“السيد رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيد
تحية وطنية طيبة
بعد إذنكم أقول لكم نفس القول الذي كنت أقوله لصاحبي.
كنت أقول له ناصحا و بصدق:
إن حصولك على الأغلبية في الحركة و في الحكم و لو بنسبة عالية لا يسمح لك بأن تفعل ما تشاء دون مراعاة طبيعة الحركة و البلاد و نضالها و تاريخها و أخلاقها و تضاريسها.
إن الحكم قبل أن يكون بالأغلبية يكون بالإنسجام مع طبيعة البلد و الشعب و مع طبيعة أخلاقه و مكتسباته وطموحاته .فالبلاد ( بِمّالِيها ) يحرسونها كما يقال
لو أخذ بالنصيحة لما كانت أخطاء كثيرة و لما كانت آثارها و مفاعيلها السلبية.
لذلك سيدي الرئيس أكرر لكم نفس القول ناصحا لكم و للشعب و البلد و الله على ما أقول و على سريرتي شهيد.
لقد اختلف الناس حول ما قمتم به يوم الخامس و العشرين من جويلية الماضي و هم اليوم يتساءلون كيف الخروج مما نحن فيه و هم خائفون على مستقبلهم و مستقبل بلادهم؟ مستعجلين الوقت الذي يحدث فيه الانفراج.
هناك طريقان لا ثالث لهما للخروج مما نحن فيه،
الأول سهل و سلس و منظم من داخل الدستور و مضمون النتائج و يتماشى مع خصائص بلدنا و شعبه و يقربك من حلفائك الحقيقيين الذين انتخبوك و إن اختلفوا معك في التنزيل فإنهم يتقاسمون معك نفس المبادئ حول الحكم و نزاهه و أدواره، و يبقيك رئيسا للجميع و ليس رئيسا منتصرا لآراء أنصارك فقط و يمكّن من التركيز على قضايا الناس الأساسية و يجلب الإحترام أمام العالم. و هو أفضل ترجمة عملية لما رددتموه مرار أنكم لستم انقلابيا و لا دكتاتورا و هذا شيئ إيجابي يبنى عليه.
و الثاني صعب و مجهول النتائج و مرتجل و من خارج الدستور و يهمش قضايا الناس و يفرق و لا يجمع و يستدعي التدخل الخارجي.
أما الحل الأول فينطلق من أننا لا ننكر جميعا أن ما كان يحصل قبل الخامس و العشرين من جويلية كان خليطا من الأخطاء الخطيرة لا يجب أن يستمر و من أنه يجب أن نستفيد جميعا من هذه الصدمة لننطلق إلى إصلاح الأوضاع ضمن الدستور و ذلك بإعادة البرلمان و إصلاح أخطائه بصورة كاملة عبر تغيير نظامه الداخلي و تجديد رئاسته و عبر تعاقدات سياسية تمكن من أداء دوره بفعالية و مقاومة الفاسدين و المعتدين على القانون و بسيادة الإحترام بينه و بين باقي مؤسسات الدولة.
كما يجب تشكيل حكومة متفق عليها تقدم برنامج إنقاذ تواجه به التحديات التي تواجه البلاد و المواطنين .
هذان الإجراءان يمكنان من عدم العودة إلى الوراء عبر إعادة المؤسسات مع التخلص من مشاكلها السابقة ثم بعد ذلك ننطلق في إصلاح القوانين الأساسية كقانون الإنتخابات و تنقيح النظام السياسي للبلاد وفق الصيغ الدستورية و بآليات يتفق عليها و عندها يمكن تقديم الانتخابات أو تركها في موعدها المحدد
بهذا التمشي تخرج تونس أكبر و أعلى شأنا أمام العالم و هو يتماشى و الخصائص الحضارية لشعبنا و تاريخنا و ميله إلى الحلول الهادئة و المرنة و الفعالة.
إن الصدمة والرجة التي حصلت في عمق الوجدان الوطني ستدفع إلى مراجعات كثيرة وإيجابيةمن قبل كل الكيانات ذات العلاقة بملفات الحكم والتنمية ومقاومة الفساد وإنفاذ القانون
أما الطريق الثاني فهو الذي يبدأ بتعليق الدستور و حل البرلمان و الدخول في المجهول و الاجتهاد و الاجتهاد المضاد و يشجع على المغامرات،فلقد سمعنا جميعا بتشكيل ما يسمى بالحشد الشعبي فماذا بعد ؟
كما أنه حل ربما يتطلب التعويل على القوة الصلبة لفرض وجهة النظر هذه و لتسيير الدولة مما سيؤدي إلى تسييس هذه المؤسسات القائمة على الحياد الجمهوري و يؤدي إلى جفوة بين الحاكم و قطاعات واسعة من الشعب خاصة بعد هبوط موجة الحماس لما يحدث الآن أمام حقائق الحياة الصعبة.
فما ألجأنا إلى سلوك هذا المسلك الصعب غير مضمون النتائج و الحل الأول موجود و قادر على تعبئة الجميع حوله و على إدخال البلاد في موجة من الأمل و الطمأنينة و العمل بعد أن حدثت الصدمة النفسية الايجابية و أقنعت بضرورة التدارك و التغيير و الخروج مما كنا فيه من حالة نكدة.
و استعجال الوقت جزء من سلامة الحلّ.
عاشت تونس حرة ديمقراطية مزدهرة آمنة.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
شارك رأيك