هل سيكفي قرض صندوق النقد الدولي لإنقاذ الاقتصاد التونسي ؟

الوفد التونسي يظفر بالموافقة المبدئية على مستوى الفنييين على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، بعد مفاوضات دامت أكثر من سنة و نصف و كان الإعلان عن الاتفاق خلال اجتماعات الخريف للصندوق و البنك الدولي لسنة 2022، فإلى أي مدى ستتغير الأوضاع الاقتصادية و المالية في تونس إذا تأكد اسناد القرض من طرف مجلس إدارة الصندوق في ديسمبر القادم؟

              بقلم ياسين فرحاتي

حل منذ أيام قليلة الوفد التونسي المكون من وزيري المالية و الاقتصادي و محافظ البنك المركزي و عدد من “الخبراء” الذين  توصلوا في نهاية المطاف عبر ساعات مضنية من التفاوض لإقناع خبراء الصندوق الدولي بواقعية المطلب التونسي و باستجابته لأغلب الشروط المفروضة.

و من المعلوم أن  القرض الممنوح من هذه المنظمة المالية الدولية  يبلغ 1,9 مليار دولار أي ما يعادل 6 مليار دينار عبر دفعات. و تتجلى أهمية هذا القرض و في قسطه الأول كونه سيسر من قضاء بعض المتطلبات الآنية التي الاقتصاد لمواجهة مجموعة من الأوضاع الصعبة مثل عجز الميزان التجاري و ارتفاع نسبة التضخم في ظرف يترافق مع مطالب اجتماعية بتحسين المقدرة الشرائية للمواطن و محاربة النقص في التزويد. 

يتنزل مقالنا في جوهر المحاولات الجارية لإحداث ديناميكية على مستوى الدفع بإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني طبقا لدستور 2022، و الذي ينص في أحد فصوله على إنشاء الجمعيات الأهلية ضمن ما يعرف ب”الاقتصاد الاجتماعي التضامني” عبر الجمعيات الأهلية. و هي تجربة كانت قد عرفتها ألمانيا إثر الحرب العالمية الثانية و سمي ذلك ب “اقتصاد السوق الاجتماعي” و هي يمزج بين الاقتصاد الليبرالي أي حرية السوق و الاقتصاد الاشتراكي. و لنا في تونس، في فترة ستينيات و السبعينيات تجربة مع التعاضد و قد حكم عليها بالفشل وقتذاك. 

ضرورة وضع اليد في اليد

و يأتي القرار الذي يدعو إليه رئيس الجمهورية بهدف تحفيز الشباب و حاملي الشهائد العليا على المبادرة الحرة لكن في إطار أوسع و أشمل و قد أعلن عن تأسيس أول أنموذج من هذه الجمعيات الأهلية ببني خيار من ولاية نابل بالوطن القبلي. 

و رغم بعض الإنتقادات الموجهة إلى هذه الخطوة كونها سنكرس ما يعرف بالعروشية و لكنها موجودة من قبل في مدن لا يزال يسطر عليها فكر القبيلة و المجتمع الريفي و البدوي و لا نجده في المدن الكبرى. فمن الواجب التحلي بضرورة وضع اليد في اليد و دحض الأحكام المسبقة و النقد الذاتي لتجاوز معوقات نفسية متأصلة فينا فيمكن أن تقوم جمعية أو شركة أهلية بين أشخاص ليسوا من نفس الجهة أو الإقليم لكن ما يجمعهم هو هدف مشترك و هو تحقيق النجاح و در أموال تعود بالفائدة على الجميع يمكن أن نستعمل شيءا معروفا في التجارة الدولية وهي الميزة النسبية أي تبنى مثل هذه الشركات على تبادل السلع بين مدن تونسية من أقاليم مختلفة و لنا تجارب ناجحة جدا في جمعيات يمكن أن يستفيد الشباب المقبل على الانتصاب بواسطة العمل الأهلي. على كل لا بد من أن تقام على الأقل تجربة نموذجية في كل ولاية على أساس وضوح الرؤية و الهدف و واقعية المشروع. 

يبقى أن الشباب كثيرا ما يشكو من عائق التمويل فما دامت الدولة هي من يستكفل بهذه العملية فثمة حرج أو قلق قد زال، و يبقى أيضا ما هو في اعتقادي كيفية إدارة عمل هذه الشركة الأهلية ؟ و أظن أن الإدارة التشاركية رغم ذلك تحتاج إلى قائد يستطيع الموازنة بين الأهم و المهم و يتفهم إلى حد ما طموحات فريقه و سلوكياتهم. 

هذا نوع من الاستثمار الداخلي المرغوب فيه جدا، وهو عندما تتحسن الظروف السياسية الداخلية أكثر قد يجلب معه الاستثمار الخارجي، حيث أن هذا الاستثمار بنوعيه يشجع على الترفيع من طاقات الإنتاج و يجلب التقني (ترجمة عن مصدر فرنسي). 

تحسين مناخ الأعمال في مختلف الجهات

و الاستثمار يمكن من خلق الثروة و توفير فرص شغل جديدة مما قد يخفض من وطأة شروط صندوق النقد الدولي المتعلقة بالتوفيق من الإنفاق و سياسة التقشف و عدم التبذير أو الإسراف و هذا منبوذ شرعا و الحد من التوظيف. 

كما أنه يوجد نوع قديم من الاستثمار في رأس المال البشري و هو القروض التي تمول مشاريع خاصة  لكن عبر قروض ذات نسبة  فائدة معينة مهما كانت قيمتها تشكل حاجزا دون قيام المشروع و المطلوب هنا هو إيجاد صيغة تمكن من هم ضد هذا النوع من القروض من النفاذ و الوصول إلى تحقيق مشاريعهم كأن تكون ثمة مراسيم و ضمانات للدولة و للحريف للحصول على قرض بمعلوم معين فمجرد إقبال المئات في يوم واحد سيرفع من المرابيح و يحسن مناخ الأعمال في مختلف الجهات. 

إن الهدف الرئيسي من كل هذه الإجراءات هو الحد من نسبة البطالة التي تشكل هما وعبءا ثقيلا على العائلات التونسية و على الحكومة و قد رأى البعض من الخبراء في تونس في السابق، استئناسا لربما بتجارب غربية إمكانية التخيف من حدتها عبر بعض التخفيض من سن التقاعد، وهو في سن الستين لبعض الشرائح العمرية نذكر مثلا المعلمين بعد 35 سنة عمل فعلي.

لكن يرى أصحاب هذه النظرة الاقتصادية، أن هذا سيؤدي إلى مشاكل عند الشيخوخة فيما يتعلق بدفع أجور المتقاعدين مع المشاكل التي تعانيها الصناديق الاجتماعية اليوم، و قد عرفت مشاكل من قبل مع قطاع الصحة إلا انها أيضا تقدم خدمات هامة لأصحاب الأمراض المزمنة.  

التونسيون اليوم يحدوهم أمل كبير في النهوض ببلادهم و تطوير قواعد العمل المشترك و إرساء ثقافة التعويل على النفس.

 كاتب من تونس.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.