الرئيسية » تونس : القضاء بين الاختراق وشق الصفوف!

تونس : القضاء بين الاختراق وشق الصفوف!

يبدو أن الخلاف المبدئي لرئيس الجمهورية قيس سعيد مع المجلس الأعلى للقضاء حول شروط إصلاح القضاء ينذر بالتطور في المرحلة القادمة عند عرض مشروع وزارة العدل على عدد من الهياكل التمثيلية للقضاة والهيئة الوطنية للمحامين لإبداء الراي فيه تحت عنوان “التشاركية”! 


بقلم القاضي أحمد الرحموني

ربما لم ينتبه كثير من المتابعين لمواقف الهياكل القضائية إلى وجود خلاف (قد يبدو خفيا)  بين توجه بعض ممثلي القضاة (من جمعيات ونقابات) من جهة وبين موقف المجلس الأعلى للقضاء من جهة أخرى بشأن دعوة رئيس الجمهورية إلى إصلاح القضاء وتنقيح القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء. 

ففي حين يسلم  بعض ممثلي القضاء العدلي والإداري والمالي بإمكانية مراجعة القانون الأساسي للمجلس وحتى بإدخال إصلاحات على النظام القضائي بشرط أن لا يكون ذلك بصفة أحادية (انفرادية) وإن يتم الإصلاح بصفة تشاركية تأخذ في الاعتبار مقترحات الهياكل التمثيلية. 

نرى في مقابل ذلك تمسك المجلس الأعلى للقضاء برفض إصلاح المنظومة القضائية في سياق الأحكام الاستثنائية و بعدم إمكانية المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية و استبعاد تنقيح القانون الأساسي للمجلس بموجب مرسوم رئاسي.

وإضافة لذلك فإن هياكل المحاماة ممثلة في عميد المحامين وجمعية المحامين الشبان قد دافعت على ضرورة تداخلها في هذا المسار وعبرت لا فقط عن استعدادها للمشاركة بل عن تسليمها بضرورة إصلاح المجلس في ظل الوضع الاستثنائي وبمبادرة من رئيس الجمهورية. 

ومن الملاحظ في هذا السياق ان تكليف رئيس الجمهورية لوزيرة العدل بإعداد مشروع يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء قد كان منطلقا لمواجهة مفتوحة ضد المجلس الأعلى للقضاء الذي رأى في ذلك تهديدا لوجوده ومساسا باستقلاله.

وقد أعقب ذلك محاولة من جانب رئيس الجمهورية قصد تبرير ذلك التكليف الذي لم ير فيه عند استقباله لوزيرة العدل يوم 1 نوفمبر 2021 تدخلا في الشأن القضائي طالما أن ذلك سيتم بمشاركة القضاة أنفسهم.! 

ومهما كانت الدوافع وراء تلك المواقف على اختلافها أو تمايزها، فإنه يبدو أن الخلاف المبدئي مع المجلس الأعلى للقضاء ينذر بالتطور في المرحلة القادمة عند عرض مشروع وزارة العدل على عدد من الهياكل التمثيلية للقضاة والهيئة الوطنية للمحامين لإبداء الراي فيه تحت عنوان “التشاركية”! 

كما يبدو متوقعا في وجود حالة التعارض بين التوجهين ( وفي غياب أي تنسيق للمواقف) ان يشق مشروع المرسوم صفوف القضاة وأن يدفع الوضع القضائي إلى نزاعات عميقة حول مشروعية ذلك “الاختراق” فضلا عن التداعيات الخطيرة على حريات المواطنين واستقرار البلاد!

شارك رأيك

Your email address will not be published.