الرئيسية » الجالية التونسية في داعش :التاريخ، السياق ، الواقع والخلفيات

الجالية التونسية في داعش :التاريخ، السياق ، الواقع والخلفيات

بقلم : الصحبي بن فرج*

طيلة الأشهر الاولى من الربيع التونسي أطلت علينا فجأةً طلائع السلفيين كقوة شعبية منظمة، منظبطة ومتحركة تعمل على الظهور والتميز سواء بالزي (الحية المرسلة، النقاب، القميص) أو عبر المظاهرات او التجمعات الاستعراضية الصاخبة (سينما آفريكارت، مؤتمر أنصار الشريعة في القيروان،القصبة3،أحداث منزل بورقيبة..) او بالظهور الإعلامي اللافت.

ما إن تسلّمت الترويكا السلطة حتى خرج المارد السلفي من قمقمه خلال أحداث جامعة منوبة وكان واضحا التعامل الودي لحركة النهضة والمؤتمر مع الظاهرة السلفية المتشددة لامس احيانا كثيرا التواطئ رغم التحذيرات المتكررة من خطورتها حتى وصل الامر الى اقتحام وحرق السفارة الامريكية يوم 14 سبتمبر 2012 تحت أنظار الامن.

في سوريا،إعتمدت “الثورة” المسلحة في البداية على الجيش الحر المتكون أساسا من عناصر من الاخوان المسلمين وأخرى منشقة عن الجيش النظامي.

ولكن، وأمام العجز عن الإطاحة السريعة بالدولة السورية التجأ القائمون على الثورة السورية الى الخزان البشري الهائل المتمثل في الشباب السلفي الجاهز نفسيا وعقائديا للجهاد في أرض الشام، أرض المحشر أين سيتولون استقبال المهدي المنتظر ونصرة المسيح العائد.

طوال سنوات 2012/13/14 انتشرت في تونس(وفي غيرها) خيمات الدعوة الى الجهاد وشبكات التجنيد والتسفير العلنية نحو ليبيا و سوريا……تحت أعين السلطة الحاكمة التي كانت آنذاك في قلب الحلف الدولي ضد سوريا وفي قلب المنظومة الإقليمية المتعهدة بتوفير الدعم البشري للمحرقة السورية.

ولم تكن تنفع الاحتجاجات ولا التحذيرات الصادرة عن أغلب الطيف السياسي والمجتمع المدني…

وحتى انخراط التيار السلفي في العمل الإرهابي المباشر في تونس لم يؤثر جوهريا على التغاضي الرسمي عن نشاط التجنيد التسفير نحو سوريا وليبيا: المنظومة الدولية كانت تستعجل إسقاط النظام السوري وكان في حساباتها أو أوهامها أنها قادرة على التحكم في هذا الوحش (داعش وأخواتها) الخارج من غياهب القرون الماضية..

ولكن، جرت الأمور بما لا تشتهي المنظومة: صمدت سوريا، سقط الاخوان في مصر،وخسرت النهضة الانتخابات في تونس(أو هكذا خُيَّل لنا)..

ولم يتبقى للمنظومة العالمية على الارض سوى جيشها الاحتياطي السلفي المتواجد في العراق وسوريا وليبيا.

فشل الفيلق الجهادي بدوره في كل المهام التي أوكلت اليه: فشل في العراق، ثم في سوريا وأخيرًا في ليبيا…اللهم في التدمير والقتل ونشر التوحّش..

كان في حساب القوى الدولية أن الفيلق الجهادي سيُتم مهمته في المشرق بنجاح(وهو الذي هزم قبل عشرين عام الجيش السوفييتي في أفغانستان).

فيُقتل منه ما يُقتل في حروب طويلة ومدمّرة (عشر سنوات حسب أوباما) ثم يُنقلُ حسب الطلب من ساحة الى أخرى (إيران، آسيا الوسطى،الجمهوريات الروسية، إفريقيا الخ الخ).

وأما من بقي منهم فيعود سالما غانما آمنا الى قواعده في بلد المنشأ حيث سيكون تحت المراقبة والحماية والرعاية في انتظار حرب مقدّسة جديدة……ولكن..

فشلت الحرب في العراق وسوريا،ودخلت روسيا على الخط بقوة ،وتغيرت الأنظمة في مصر وتونس وليبيا وزحف الجهاد على أوروبا ووصل الى امريكا….وهو ما سرّع عمليًّا في المرور الى مرحلة التسويات الكبرى التي تتلوا دائما مرحلة الحروب الكبرى.

ولكن…….

ماذا سنفعل بالفيلق الجهادي المهزوم والناقم والمخدوع والمتخلى عنه؟

هذا هو السؤال ؟

……………………………………………………………………………………………….

* الصحبي بن فرج ، النائب عن كتلة الحرة لمشروع تونس في مجلس نواب الشعب

…………………………………………………………………………………………………..…..

**نشر المقال في شكل تدوينة كتبها أمس النائب الصحبي بن فرج على حسابه في الفايسبوك

………………………………………………………………………………………………….

***  المواقف والأفكار التي تنشر في قسم “أفكار” لا تلزم إلا أصحابها ولا يعني نشرها من قبلنا تبنينا لها بأي صفة من الصفات .

شارك رأيك

Your email address will not be published.