السعودية تنفق مال قارون في جلب نجوم كرة القدم : المال يخلف الهبال !

في هذه الورقة يتعرض الكاتب باسلوب يجمع بين السخرية و النقد و التحليل لما آلت إليه الأوضاع في البلاد العربية الإسلامية من انقسام و تشرذم و عدم اكتراث و تبديد للمال العام في إنفاق سوريالي لا يستقيم لأي عقل سوي.

بقلم فتحي الهمامي

الكل فاتح فَاهَهُ. العدو قبل الصديق، غير المسلم قبل المسلم. فالبوز الإعلامي هذه الصائفة أَثْمَرَته أرض مقدسة، صنعه أخوة لنا في الدين، ممن أنعم الله عليهم من نعمه الكثير، ولم ينعمها علينا، او أنعم علينا منها بقليل القليل، ولله في خلقه شؤون. 

أشقاؤنا، أعز الله بهم الإسلام، أخبارهم وغزواتهم ما كسّرت الميديا وكذلك السوشل ميديا العالميين فقط، بل روتين أخبار الحرب والمآسي والانقلابات. فبرَّدت عن المريض والمهموم. وخَفَّفت عن الأشقاء وغير  الأشقاء حرارة الصيف القائظ، وأنا من ناحيتي ما بقيت غير مبال فرُحْتُ أتعقب جديد إغاراتهم. 

ففي عِزِّ شهري الحَرّ، لا كلام إلا عن أبناء خادم البيتين، وأكثر الكلام باللسان غير العربي. وهذا لوحده فتح لا ينكره سوى الجاحدين، او من في قلوبهم مرض. فعظم الله أجرهم، وزادنا من بِرّهم وصلاحهم، وعفانا من ذلك المرض.

الغزوة تلو الغزوة،

أما فتحهم المبين، مُهْبِل الميديا، فليس اكتشافا أو اختراعا، فذلك من عمل غير المؤمنين بالواحد الأحد. وإنما غزو العدو على سُنّة أجدادهم… العربان أبناء الجزيرة لم يرتاحوا هذا الصيف، فهم منشغلون، ركبوا خيولهم واِنْدَفَعوا على بركة الله على سوق الانتدابات الكروية، الغزوة تلو الغزوة، كَرّ دون فَرّ. فقَهَّار حب الكرة، أهْبَلَ لابسي الغترة البيضاء.

فالكرماء الأعزاء الطَّيِّبُون ما اخذتهم الغيرة على إخوانهم السوريين أو اليمنيين أو السودانيين الهائمين على وجوههم المشردين في الشتات، أو على سكان بلاد عقبة ابن نافع الموعود لهم “سبيطار”  لم  ينجز منه سوى لافتة وبوابة (و إن كان ذلك بسبب البيروقراطية التونسية و ليس بسبب شح الأخوة السعوديين)، أو على فقراء بلادهم والدنيا المَطْرُودين من جنة الحياة البهية… فهؤلاء لهم الله ثم بعض فتات مَوائِدَهم.

بل اخذتهم – بقوة – الغيرة على لاعبي كرة قدم عالميين بلغ اغلبهم ارذل العمر الرياضي، كما أخذت الغيرة من قبل العنابي أبناء عمومتهم على كأس العالم. فتوكلوا على الله ثم اندفعوا يغترفون المال من بيوت مال المسلمين ومن خزائنهم، فالإنفاق لا رقابة عليه هناك ولو كان أَهْبَلا، ليفَرّقوه في صفقات شراء هَبْلاء على لاعبين، اشتروهم  كما يشترى الأطفال الأُلْهُوَّة وكل ما يُلْعَبُ به، لضمهم إلى ما يسمونه الدوري.

 هؤلاء اللاعبين لا أنكر محبتي لإبداعاتهم، وولعي بهم مثل الملايين حول العالم، ولكن بينهم وبين الماضي خطوة، فطاقة العطاء في أجسامهم نفذت او تكاد، ولا مجال لشحنها من جديد. فهم في خريف العمر الرياضي بما ان سنهم تعدى الثلاثين.

بضاعة قرب انتهاء تاريخ صلاحيتها، ورغم ذلك أبتيعت بأغلى الأثمان، فغنم “الكوارجية”، فرقهم والوكلاء أموالا بالقنطارات، ليزيدهم ذلك ثراء على ثراء.  

المال مالهم وهم أحرار فيهم 

 واخوتنا الأعزاء ما كفاهم ذلك، لا يتوقفون عن الشراء، وكأن وَسْوَاس التسوق أصابهم، فها هم يلهثون وراء مُلاَّك أكبر جمعية أنجليزية لاقتنائها. هذه الصفقة لن أقول رقمها المالي، فهو أضخم من أن يستوعبه عقلي. ولكني فهمت انه خيالي. وأقدر انه يكفي وزيادة لإيواء اللاجئين السوريين جميعهم، ويطعم السودانيين المهجرين بكاملهم، ويبني أكثر من مستشفى جامعي في اول مدن الإسلام في بلاد المغرب.

فاللهم وفق اشياع محمد عبد الوهاب، ويسِّر أمرهم في غزوتهم لبرّ مملكة شارل الثالث. وأقول لمن سيقول باستنكار: “مالك ومالهم” يا رجل، فالمال مالهم وهم أحرار فيهم، فليبَدَّدوه، يبَعْثروه، يبَعْزَقوه كما يشتهون ويريدون !

أقول قولة عبد الرحمان منيف لمن أعجبه هذا الهَبَل : “إن الشيء الذي يتعذر كسبه عن طريق المال هو العقل”.

ناشط حقوقي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.