بعد اقالتها بأسبوع، يوم 22 فيفري 2021، و انطفات من حولها كل الأضواء التي دامت نحو 6 اسابيع، “حيرت” ألفة الحامدي (المحسوبة على النهضة وفق ما يتررد من هنا و هناك و أكده القيادي في الحركة عماد الحمامي خلال محاورته في وحش الشاشة على قناة التاسعة مساء امس الأحد 28 فيفري2021) اسمها و نشرت صباح اليوم رسالة مفتوحة طويلة تكاد ان لا تنتهي توجهت بها الى الرئيس قيس سعيد، ننشرها هنا كاملة:
“الموضوع: محاربة الفساد فعلا لا قولا
و بعد،
و باعتبار أن الخطوط التونسية، مقوم من مقومات السيادة الوطنية و أنتم المسؤول الأول عن حفظ السيادة الوطنية، و باعتبار أن الخطوط التونسية جزء من منظومة الامن القومي و أنتم المسؤول الأول عن الأمن القومي، و باعتبار الوضعية الحرجة و الخطيرة التي وجدت فيها الخطوط التونسية و هي وضعية مؤسسة وطنية على وشك الانهيار،
و باعتبار أنني راسلتكم بتاريخ 15 فيفري 2021، اسبوعا كاملا قبل اعفائي من مهمة انقاذ الناقلة الوطنية، لاعلمكم بالوضعية الخطيرة للشركة و بوجوب تدخلكم لاتخاذ قرار سيادي في الغرض، و باعتبار أنكم لم تردوا على رسالتي و لم تعيروا اهتماما بالمواضيع الاقتصادية و الحال أن الاقتصاد مقوم من مقومات السيادة الوطنية و تونس اليوم على وشك فقدان سيادتها الوطنية إثر تراجع اقتصادها،
و باعتبار أن الحكومة الحالية لا نية لها لإنقاذ الخطوط التونسية بل بالعكس، هي حكومة إما تعمل على التفويت فيها او لا تملك من الكفاءة لأن تقدر أولويات هذا الوطن و أهمية أن يتم إنقاذ الخطوط التونسية في النصف الأول من هذا العام،
و باعتبار مراسلتي ايضا لرئيس البرلمان بتاريخ 15 فيفري 2021 و غياب الرد من جانبه،
و باعتبار أن إنهيار الخطوط التونسية سيكون بمثابة أول قطعة دومينو في انهيار المؤسسات العمومية و الاقتصاد التونسي و بالتالي إنهيار الدولة و المنظومة الحالية و سيفتح الباب لبيع البلاد للداني و القاصي و بأبخس الاثمان،
و باعتبار واجبكم تجاه وطننا العزيز و للمدة التي انتخبها الشعب لكم هو واجب حفظ السيادة لهذا الوطن و لهذا الشعب قبل كل شيء، و لما يُمثّله سقوط الخطوط التونسية من ضرب للسيادة الوطنية، و عليه، أدعوكم سيدي الرئيس إلى الوقوف على المعطيات التالية:
عملت على رأس مجمع الخطوط التونسية لمدّة ستة أسابيع و كان عملي بطريقة علمية سبق و انتهجتها في تحليل المشاريع الكبرى وفق الاولويات التالية:
- الامن و السلامة
- الأسطول و جودة خدمات نقل المسافرين
- الوضعية المالية و كيفيّة الترفيع من الانتاجية على جميع المستويات
- الأخطاء الاستراتيجية في العشرية الفارطة
- خطة الإنقاذ
و دون الخوض في معطيات من شأنها المس من هيبة الدولة فلي ان أعلمكم علنا، امام الشعب و امام الله، أولا بأكبر الأخطاء الاستراتيجية و التي اعتبرها و بكل موضوعية ملفات فساد كبرى داخل الخطوط التونسية و ثانيا، بالخطوط العريضة لإنقاذ المؤسسة.
اليكم، سيدي الرئيس، الأخطاء الاستراتجية الكبرى في الخطوط التونسية ضمن العشرية الفارطة:
*اولا، تم التفويت في الطائرة الرئاسية التي اقتناها الرئيس الراحل بن علي (رحمه الله) لفائدة شركة الخطوط التركية سنة 2016 و هي طائرة ملك للخطوط التونسية و للشعب التونسي و قد تم بيعها بخسارة كبرى تقدر بعشرات المليارات و هذا ما عمق المشكل المالي للشركة بعد الثورة. هذه الخسارة لا يمكن تفسيرها بأي طريقة موضوعية و لا وجود لتفسير عن أحقية المسؤولين آنذاك لبيعها.
*ثانيا، تم فرض نقل ملايين من السياح على متن الخطوط التونسية بأسعار شبه رمزية مما مكن من دعم غير مباشر لقطاع السياحة من نزل و وكالات أسفار و في هذا استعمال غير صالح للمال العام ان لم نقل سرقة لأموال الشعب التونسي و تُقدّر الخسائر بمئات المليارات.
*ثالثا، تم حرمان الخطوط التونسية من اي شكلٍ من أشكال الدعم في فترة الكوفيد و هي الشركة الأكثر ضررا من الجائحة مما مسّ بجاهزية أسطول الطائرات و عائدات الشركة و عمق مشكل الخطوط التونسية المالي و الحال أن قطاعات أخرى مثل قطاع النزل و السياحة تلقت دعما من أموال الشعب بالرغم من أنها قطاعات لا تعتبر سيادية. هذا و لي ان اوضح ان اجراءات الحجر الصحي الاجباري في بعض النزل مسّت ايضا من ديمومة الخطوط التونسية.
*رابعا، جل الاتفاقيات بين النقابات و الإدارات العامة السابقة في العشرية الاخيرة لم تكن عادلة بين الناس و وجدت عن زيارتي لكل مراكز الخطوط التونسية في كامل تراب الجمهورية جوًا اجتماعيا مشحونا نتيجة لذلك.
* خامسا، ينخرط جزء من النقابيين العاملين بالمؤسسة في ملفات فساد و تهريب و يلتجا هؤلاء الى العنف اللفظي و المادي تجاه كل من يقف أمامهم و هو ما يجعل العمل النزيه داخل الخطوط التونسية شبه مستحيل.
* سادسا، غابت القوائم المالية للخطوط التونسية لثلاث السنوات الاخيرة و لا يعد ذلك خطاء بريئا بل هو بفعل فاعل. هذا و أود ان أذكر بأنني و الشرفاء في المؤسسة كنا على وشك نشر القوائم المالية لسنة 2018 بتاريخ 24 فيفري 2021 و هو موثق بأرشيف الخطوط التونسية. اود و في هذا الاطار اعلامكم بانه و نظرا لحجم ديون الخطوط التونسية و هي شركة عانت الاستغلال الفاحش في العشر سنوات الاخيرة، فانا اليوم أحمل جزءا كبيرا من افلاس الخطوط التونسية و الاخطاء الاستراتيجية الكبرى في العشرية الفارطة للاطراف السياسية التالية:
- الاتحاد العام التونسي للشغل نظرا لمحاربته كل محاولات الاصلاح و تعطيل مسار الانقاذ و تأثيره على المناخ العام داخل الشركة اضافة الى فساد بعض أعضاءه داخل الخطوط التونسية و غياب ادوات الردع داخل الاتحاد تجاه اعضاءه الفاسدين
- السيد يوسف الشاهد و كل من تواطؤ معه في حكومته بما في ذلك حركة النهضة نظرا لاستغلالهم الفاحش للخطوط التونسية دون رقابة و شفافية و بيع جزء من املاك الشعب التونسي دون مبرر خاصة في الفترة المتراوحة بين 2016 و 2019.
- المديرين العامّين و الفريق المصاحب لهم خاصة بين سنوات 2017 و 2019 و ذلك نظرا لسوء التصرف الواضح خلال هذه الفترة. هذا و للامانة، كان للخطوط التونسية مشاكل و ملفات فساد من قبل ثورة 14 جانفي 2011 مرتبطة بالتجمع المنحل الذي بادر ايضا في التفويت في الخطوط التونسية باستعمال برنامج تفريع غير متقن منذ سنة 2005 و هي مشاكل لم يتم التطرق اليها و هذا ما زاد في تواصل و تفاقم هذه المشاكل و لي ان اشيد في هذا الاطار بدور الهياكل الرقابية و على رأسها محكمة المحاسبات في تحديد المسؤوليات و الثغرات و التجاوزات و هو ما سهل عملي و سرّع في فهمي الوضعية ككل.
و عليه، و بعد الوقوف على اخطاء الماضي، فأنني أطرح على سيادتكم الخطوط العريضة لإنقاذ الناقلة الوطنية و بالتالي إنقاذ جزء لا يتجزأ من الاقتصاد التونسي و حفظ السيادة الوطنية، هذا و أؤكد ان الإنقاذ ممكن، و كل من يدعي التفويت كحل هو اليوم إنسان إما جاهل بطرق إنقاذ الشركات أو مشكوك في وطنيته.
إليكم سيدي الرئيس محطات الإنقاذ المقترحة:
اوّلا: تحويل الخطوط التونسية الى شركة مصدرة كليا و ادراج المؤسسة تحت غطاء حماية المنشئات لوزارة الداخلية و إلغاء الضريبة على القيمة المضافة المفروضة على الخطوط التونسية و فروعها منذ سنة 2016 و هي ضريبة غير قانونية بمقتضى القانون الدولي
ثانيا: نشر القوائم المالية لسنة 2018، 2019 و 2020 في أجل لا يتجاوز الثلاث اشهر و ضخ الدولة لمبلغ قدره 203 مليون دينار من أجل إصلاح الطائرات و خلاص بعض المزودين لتجنب تفعيل ضمان الدولة و لاستكمال خلاص الطائرات الجديدة التي من المنتظر وصولها هذه السنة و لي ان أؤكد بعد دراسة لميزانية الدولة بأن البرلمان يمكنه توفير هذا المبلغ و ما ينقصنا فقط هو الإرادة السياسية
ثالثا : تسريح ما يقارب 1333 عامل للترفيع من الإنتاجية خاصة و ان نظام الجرايات داخل الخطوط التونسية ليس عادل. فعلى سبيل المثال، يتقاضى عامل نظافة بشركة الخطوط التونسية للخدمات الأرضية في المنستير راتبا شهريا يبلغ 1589 دينار و هو ما يتجاوز راتب مهندس داخل نفس الشركة هذا و لي ان أعلمكم بأنه لا وجوب لهذا الكم الهائل من العمال داخل الشركة و هم اليوم، و مع تراجع عدد الرحلات و تراجع النشاط، يمثلون فقط مجموعة تستعملها النقابات للضغط على الادارات العامة و الدولة و تعطيل مسار إصلاح الشركة و المسّ من أمن المؤسسة.
رابعا: تحويل الشركة التونسية للخدمات الأرضية و هي فرع من فروع الخطوط التونسية لفائدة ديوان المواني و المطارات (OACA) مع إعادة مراجعة عقد العمل بين الخطوط التونسية و ديوان المطارات و لي ان اؤكد من خلال زياراتي الميدانية بأني وقفت على العديد من الإخلالات مرتبطة بالسلامة و جودة الخدمات و العدل في التعامل مع الخطوط التونسية و شركات الطيران الأخرى.
خامسا: نقل جميع الرحلات الى مطار النفيضة قبل موفى شهر افريل و قبل بداية موسم الصيف مع إحداث بعض التغييرات على المطار من ذلك تسهيل ربط المطار بوسائل النقل البري و جعل ممر خاص بالتونسيين و آخر خاص بالجنسيات الأخرى على غرار البلدان المجاورة و تشجيع الخواص و خاصة الشباب على الاستثمار في الاراضي القريبة من المطار بما في ذلك بناء نزل و مقاهي و مطاعم و مراكز اعمال بطريقة منظمة و عصرية ثم غلق مطار تونس قرطاج و جعله مطار خاص فقط بالرحلات الحكومية و الرئاسية.
– اقول هذا ايمانا مني و بعد تحليل عميق على ارض الواقع بأن مشاكل الامن و السرقة و غياب جودة الخدمات في مطار تونس قرطاج لا حل لها في غياب ثقافة عمل نزيه في هذا المطار اضافة الى احتلال النقابات الغير نزيه لجل مفاصل مطار تونس قرطاج. هذا و سيسهل استعمال مطار النفيضة رجوع التونسيين بالخارج الى مسقط رأسهم في ولايات الداخل و الجنوب.
– هذا و أنبه بأنه لا وجوب اليوم للحديث عن بناء مطار جديد باوتيك او ربط الجنوب بالشمال بقطار، خاصة و انه توجد مطارات في الجنوب و الشمال. انصحكم في هذا الإطار سيدي الرئيس بأمر فتح رحلات جوية قارة بين مطاري ڤابس-مطماطة و طبرقة و هو ما من شأنه ان يربط الشمال بالجنوب بأقل التكاليف و بدون التفويت في مال الشعب و تعطيل مصالحه.
سادسا: انتداب شبان جدد في بعض الخدمات الحساسة منها خدمات الضيافة داخل الطائرة و هذا ايمانا مني بأن وجب التقليص في سلك المضيفين و المضيفات داخل الخطوط التونسية اليوم (قرابة 20 بالمئة) هو سلك فقد معاني و اخلاقيات المهنة و كثيرون لا يحترم المسافرين و خاصة منهم التونسيين بالخارج هذا و لم تعد الخطوط التونسية في حاجة الى هذا العدد الهائل من المضيفين.
سابعا: الترفيع من جودة الخدمات و العمل على برنامج تجاري حديث للتونسيين بالخارج و الأفارقة و هم و هذا إيمان مني أساس نجاح الخطوط التونسية. برناج الخطوط التونسية التجاري وجب ان يكون مرتكزا بالأساس على الانفتاح على القارة الافريقية و لا وجوب اليوم بعد عشرية شبه كارثية في علاقة بالسياحة لأن نعيد أخطاء الماضي.
ثامنا: العرض على جميع المساهمين في الخطوط التونسية من دولة و شركات عمومية و خواص اما ان يساهموا في التمويل كما تفعل الدولة او ان يعرضوا اسهمهم للبيع و لي ان أعلمكم بأن الخطوط الفرنسية شريك في الخطوط التونسية منذ عقود و لها في هذه الحالة أما ان تساهم في إنقاذ الخطوط التونسية بدفع مبلغ مالي يتم تقديره وفق معايير علمية او أن تغادر الشركة و تسترجع الدولة اسهمها.
تاسعا: بيع نسبة 15 بالمئة من أسهم الخطوط التونسية للعموم ليتمكن الشعب التونسي من شراء هذه الأسهم من خلال البورصة و تفعيل مبدأ الشفافية و للعلم، عارضت اي محاولة لسحب الخطوط التونسية من البورصة بل بالعكس، مساهمة التونسيين و كل طرف خاص في شراء أسهم هو مفتاح حقيقي لإنقاذ المؤسسات العمومية و هو لخير تطبيق لشعار “الشعب يريد”.
– و هذا، ووجب إعادة النظر في برنامج التفريع للمجمع و النظر في فتح فروع جديدة ذات قيمة مضافة بامكانها استقطاب مصادر تمويل جديدة.
عاشرا و أخيرا: المراجعة الكاملة لنظام الانتداب و حقوق العاملين داخل الخطوط التونسية و إيقاف نزيف استعمال السلطة السياسية للناقلة الوطنية دون مراقبة و استعمال منظومة رقمية عصرية. و عليه،
فانني أحمّل اليوم مسؤولية الإنقاذ كاملة لكم أولا سيادة الرئيس، ثم لهذه الحكومة و على رأسها السيد هشام المشيشي و الأحزاب الداعمة له، و للسادة النواب رئيس لجنة المالية السيد هيكل المكي و المنتمي الى حزب حركة الشعب و نائب رئيس لجنة المالية السيد عياض اللومي و المنتمي الى حزب قلب تونس و قد قمت بالإتصال بهم و استقبالهم في مكتبي و اعلامهم بهذه الوضعية و أخيرا، احمّل مسؤولية الإنقاذ ايضا الى رئيس البرلمان السيد راشد الغنوشي و هو على علم بصعوبة الوضعية داخل الناقلة الوطنية.
سيدي الرئيس،
لقد تحدثت مطولا عن الغرف المظلمة و ينتظر الشعب منك انارة هذه الغرف. انا اليوم، ككفاءة تونسية شابة ذات تكوين تونسي و فرنسي و أمريكي، دخلت غرفة الخطوط التونسية المظلمة ساعية الإصلاح بدون شروط و لم أتقاضى و لو مليم في إطار عملي و عملت حاملة لرسالة الجندي الذي يضحي من أجل وطنه و حاولت انارة هذه الغرفة المضلمة و لكن قوى الظلام و لوبيات الفساد تغلبت على قوى الإصلاح.
أنتم يا سيادة الرئيس، أعطاكم الشعب التونسي الثقة لاستعمال أدوات الإنقاذ من سلطة و أمن على رأس السلطة التنفيذية لتكونوا محاربين حقيقيين للفساد، فكونوا أمينين على هذه السلطة و حاربوا الفساد فعلا لا قولا فقط. حاربوا الفساد بالعمل على إنقاذ المؤسسات الوطنية ذات الصبغة السياديّة.
في الخطوط التونسية أناس شرفاء و شباب واعد و نفوس طيبة و مهندسون بارعون و أشخاص وطنيون يمكنكم التعويل عليهم.
كان لي شرف خدمة الوطن على رأس الخطوط التونسيةو هذا لوسام على صدري. بإسمي و بإسم هؤلاء الشباب، أطلب منكم تحمل مسؤوليتكم التاريخية لإنقاذ الناقلة الوطنية و المؤسسات العمومية و إنقاذ الاقتصاد الوطني.
أفدناكم بهذا علما و لكم سديد النظر و السلام ألفة الحامدي”
شارك رأيك