في أسباب تراجع كرة القدم في تونس

الهزيمة المذلة للترجي الرياضي التونسي أمام الأهلي المصري في مباراة الذهاب لنصف نهائي البطولة الأفريقية للأندية في ملعب رادس يوم الجمعة 12 ماي 2023 بنتيجة 0-3 ليست سوى نتيجة حتمية لما يسود كرة القدم في تونس من تخبط و عشوائية على كل المستويات الرياضية منها و التنظيمية.

بقلم مرتجى محجوب

هزيمة الترجي و هو عميد الأندية التونسية و بتلك الطريقة المذلة تعتبر دقا لناقوس الخطر أمام واقع كروي مترد لن يصلح ما لم نتطرق لأسبابه العميقة من أجل ايجاد الحلول المناسبة و لو على المدى المتوسط أو البعيد.

ليس الترجي وحده الذي سقط سقطة مدوية بل فرقنا التونسية الكبرى مثل النادي الأفريقي و النجم الساحلي و النادي الصفاقسي و الإتحاد المنستيري كلها فقدت الكثير من بريقها و إشعاعها العربي و الأفريقي و لو بنسب متفاوتة.

في كرة القدم التونسية اليوم، تشاهد كل شيء إلا كرة القدم : العشوائية في التنظيم، العنف المادي و المعنوي، النزاعات القانونية و انفلات الجدماهير وغيرها من مظاهر التخلف و الهمجية.

أما عن الأسباب فتتلخص في رأيي في النقاط التالية : 

– انحسار مساحات اللعب في الأحياء الشعبية أو ما يسمى “بالبطاحي” و التي كانت تساعد على تفريخ اللاعبين الكبار في كافة أنحاء الجمهورية،

– تراجع التكوين القاعدي الذي تشوبه عديد الإخلالات و النقائص من بنية تحتية ضعيفة إلى محسوبية و محاباة إضافة لغياب الاستراتيجيات العلمية في كثير من الأحيان و الاقتصار على أهداف قصيرة المدى و مضرة بمسار تكوين الشبان من قبيل السعي بكل الطرق للفوز ببطولات الشبان و التي لا قيمة لها أمام أولوية التكوين العلمي السليم،

– فشل الهياكل المسيرة لكرة القدم التي لم تنجح في كسب ثقة الجمعيات و الرأي العام الرياضي بصفة عامة و بقيت الاحتجاجات المشروعة في كثير من الأحيان ضد بعض القرارات و الإجراءات و خصوصا ضد منظومة التحكيم حيث صارت خبزنا الكروي اليومي عوض الاهتمام بالجوانب الفنية و الكروية البحتة،

– تفاقم المشاكل المادية لجل الفرق التونسية نتيجة ضعف المردود التسويقي لكرتنا و نظامنا الاحترافي الذي بقي بين بين، فلا هو احترافي بالكامل يتيح تحول الجمعيات لشركات اقتصادية و لا هو نظام هواية لا يطمح للتألق عربيا، أفريقيا و دوليا.

لعل ما وصل إليه الفريق الوطني لكرة القدم اليوم من حيث تركيبته التي تكاد تقتصر على اللاعبين الذين ولدوا و شبوا و تكونوا في أوروبا يدل على الفقر الكروي الذي وصلت إليه تونس التي أنجبت في الماضي عديد اللاعبين الكبار الذين تكونوا في بطاحها و ملاعبها و نواديها قبل أن يشعوا في الخارج. التراجع الكبير هذا جلي وواضح للعيان و لعل هزيمة الترجي المخجلة يوم الجمعة الفائت الدليل القاطع على ما ذهبنا إليه من ملاحظات.

واقع كرتنا المريض يتطلب و بصفة استعجالية لم شمل كبار المسؤولين و اللاعبين القدامى من كل الفرق التونسية من أجل التوافق على جملة من المسائل الحيوية و الاستراتيجية حتى تتوقف حملة التشكيكات و فقدان الثقة بين جميع الأطراف المتداخلة و حتى يتركز اهتمام و اللاعبين و الجماهير على الأمور الفنية و اللمسات الجمالية داخل المستطيل الأخضر و ليس على أمور جانبية و ثانوية.

يكفي رجاءا من الحسابات الضيقة و من تغليب المصالح الشخصية و التهريج و الصخب في سعي إلى التعتيم على ضحالة الانتاج وضعف المردود، و الا فلن نجني سوى مزيد من الخيبات و الاخفاقات.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.