الرئيسية » تهريب المحروقات : دور الدولة و مزيد الاستثمار أحسن وسيلة للتصدي

تهريب المحروقات : دور الدولة و مزيد الاستثمار أحسن وسيلة للتصدي

احتضنت منظمة  الأعراف بالعاصمة،  أمس ، اجتماعا لمهنيي المحروقات الذين حاولوا  دق ناقوس الخطر بعد ان اصبح العدد الكبير منهم مهددا بالغلق و الاندثارحسب قولهم .

عندما يجتمع المهنيون الفاعلون في قطاع المحروقات ممثلين بمنظماتهم وهي الغرفة النقابية الوطنية لشركات توزيع النفط (تنضوي تحت لوائها 4 شركات وهي أويل ليبيا و فيفو اينرجي و توتال و ستار اويل) و الغرفة النقابية الوطنية لوكلاء واصحاب محطات بيع النفط التابعتان للجامعة الوطنية للكيمياء بالاتحاد التونسي للصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية، عندما يجتمع هؤلاء ليتطارحوا المشاكل الخانقة التي اصبح يعاني منها هذا القطاع الحيوي منذ أكثر من خمس سنوات، فإن الأمر يدعو إلى الحيرة سيما و ان المشاركين في هذا اللقاء يعلنون أن قطاعهم مهدد بالاندثار .

جرم يعاقب عليه القانون

لقد أثار هؤلاء قضية التجارة الموازية في مجال اختصاصهم و ظاهرة تهريب المحروقات و بيعها على الطريق العام ” وهما جريمتان متوازيتان يعاقب عليهما القانون العقاب الشديد”، يقول حسن الزرقوني المدير العام لمؤسسة “سيغما كونساي” الذي دعي لتقديم الدراسة التي أعدت حول الموضوع متناولة إياه من عدة جوانب و لاسيما من حيث التأثيرات السلبية على الاقتصاد التونسي وعلى ميزانية الدولة و كذلك من حيث السلوكيات اليومية في التعاطي مع هذه الظاهرة من قبل كبار المهربين والمهربين والمستهلكين وممثلي الدولة و حتى من قبل بعض أصحاب محطات البنزين أنفسهم.

تدخل عديد الأطراف

هذه الظاهرة الخطيرة التي  كانت في عهد سابق لا تتعدى مساهمتها في نشاط القطاع نسبة 10 بالمائة تطورت بشكل يدعو الى الحيرة و الريبة لتبلغ نسبة 30 بالمائة وهو ما أدى إلى ركود النشاط في القطاع المنظم بحيث تراجعت المداخيل و تقلص عدد العاملين و توقف أصحاب المحلات عن الإيفاء بالتزاماتهم.

“إنها ظاهرة معقدة، يقول حسن الزرقوني بفعل تدخل عديد الأطراف فيها، المهرب و المساعدون على التهريب و المستهلك و الدولة من خلال الأجهزة النظامية”.

” ومما يزيد في تعقيدها، يضيف الزرقوني، أنها موفرة لعدد كبير من مواطن الشغل رغم المخاطر الجمة التي يواجهها المتعاطون لها ناهيك وان المهرب أصبح اليوم فارضا نفسه على الميدان بفعل التخاذل والتهاون من قبل الدولة تخفيهما بعض الأطراف الضالعة في هذا المجال”.

التهريب تهريبات

و إذ تفيد الدراسة بأن التهريب في المحروقات هو أقل نوع في قائمة التهريبات الاخرى مثل السجائر و التجهيزات المنزلية و الأسلحة و المخدرات فإنه يشغل ما لا يقل عن 20 الف شخص موزعين على مختلف حلقات السلسلة. و يعزى استفحال هذه الظاهرة الى غياب الاستقرار السياسي في البلاد و الى الازمة الاقتصادية الخانقة التي يجد العديدون في التهريب و التجارة الموازية ملاذا للافلات من تلك الازمة سيما وان “الرشوة و الخطر المحدق بها اصبحا من الابتذال بحيث انعدم الشعور بالخوف و غاب معه الإحساس بالمفاجأة”، يضيف حسن الزرقوني. فاستباحة الامورلم تعد مخفية طالما ان كل شيء يتم على قارعة الطريق و على مرأى و مسمع من الجميع وتحت أعين من هم مكلفون بالرقابة والردع.

الضرب لكل ما هو منظم

لذلك يرى صاحب احد محلات بيع البنزين الخاضعة للقطاع المنظم ان قضية التشغيل هذه مغلوطة من أساسها لان اغلب المتعاطين لبيع البنزين هم في الأصل أصحاب محلات تجارية في اختصاصات أخرى يحرم عليها القانون القيام بنشاط ثان بالتوازي مع الأول.” و هنا يدخل دور البلديات التي تسلم التراخيص يمنة و يسرة” يقول احد المدخلين فيما يذهب آخر الى انه”عندنا إحساس بان الدولة تضرب كل ما هو منظم عندما تجبرنا على اقتناء الكميات المحجوزة”.

أما الحل فيعتقد الجميع انه يكمن في الدولة المدعوة الى القيام يدورها في حماية حدود البلاد وفي تطبيق القانون على غرار ما تم في مصر حيث وقفت الدولة الوقفة الحازمة للتصدي للظاهرة.

“إنه من غير المقبول ولا المعقول ان نسمح في بلد مثل تونس بمثل هذه الاعمال الخارجة عن سلطة القانون مهما كانت الأسباب و المبررات” يؤكد ماتيو لونجورون رئيس الغرفة النقابية الوطنية لشركات توزيع النفط (قد نستغرب في الاسم ولكن القاعدة تفرض ان يرأس هذا الهيكل بالتداول كل سنتين احد رؤساء هذه الشركات).

الحل في الاستثمار

ويضيف لونجورون”ان قطاعنا المنظم الذي يشغل ما لا يقل عن 12000 شخص قي مختلف حلقات السلسلة لا يسمح بمثل هذا التهريب الذي اصبح نصيبه من السوق يستحوذ على ما يقارب نسبة 50 بالمائة بحيث يحد من عزائمنا و يقلص من رغبتنا في مزيد الاستثمار  في قطاع واعد يسلط عليه التهريب ليحرم خزينة الدولة من مداخيل تقدر ب 500 مليون دينار سنويا”.

زياد عمار مدير شركة ستار اويل يؤكد”انه على الرغم من كل هذه الظواهر السلبية فإن مؤسستنا قد سخرت ميزانية هامة للاستثمار سنة  2017لإيماننا بأنه لا سبيل الى التراجع الى الوراء بل بالعكس ينبغي مزيد التقدم الى الامام ففي ذلك احسن وسيلة للتصدي لظاهرة التهريب”.

هذا العزم على الاستثمار يؤكده كذلك محمد الشعبوني المدير العام لشركة فيفو اينرجي الذي يفيد بان حجم الاستثمار الذي أنجزته مؤسسته خلال الخمس سنوات الماضية بلغت 500 مليون ديناربما مكن من إيجاد 300 موطن شغل جديد و ان معدل التشغيل في المحطة الواحدة لا يقل 15 شخصا.

اما رضا الأمير المدير المغادر لشركة اويل ليبيا بتونس و المتجه نحو المغرب فإنه، وهوالليبي الجنسية، يتجه نحو اعتماد الحلول الجريئة كأن ترفع ليبيا الدعم عن المحروقات مؤكدا ان ذلك”سيكون اول قرار ستتخذه دولة ليبيا عند اعتمادها”.

وجدي مساعد     

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.