في بلادِ اليَاقْ يَاقْ

قصيد جديد للشاعر سوف عبيد

في بلاد اليَاقْ ياقْ
القريبةِ من بلاد الواقْ واقْ
اِجتمع أهلُ الحلّ والعَقد
والعقل والنّقد
تدارسُوا أوضاع البلاد
التي عَمَّ فيها الفساد
بعد التّنقيبِ والتّقليبِ والتّمحيصُ والتّنصيص
والتّحاور والتّشاور
في الأسبابِ والمُسبّبات
أجمعُوا على إلقاء القبض على الشّيطان
وحَبْسهِ إلى أبَدِ الآبدين وراءَ القُضبان
لأنّه سببُ الفسادِ في البلاد
تساءلوا كيف يُمسِكون بالشّيطان الرّجِيم اللّئيم
الماكر الشّاطر
أَحْكمُوا الخُططَ
أَفلتَ
اِستنبطوا الحِيَل
راوغَ
نَصبُوا الشّراك
نَجا
قالتْ لهمْ قهرمانةٌ عجوزٌ منَ الغابرين
أنا أُمسكُ بذاك اللّعين
وأمرتْ أن يُنادِيَ المُنادي
في السّاحاتِ وعلى السّطوح
ـ مَن يستطيعُ الدّخول في زُجاجةٍ
أنا رَهنُ إشارتهِ في كل حاجةٍ ـ
سُرعان ما لبّى الشّيطانُ النّداء
وقال فرِحًا مسرورًا
ـ ها أنا ذَا
ودخل الزّجاجةَ
أسرعتِ القهرمانةُ وسَدّتها بالغِطاء
صارَ الشيطانُ في الزّجاجة حَبيسًا تَعيسًا
فمَا وَسْوَسَ ولا غَوَى
تنفّسَ النّاسُ الصُّعداء
مَضى يومٌ… أسبوعٌ… شهرٌ… فَصلٌ..
وعامٌ
أمستِ البلادُ بلا حَراكٍ
النّاسُ كأنّهمْ نيامٌ في سُباتٍ
لا فلاحةٌ، لا مِلاحةٌ،لا سياحةٌ
لا مالٌ ،لا أعمالٌ
لا شَوقٌ ،لا تَوقٌ
لا جمال ،لا ذوقٌ
لا ورودٌ ،لا مواعيدُ
ولا زواجْ
حَطّ الكسادُ على البلاد
ذاتَ ليلةٍ ليلاء وفي الظّلام الدّامس
قامتِ العجوزُ تمشِي
على عُكازها
فلمْ تشعُرْ كيف دَحرجتِ الزّجاجةَ..!

يا ويحَها
تهَشّمتْ
فاِشتعلتِ الأضواءُ من النّوافذِ وفي السّاحاتِ
وعندَ الفَجر
عادَ الدّبيبُ إلى الطّرقاتِ
والمُؤذّنُ صاحْ…

حَيَّ على الفَلاحْ

تونس.

شارك رأيك

Your email address will not be published.