا و لا التوجه و لا الطريقة التي يمارس بها مهامه)

أنا استمع كل يوم إلى التونسيين و هم يطالبون رئيس الجمهورية بالتدخل لحل المشاكل التي يواجهونها، غير أنها لا تدخل في صلاحياته؛ لكني أُتفهمها، بكل تسامح، لعلمي بجهل غالبية التونسيين الذين تعودوا على النظام الرئاسي منذ الاستقلال، بما جاء به دستور 2014. لكن أن أسمع ذلك من شخص في قيمة فيصل دربال فإنه لا يسعني إلا أن استنتج أن كل من يلتحق بالإخوان يصاب بانفصام الشخصية.

* رئيس مدير عام سابق لعدد من المؤسسات العمومية و خبير دولي في قانون تعديل هيئات الأسواق المالية.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.