لا يمكن للصين أن تكون بديلا لأوروبا و أمريكا كشريك استراتيجي لتونس

بعيدا عن المراهقة السياسية و الجهل بواقع الاقتصاد يجب إدراك حقيقة أن الصين منافس اقتصادي لتونس في بعض مجالات إنتاجها وهي في نفس الوقت بلد صديق يمكن التفكير في توسيع مجالات التعاون معه لكنها لن تكون بديلا لأوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية و دول مجموعة السبعة G7 مثل اليابان كشريك استراتيجي لتونس في المستقبل المنظور.

بقلم إلياس القصري

تمتعت تونس منذ سنة 2011 برصيد معنوي ومادي كبير من شركائها الغربيين إثر انخراطها في العملية الديمقراطية حسب مقاييس الغرب و هي تجد نفسها الآن في موقع الشريك الذي يعطي الانطباع بأنه بصدد التراجع عن تعهداته في مجال الديمقراطية وتوفير الرفاه لشعبه علما أن المزايدات الأيديولوجية للمتطفلين على العلاقات الدولية المنادية بالابتعاد عن الشركاء الأوروبيين والأمريكان و الارتماء في أحضان الصين وروسيا تفضح انعدام النضج الاستراتيجي و عفوية مراهقين و لا تعدو أن تكون إضرارا بسمعة تونس و مصالحها و مساسا بكرامة الشعب التونسي بأكمله إذ يعطون الانطباع أن انتماء تونس الدولي أصبح حسب قاعدة المزاد العلني و أفضل العطاء ( mieux disant).

هذا لا ينمً عن وضوح وثبات في المباديء سيًما أن تاريخنا و استثماراتنا و صادراتنا و سياحتنا و جاليتنا بالخارج مرتبطة بأوروبا.

قد يكون من الفائدة التذكير بأن تونس تشكو أكبر عجز تجاري مع الصين التي ساهمت بقسط كبير في إضعاف النسيج الصناعي التونسي و اكتسحت أسواقه بالخارج و كانت ولا تزال خصما اقتصاديا موضوعيا هائلا لتونس رغم بعض الهبات التي لا تغطي الضرر الفادح الذي لحق الاقتصاد التونسي و سوق الشغل.

لعل من يحلم بالارتماء في أحضان الصين يفكر في هذا الجانب السلبي لعلاقتنا مع الصين على الأقل في المجالين الصناعي والتجاري مع ضآلة إن لم يكن انعدام أي إمكانية لتصحيحه مهما كانت الشعارات و حماس المراهقين السياسيين.

فالصين خصم اقتصادي و في نفس الوقت بلد صديق يمكن التفكير في توسيع مجالات التعاون معه لكنها لن تكون بديلا لأوروبا و أمريكا و دول مجموعة السبعة G7 مثل اليابان كشريك استراتيجي لتونس في المستقبل المنظور. فإن كان هناك مجال للتفاوض وتحسين آليات التعاون والشراكة مع الغرب فعلينا بالاستئناس بالحنكة والحكمة البورقيبية الذي عرف انه و لو كانت فرنسا القوة المستعمرة و حلفاءها تحت ضغط الهجمة النازية والفاشية فتونس لا يمكن أن تتنكًر لمبادئ الحرية و التاريخ و الجوار.

سفير سابق.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.