الرئيسية » تونس على صفيح ساخن فمتى سنستفيق من السكرة الثورجية ؟

تونس على صفيح ساخن فمتى سنستفيق من السكرة الثورجية ؟

إذا أردت أن تعرف حقيقة الوضع في تونس فعليك بزيارة الأسواق حيث الأسعار ملتهبة.

أي ثورة هذه التي فقرت شعبا بأكمله وحطمت معنوياته لعشرات السنين المقبلة! حتى تتأكد بصفة قطعية من الفشل الذريع الذي وصلت إليه المنظومة الإخوانيية ومن حكم معها تونس طيلة عشرة سنين، فما عليك إلا أن تذهب إلى السوق لشراء الخضر والغلال… وامتطاء وسائل النقل العمومي…

بقلم رؤوف الشطي

في الأسواق الأسعار من نار وهي تكاد تعادل مثيلاتها في سويسرا وفرنسا وأمريكا… رغم أن الأجر الأدني (السميغ) في هذه البلدان ارفع 8 مرات علي الأقل مما هو في تونس… وهذه الأسعار مرشحة فعلا لمزيد الارتفاع عندما تشرع الحكومة فعلا في تطبيق تعليمات صندوق النقد الدولي للحصول علي القرض الذي تطلبه أي زهاء ال 12 مليار دينار تونسي. علما أنه لا خيار لها وقد شرعت فعلا في تطبيق مبدأ حقيقة الأسعار الذي التزمت به (أسعار الوقود علي سبيل المثال…)

كان الله إذا في عون ال80% من الشعب التونسي بعد أن اندثرت فيه الطبقة الوسطي، الركيزة الأساسية في المجتمع وصمام الاستقرار والسلم الاجتماعية ومفخرة تونس بورقيبة وبن علي، أي دولتي الاستقلال والتنمية الانسانية…

الطبقة الوسطي تكاد تكون انقرضت نهائيا

هذه الطبقة الوسطي تكاد تكون انقرضت نهائيا لتلتحق با الطبقات الشعبية ( الزواولة بلغتنا التونسية) الذين يمثلون اليوم 80%…من الشعب ان لم يكونوا اكثر…

فحتى الإطار الإداري السامي والبنكي والطبيب الشاب والمحامي المتخرج حديثا وغيرهم أصبحوا غير قادرين علي مجابهة تكاليف الحياة العادية من سكن و أكل وشرب وكساء وتنقل… فما بالك بالعاملين الآخرين… و كذلك بمن هم في البطالة منذ سنوات…

مثل هذا الخور الذي لم تعرفه تونس طيلة 55 سنة منذ الاستقلال في 1956 إلى 2010 يتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولي حزب النهضة الإسلاموي الذي أخفق إخفاقا ذريعا في إدارة دفة الحكم وأدخل البلاد في متاهات الغنيمية وقسمة الكعكة، أكدت عدم أهليته للحكم، دون ان ننسى “الخلواضة” من الثورجيين الآخرين و على رأسهم المنظمة النقابية وأحزاب الترويكا و الأحزاب اليسارية والإعلام الفاسد… الذين ساهموا بقسط وفير في تخريب كل شيء دون أن يبنوا أي شيء يذكر… والأرقام في كل الميادين تشهد على ذلك…

وبالرغم من هذه الإخفاقات التي عجز الحاكم الحالي للبلاد عن إيجاد أي حل لها، يتواصل العبث من كل الجهات… فحركة النهضة تتعنت وتستقوي بالخارج (الولايات المتحدة الأمريكية وأنقلترا…) وتريد البقاء في الحكم حتى انتهاء عهدة البرلمان أي سنتين أخرتين على الأقل والرئيس قيس سعيد يواصل وضع مشروعه الطوباوي قيد التنفيذ متناسيا أن البلاد في قاع القاع ولا تتحمل أي شطحات بعد أن أصبحت أضحوكة العالم.

تونس انقرضت من الخارطة السياسية الدولية

ففيما عدى زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكية المكلفة بالديمقراطية وحقوق الانسان… والتي زارت تونس في “مهمة خاصة جدا” منذ أسبوع لم نشاهد منذ أكثر من ستة أشهر زيارة أي مسؤول غربي مرموق إلى بلادنا… وكأن الدولة التونسية انقرضت من الخارطة السياسية الدولية…

وبالفعل وحتى لا ننافق أنفسنا فإنه من باب الموضوعية القول بأننا اليوم بلاد عليلة واهنة لا وزن لها علي الساحة الإقليمية والدولية…

وهذا يتحمل المسؤولية فيه الثورجيين بما فيهم الثورجيين الذين لم نعد اليوم نسمع أصوات العديد منهم… فأين حزب مصطفي بن جعفر وحزب المنصف المرزوقي … أين حراك تونس الارادة و أين تحيا تونس و أين قلب تونس و أين مشروع تونس؟ كلهم انتهى دورهم نهائيا وخرجوا من الساحة غير مأسوف عليهم …

إنها فعلا ثورة “عظيمة” صفق لها العالم… فقرت البلاد وحطمت معنويات شعب بأكمله… وهذا ما تشاهده يوميا علي وجوه الناس اينما تذهب…

بكل موضوعية البلاد قادمة علي الأسوأ وعلي الجميع منذ الآن فعل ما يجب لتخفيف أكثر ما يمكن من الأضرار…

الاستقواء بالخارج لن ينفع أصحابه في شيء لأن ما يهم الخارج في الدرجة الأولي هو مصالحه التي تكمن بالنسبة إليه في استقرار تونس في المغرب العربي و ذلك لتجيب جنوب المتوسط مزيد تأجيج الأجواء، في محيط مغاربي شديد التقلب وعلى صفيح ساخن… وهو يعي جيدا أن مصلحته تكمن لدى من هو سيد أو سيدة الأرض في البلاد، أي الجهة القادرة علي تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي… والأشياء في هذا الصدد أصبحت اليوم مكشوفة للجميع … وعلى الجميع فهم ذلك,

سفير سابق.

شارك رأيك

Your email address will not be published.