الرئيسية » لن تراجع حركة النهضة نفسها و على المجتمع فرض احترام القانون على قادتها

لن تراجع حركة النهضة نفسها و على المجتمع فرض احترام القانون على قادتها

في التعليق التالي على صفحته الفايسبوك على البيان الأخير لمجلس شورى حركة النهضة بعد قرار الرئيس قيس سعيد يوم 25 جويلية 2021 بتفعيل الفصل 80 من دستور 2014 الوزير السابق للنكوين و التشغيل يشك في أي استعداد حقيقي للحركة الإسلامية التونسية للقيام بأية مراحعات أو تراحع عن أيديولوجيتها المناهضة للدولة الوطنية.

بقلم فوزي بن عبد الرحمان *

بدءا و قبل كل شيء، من ينتظر مراجعات أو يطلب مراجعات من هذه المؤسسة أو المشرفين عليها… لا يفهم طبيعتها و تركيبتها و عقلها.

صرّح زعيم و رئيس الحركة راشد الغنوشي يوما لصحيفة وطنية أن الحركة قامت بمراجعات ثلاث : 1. مفهوم الأمة أصبح يعني الأمة التونسية و ليس الأمة الإسلامية، 2. الحركة لم تعد في صراع مع الدولة، 3. نحن كما أردنا تغيير المجتمع فنحن نقر أن المجتمع يغيرنا.

حزب ينتمي لثقافة ما قبل الدولة

هذا اعتراف ضمني بفكر تنظيم الإخوان المسلمين و الذي يتجاوز تنظيما حزبيا عاديا ليكون حزبا دعويا عقائديا و كذلك حزبا كليانيا شموليا في سياسته التمكينية متعددة الجوانب و حزبا ينتمي لثقافة ما قبل الدولة (ثقافة الجماعة) و ما فوق الدولة (التنظيم الدولي) و لا ينتمي بذلك لمفهوم الأحزاب التقليدية الوطنية.

بالطبع كلام رئيس الحركة كان كلاما للاستهلاك الداخلي و الخارجي و لم يكن له أي تغيير في منهاج الحكم أو في أدبيات الحركة و لم تتبع بأي خطوة نقدية جدية.

يكفي أن تتأملوا التهمة الملقاة على من عارض التوجه الأغلبي في مجلس الشورى الأخير : “التولّي يوم الزحف” ، أي الهروب من ساعة المعركة (و هي من السبع الكبائر أو الموبقات التي حرّمها الله)… لا تمت بصلة لقاموس العمل الحزبي السياسي. و الأمثلة عديدة ومنها التصريحات الشهيرة لعدد من قياديي التنظيم.

أتذكر قول محاضر جامعي من تركيا في تونس منذ سنين و خاتمة محاضرته قائلا : “هذه الحركة (ويتكلم على الحركة الإسلامية ببلاده) لا يمكن أن تتغير… لا تقف إلا عند الخطوط التي يحددها لها المجتمع. و هذا ما نراه عندنا”.

الإسلام السياسي لم ينته كعقيدة و فكر

من يظن أن هذه الحركة ستراجع نفسها، فليقرأ تاريخ الإخوان في مصر و تاريخ الجهاز الخاص و تاريخ الاغتيالات و تاريخ الحركات الإرهابية المنبثقة من نفس العقيدة و نفس الفكر منذ عشرات السنين. هل تغيروا؟ هل قاموا بنقد ذاتي؟ بعض المنشقين في الهجرة فقط استطاعوا تدوين تجاربهم و نقدهم في كتب تستحق القراءة.

و لذلك و في نفس المقام أقول لمن يتكلم اليوم على نهاية الإسلام السياسي في تونس : الإسلام السياسي ذو المرجعية الإخوانية (وهذا ما يهمنا اليوم) هو عقيدة و فكر و ممارسة سياسية و جمعياتية. فحتى و لو افترضنا انتهاء الإسلام السياسي كتنظيم لم ينته كعقيدة و فكر.

معركتنا مع الإسلام السياسي ليست معركة مع الإسلام. و ليست معركة سياسية فقط. و سأعود لذلك في منشورات أخرى لأهمية الموضوع.

أما معركة الممارسة السياسية و هي التي تحضى بالإهتمام عند الخاصة و العامة فلا بد من فرض قواعد لعبة صارمة و خطوط حمراء فيما يخص التمويل (الداخلي و الخارجي) و فيما يخص العمل السري و فيما يخص حياد مرافق و مؤسسات الدولة و حرمة استباحتها و كذلك في العلاقة بين العمل الجمعيات و الحزبي.

لن تراجع حركة النهضة نفسها و بيان حزب الشورى الأخير يثبت ذلك. و لكن على المجتمع فرض احترام القانون عليها و على قياداتها.

فرض القانون فيما مضى بمحاسبة كل من أخطأ و أجرم بالقانون و فرض القانون فيما سيأتي بمحو ثقافة اللامحاسبة و اللاعقاب. و هذا ينطبق على الجميع طبعا.

* وزير سابق للتكوين و التشغيل.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.