اليوم العالمي للمهاجرين : كلنا مهاجرون … الحقوق والكرامة للجميع

بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين أصدر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية البيان التالي يدعو فيه كل الدول المعنية إلى حفظ حقوق و كرامة المهاجرين و احترام حقوقهم في التنقل. (الصورة: مهاجرون أفارقة وسط مدينة صفاقس).

نحيي في 18 ديسمبر من كل سنة اليوم العالمي للمهاجرين.ات الذي يشكّل فرصة لنا جميعنا للتفكير في تجارب كلّ من غادر بلاده هربا من الحروب والنزاعات والتغييرات المناخية والظروف الاقتصادية السيئة وبحثًا عن فرص جديدة وقدر أكبر من الحلم ومن الأمان وحياة أفضل وتكريسا لحقه في التنقل. 

ان سياسات الهجرة في أوروبا والمتوسط وتونس ازدادت توحّشا وانتهكت حقوق الإنسان والمهاجرين.ات بصورة منتظمة وممنهجة وخاصة للفئات الأكثر هشاشة. فالمهاجرون التونسيون في أوروبا يعانون من تصاعد العنصرية والاسلاموفوبيا ومن قوانين تضيّق عليهم وعلى حقوقهم ويتعرضون لحملات كراهية من مجموعات سياسية فاشية وعنصرية تحت شعارات محاربة ما تسميه “طوفان الهجرة” و “الدفاع عن الهوية”.

يتمّ فرز المهاجرين غير النظامين التونسيين في إيطاليا وفرنسا وألمانيا على الهوية ويطردون جماعيا دون ضمانا قانونية كافية للطعن في قرارات ترحيلهم ويتم ذلك وفق اتفاقيات ثنائية وقعتها حكومات مختلفة فتتشتت عائلات وتقبر أحلام وطموحات. ورغم قرار المحكمة الأوروبية في 30 مارس 2023 الذي ادان الحكومة الإيطالية بموجب البند الثالث للاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان حول المعاملة اللاإنسانية والمهينة والبند الخامس حول الحق في الحرية والمن والبند الرابع حول الترحيل القسري الجماعي الا ان السلطات مازلت تتعاون بشكل غير محدود لإضفاء الشرعية على الطرد الجماعي للمهاجرين التونسيين من إيطاليا وأيضا من فرنسا وألمانيا. وبالإضافة إلى ممارسات العنف والانتهاكات التي ترتكب أثناء عمليات الاحتجاز والترحيل القسري للمهاجرين التونسيين، تم تسجيل حالات وفاة ومحاولات انتحار.وفي سياق تعاون امني ثنائي غير محدود لإيقاف حركات التنقل البشري  لا تبذل الدولة التونسية وإيطاليا جهدا لتقديم إجابات لعائلات المفقودين في الهجرة غير النظامية. 

تجد السياسات التي تنتهك حقوق المهاجرين في أوروبا لها صدى في تونس. حيث يعيش المهاجرون واقعا مأساويا منذ سنوات ليصبح منذ فيفري 2023 أكثر رعبا. تبنت الدولة سياسات تمييزية واستندت الى منظومة قانونية قمعية ضد المهاجرين او “الأجانب” كما درجت على تسميتهم وأصبحت الوضعية الإدارية غير النظامية مبررا لانتهاك الحقوق. اكتسح خطاب الكراهية والتمييز الدولة وأجهزتها والفضاء السيبراني وانتشر الموت على الشواطئ وفي الحدود وفي الصحراء. لم يسلم من الانتهاك اللاجئون وطالبو اللجوء والطلبة والعمال المهاجرون وعديمي الجنسية ليصبح اللون موجبا للاشتباه والتهمة. دفع المهاجرون في تونس ثمنا باهضا لبروباغندا “الشراكة” لدى الاتحاد الأوروبي و”السيادة” لدى الدولة التونسية الذي كان ثمرته “مذكرة تفاهم” على انتهاك حقوق وكرامة المهاجرين التونسيين في اوروربا والمهاجرين في تونس.  

ان المهاجرين كجميع البشر أشخاصٌ لديهم أسبابهم التي حملتهم على التنقل يحملون أسماءً ولديهم قصص وطموحات وأحاسيس ينشدون الكرامة والحرية لا يمثلون طرفا في مؤامرة او وفاق يتطلعون إلى العيش في ظروف تصون الكرامة وتضمن الحقوق.  

نحن مدعوون الى توحيد أصواتنا لتنبيه الرأي العام إلى مأزق السياسات الحالية في أوروبا وتونس. لقد جعلت أوروبا مأزقها قابلا للحل من خلال تحويل اللجوء الى صفقة قابلة للبيع، وانتهاك القانون الدولي والاستعانة بمصادر خارجية لحراسة الحدود وترك المهاجرين يموتون على أسوار القلعة الأوروبية. 

نرفض التطبيع مع موت المهاجرين.ات في البحر وعلى الحدود و في الصحراء وحرمانهم من الحق في الحياة ونطالب ان ألا تطغى الاعتبارات الأمنية  على حساب حقوق الإنسان وأن أية سياسة او تعاون بشأن الهجرة يجب ان تعطي الاولوية لحماية أرواح المهاجرين وحقوقهم الإنسانية، وليس إغلاق الحدود وتصديرها.  

نتمسك” بالتحرير الكامل لأفريقيا التي لا تزال شعوبها تناضل من أجل استقلالها الحقيقي وكرامتها وتلتزم بالقضاء على الاستعمار والاستعمار الجديد والفصل العنصري والصهيونية وتصفية قواعد العدوان العسكرية الأجنبية وكذلك إزالة كافة أشكال التفرقة ولا سيما تلك القائمة على أساس العنصر أو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي.” 

نحن نرفض جعل سياسات وقوانين وممارسات الامر الواقع ضد المهاجرين في أوروبا وتونس نموذجًا يحتذى به، وندين ذلك ونطالب بسياسات بديلة وحلول مستدامة تحمي الحقوق. 

نحن مدعوّون إلى أن نحترم احترامًا كاملًا كرامة كلّ مهاجر في كل مكان بصرف النظر عن لونه او جنسه او دينه او وضعيته الإدارية، وهذا يعني أن نبني جسورًا لا جدرانًا  جذورها من التضامن والتقاسم واحترام حقوق الإنسان. 

الرئيس عبد الرحمان الهذيلي  

شارك رأيك

Your email address will not be published.