بعد توقيع مذكرة التفاهم بين تونس و أوروبا: لا للعبور، ولا للقبور، ولا للتوطين المستور

الآن وقد وقعت الفأس في الراس ووجدنا أنفسنا في تونس نتعاطى مضطرين مع آلاف اللاّجئين من إفريقيا جنوب الصحراء، هرول إلينا قادة أوروبا من جديد ليحاولوا رسميا جرّنا إلى تثبيت اللاجئين بدلا عن عبورهم إلى الأراضي الأوروبية و ذلك من خلال إمضاء “مذكرة التفاهم حول الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين تونس والاتحاد الأوروبي” الأحد 16 جويلية 2023 بقرطاج…

بقلم سعيد الخزامي

واضح أنّ الاتحاد الأوروبي، بضغط من بلاد المافيا ودهائها، قد برمج لفّ صفقة اللاّجئين بحزمة من المساعدات لتخديرنا كما جرى في السابق. ويبدو أنّ طلب تونس، قبل أسبوعيْن، تأجيل التوقيع، وما تخلّل المدة من شروع في الترحيل، وتعهد من الرئيس قيس سعيّد بألاّ يسمح بتحول تونس إلى أرض عبور أو توطين، وتَكشف أمر شبكات تهريب البشر، وافتضاح جمعيات الداخل التي تتاجر بالوطن، قد حملت جميعها الأوروبيين على تغيير الأسلوب فتحول ما سموه في الزيارة السابقة في 11 جوان الماضي اتفاق “الحد من تدفقات الهجرة وفتح ضفتي المتوسط أمام التنمية الاقتصادية” إلى “مذكرة التفاهم حول الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين تونس والاتحاد الأوروبي”.

ومع أن عبارات العنوانين لا تختلف من حيث أنها مبهمة وخاضعة لأيّ تفسير، فإنّ الزائرين قد ركّزوا، في النقطة الإعلامية بقصر قرطاج، على الدعم المالي والفني واللوجستي الذي قرّروه لتونس، وتجنبوا تقريبا الخوض في مسألة اللاّجئين، إمّا لتبقى سرّا تُعالج على معنى عبارة “الشاملة” التي وُصفت بها الشراكة، وإمّا جرى ترحيلها، ربما بإصرار من سعيّد، إلى ما بعد قمّة 23 جويلية لقيادات أوروبا وإفريقيا وتونس…

وفي انتظار الحسم،

ـ يجب أن يطّلع الرأي العام على ما يُوقع مع الجانب الأوروبي باسم الدولة التونسية، حتّى لا تتكرر حادثة تلك الاتفاقية التي لم نعلم ما تُخفي عندما وقّعها مستشار الرئاسة محسن مرزوق في ماي 2015 خلال زيارة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي لواشنطن.

ـ التوقيع مع أوروبا التزام تتجاوز فيه المسؤولية الإطار الوطني إلى المجتمع الإقليمي والدولي ما يستوجب التنسيق مع دول المغرب العربي والإتحاد الإفريقي لتقوية الموقف التونسي في مواجهة الموقف الأوروبي الموحد.

ـ ترحيل اللاّجئين يجب أن يتم بسرعة، طوعا أم قسرا، مع ما نعلم من أنّه مكْلف وصعب على تونس، ويستنزف طاقاتها الأمنية والصحيّة واللوجستية، حتّى تسقط ورقة وجودهم في تونس من المساومات الأوروبية.

ـ إخراج اللاّجئين يجب أن يتم بقرار تونسي وفعل تونسي لأنه لو وضعت أوروبا أنفها في ترحيلهم فستقيم لنفسها مبررا لإرجاع التونسيين الذين دخلوا أوروبا بشكل غير قانوني.

ـ معالجة مشكلة اللاّجئين يجب أن تأخذ في الاعتبار الرحمة واللّين حتّى لا تُستغل لتشويه صورة تونس وشعبها وتأليب الرأي العام الغربي.

ـ طلب دعم المنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية يجب أن يكون مشروطا بألاّ يكون دعما يثبّت لللاّجئين حقوقا على أرض تونس.

ـ تعزيز جهود الرقابة على الحدود، وتقوية التدابير الأمنية، لمنع دخول المهرِبين والمهرَبين من البشر.

ـ سن قانون يقطع، في هذه المرحلة الدقيقة، التمويل الخارجي على بعض الجمعيات، لأنه منها تمر أوروبا إلى تنفيذ محاولتها ترويض تونس على التوطين.

ـ العمل بأقصى الجهد والفاعلية مع الأوربيين، إذا كانوا ملتزمين صدقا بتقديم العون المالي والفني، من أجل تنفيذ وعودهم والاستفادة منها في تحسين واقع البلد.

صحفي و مدون.

شارك رأيك

Your email address will not be published.