مٌحاضرة بالمجمع التونسي “بيت الحكمة” حول الإسلاموفوبيا

في إطار انفتاح المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” على جديد المقاربات الفكريّة والعلميّة التونسيّة والعالميّة، نظّم مؤخّرا قسم العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة لقاء فكريّا أداره الأستاذ الصديق الجدي، وقدّم خلاله الباحث والأكاديمي الكندي المختص في الدراسات الإفريقيّة والأنتروبولوجيّة جيل بيبو Gilles Bibeau محاضرة انطلقت من سؤال ما الإسلاموفوبيا العلميّة؟


ووظّفت الإجابة المرجعيّات التاريخيّة والإيبستيمولوجيّة سعيا إلى التحرّر من التوظيف الإيديولوجي الذي غالبا ما تقع في فخاخه الأطروحات الأحاديّة والتبريريّة لمنطق المركزيّة الثقافيّة.
فلا يمكن فهم ظاهرة فوبيا الإسلام وفقا لأستاذ الانثروبولوجيا في جامعة موريال دون رحلة التاريخ وتأشيرة التقصي المعرفي النازع أقصى ما يمكن نحو الموضوعيّة، إذ تمكّننا الرحلة التاريخيّة من الإلمام بالدوافع السياسيّة والثقافيّة والاجتماعيّة والدينيّة لتنامي فوبيا الإسلام، وهذا ما أكّده جيل بيبو في تفاصيل مداخلته، إذ غيّبت المركزيّة الغربيّة الجوانب المستنيرة في الحضارة الإسلاميّة ودفعت بأشكال مختلفة نحو تقديم المشروع الثقافي الإسلامي بوصفه منتجا للفوبيا، في حين أنّ المتأمّل في حقيقة هذا السياق الحضاري في نظر جيل بيبو يكتشف إسهامات فلسفيّة وعلميّة وفكريّة أغنت الفكر الكوني، وذكّر في هذا المجال بعديد المرجعيّات العلميّة والفلسفيّة مثل فلسفة ابن رشد وبجهود الترجمة وباكتشافات علميّة لن ينكرها إلاّ المتعسّفين على مسارات التاريخ.

لذلك دعا المحاضر إلى ضرورة إعادة النظر في قراءة العلاقات بين الضفاف الثقافيّة المختلفة بمنأى عن سلوكيّات الاتهام والإدانة
وإقصاء المغاير، ولعلّ هذا ما أملته في نظره الحركة التنويريّة بما تتضمّن من قيم تشاركيّة تستوعب منزلة الإنسان خارج دائرة الديني والعرقي وكافّة أشكال الدفع نحو التصادم على غرار الإيهام بحتميّة التنافر بين الأديان، أو الإيهام بقدريّة التضاد بين قيم الإسلام ورهانات التحديث.
تلك هي مقاربة التشخيص العلمي لظاهرة الإسلاموفوبيا، فهي تفكيكيّة للمسكوت عنه، ومتضمّنة لما هو قاصد وما هو متخفي، ولما هو مجهري وما هو مرئي، فهي ليست ناجمة عمّا هو ديني بقدر ماهي وليدة توظيف الديني لما هو اجتماعي وسياسي وإيديولوجي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.