الرئيسية » العرب و إيران : الحسابات المغلوطة والعماء الإرادي

العرب و إيران : الحسابات المغلوطة والعماء الإرادي

 

بقلم أحمد الحباسي

ربما ينعتهم البعض بالكتاب و بالمثقفين وربما يظنهم البعض من هؤلاء الذين قلوبهم على أوطانهم ورايتهم الوطنية وربما يجاهد البعض لنقتنع بأن هؤلاء الخونة المغرضين هم أناس يستحقون الحياة بيننا ولكننا نصر إلحاحا كما يقول الفنان الكبير عادل إمام على أن كتابات هؤلاء المعادين للأمة العربية هي كتابات اقل ما يقال فيها أنها بائسة ومضللة لا تستحق إلا الرمي في كوم الزبالة الذي رمينا فيه ولا زلنا كل نفايات بعض كتاب العرب المرضى بفيروس العداء للمقاومة و لكل منجز عربي أصيل.

هل إيران أكثر عداوة من تركيا و إسرائيل والسعودية للعرب؟
ربما هناك من لا يعجبه الإنتصار السوري على الإرهاب و على المؤامرة القذرة التي نفذتها دول الخليج وتركيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والأردن وتيار 14 آذار اللبناني وحركة النهضة التونسية وبعض الأدوات الدرجة العاشرة الأخرى.

ربما يريد منا البعض أن نتوغل أكثر من المعقول في حربهم الإعلامية والخيانية على إيران بحجة ما يسمونه بالتمدد الشيعي وربما يريد بنا بعض الأصدقاء أن نصدق أن إيران أكثر عداوة من تركيا و من إسرائيل ومن السعودية للقضايا العربية.
لذلك نقول بمنتهى الصراحة والوضوح، من أراد معاداة إيران فليكن ومن أراد أن يلطخ عنادا سمعة السياسة والثورة الإيرانية بكل عبارات التشنج والكراهية فليكن ومن أراد إقناعنا بان إيران هي العدو البديل لإسرائيل فليكن ومن أراد أن نقتنع بان التطبيع مع إسرائيل أهون من العلاقة مع إيران فليكن لكن ليسمح إلينا هؤلاء المشبوهون بأن نرفع الصوت عاليا مذكرين الجميع أن إسرائيل فقط هي العدو.

لقد وصل العداء الخليجي تجاه إيران حدا غير معقول وغير منطقي بالأساس ولعل بعض كتاب العشيرة و كتاب البلاط يريدون أن نثق في السياسة السعودية وفي الخيانة الأردنية وفي التموج المصري وفي هذه الأقلام التي خدمت المشروع الصهيوني كما لم يخدمه احد على رأى وزارة الخارجية الصهيونية التي نشرت أسماء هؤلاء الكتاب.

من العار على بعض الكتاب العراقيين أن يصارحوا المتابع العربي بكراهيتهم للوجود الإيراني في العراق ويختفون وراء عبارات خجولة مثيرة للسخط عندما يتحدثون عن الوجود الأمريكي الاستعماري الذي دمر كل شيء في بلاد الرافدين وأتاح لإسرائيل أن تنهل من كل حضارة العراق وتغتال علماءه وتنصب عملاءها في كل دوائر الحكم ونفس الشيء مع الاحتلال التركي و مع النزعات الانفصالية المشبوهة للجانب الكردي.

تحديد العدو و الأولويات و التحديات مطلوب بشدة
بطبيعة الحال نحن لسنا مع الوجود الإيراني في العراق إلا بقرار من الحكومة العراقية وفي سياق الأطر العادية المتعارف عليها ونحن لا نقول أن إيران لم ترتكب بعض الحماقات السخيفة داخل العراق ولكن كيف يمكن للبعض أن يتعامل مع هذا الوجود الإقليمي والدولي على ارض العراق بسياسة المكاييل المختلفة والحال أن تحديد العدو وتحديد الأولويات وتحديد التحديات مطلوب بشدة.

لا أدرى صراحة ما أقول لكن السؤال الذي يجب على كل المعادين لإيران الرد عليه هو : أليس من حق إيران التمدد ومحاولة اكتساح المنطقة عقائديا واقتصاديا وحتى عسكريا؟ نجيب بمنتهى الصراحة: من حق إيران أن تتمدد كما تشاء وأين تشاء وفي الوقت الذي تشاء لأن المشكلة وفي خلاف مع ما يقال ويشاع ليست في إيران وفي التمدد الإيراني بل في العرب و في الغباء العربي بمعنى أن المشكلة ليست مشكل إيران بل مشكل كل العرب دون استثناء وبمعنى أدق وأوضح المشكلة أن العرب لم يخططوا على كل المستويات لمواجهة هذا التحدي أو ما يسمى بالتمدد الإيراني وإيران كأية دولة لها طموحات إقليمية تستغل مكامن الضعف المتعددة و لمختلفة في الجسد العربي لتمدد إعمالا للقول الشهير “الطبيعة تأبى الفراغ”.

ربما وضع العرب مؤسسة الجامعة العربية وكتبوا على الورق ما يسمى بميثاق الجامعة العربية أو بمعاهدة الدفاع العربي المشترك أو بقية المواثيق الكثيرة الأخرى في كل الميادين، وربما أنشأت دول الخليج منظومة خليجية مشتركة أرادوا من وراءها نقل تجربة الاتحاد الأوروبي، ولكن هذه الكيانات المصطنعة لم تصمد طويلا و باتت تشكل مثل الجامعة العربية أكبر خطر على الأمة العربية باعتبار أن أمريكا قد استغلت هذا الدكان الفاسق لتنتزع منه تحت الضغوط المكثفة عدة قرارات “تاريخية” مثلت الغطاء السياسي لتحركها لغزو العراق وضرب سوريا وليبيا، يعنى في النهاية أن العرب لم يصنعوا لحد الآن كيانا يوحدهم بالشكل المطلوب بل صنعوا ماخورا للعبث بشرف ومصير الأمة العربية.

التقدم الإيراني والتخلف العربي
نأتي الآن إلى عنصر مهم وهو شماعة التمدد الشيعي وبصرف النظر عن مسألة حرية الضمير والمعتقد التي تمثل ركيزة من ركائز منظومة حقوق الإنسان بحيث أنه من حق الإنسان اختيار عقيدته دون حسيب أو رقيب، فان كل الإحصائيات تؤكد التمدد التنصيرى داخل المجتمعات العربية، وهو نفس “الخطر” الذي ترفض كل الدول العربية مجابهته والحديث عنه لأسباب مجهولة وهنا نتساءل لماذا الكيل بمكيالين في التعامل مع موضوعين متشابهين؟ لماذا التركيز على التمدد الشيعي وإغفال التمدد التنصيرى؟

ثم وفي نهاية الأمر ماذا فعلت الدول العربية التي ترفض أو تحارب التمدد الشيعي في المنطقة العربية لوأد هذا الخطر من المصدر، هل تكفى الحروب الإعلامية التي تكفل بها لفيف من كتاب التجارة بالمواقف لمعالجة هذا الموضوع؟ و هل تمكن هذا اللفيف رغم معاركه الضارية التي استغرقت من المال و الوقت الكثير من إقناع من حوله بهذا الخطر؟ وهل بإمكان الدول العربية اليوم و هو على هذه الحالة من التمزق العمودي والأفقي أن تواجه الزحف الإيراني أو غيره؟ هل أن الدول العربية قادرة عل القيام بهجوم أو تمدد سني داخل إيران؟ وما هي الطريقة والحلول المناسبة لفرض هذا التمدد السني داخل المجتمع الإيراني؟ وما هي نسبة نجاحه وهل هناك مصلحة عربية في التمدد سنيا داخل إيران؟

الأرقام وحدها لا تكذب و لا تجامل ومن يقرأ هذه الأرقام يصاب بالدهشة والإحباط لأن إيران استطاعت منذ الثورة تحقيق نجاحات معتبرة ومهمة في كل المجالات جعلت منها قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية وعلمية صاعدة لأنها استفادت من الحظر الإقتصادي الغربي طيلة سنوات لتخلق من الضعف قوة و تطور بنيتها العلمية لانجاز وابتكار وتصنيع كل احتياجاتها على كل الأصعدة في حين أن أبرز ما يلاحظ على الجانب العربي هو انجاز صفقات السلاح بدون فائدة والإنفاق على حروب هامشية غير مبررة مثلما يحدث في اليمن و سوريا وليبيا والعراق وهي حروب عبثية موتورة أدت إلى إفلاس الخزينة السعودية بشكل غير مسبوق منذ الطفرة النفطية في الستينات.

إيران اليوم تتفاوض مع الغرب وتفرض إرادتها السياسية في موضوع يشغل العالم وهو الموضوع النووي بما يعنى ذلك من تقدم علمي إيراني افزع الغرب في حين يبرع العرب في اختلاق المؤامرات وافتعال المعارك الجانبية إلى جانب تبذير ثرواتهم النفطية في نزوات شخصية. ولعل الدول العربية المتقدمة بعض الشيء هي الدول التي تفتقر إلى الثروات الطبيعي.

إيران اليوم مع تركيا تتصدر دول العالم الإسلامي في مجال التقدم العلمي والتكنولوجي وهناك لفيف من علماء إيران مرشحون لجائزة نوبل في كل المجالات في حين أنها تقف في مكان متقدم من حيث المنافسة في مجال التكنولوجيا الحيوية في قطاع الصناعات الدوائية وفي مجال القدرات الصاروخية وفي مجال إطلاق الأقمار الصناعية في حين لا يزال العرب يبحثون عن الطريق الأمثل لطبخ شاي “لبطون” البريطاني الشهير وينظمون النثر والشعر لمواجهة “الخطر الإيراني” بواسطة كتاب العمالة والخيانة الذين باعوا ضمائرهم لكل شياطين العالم.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.