الصادق شعبان يكتب: ادارة الدولة ليست سهلة و تحتاج الى معرفة و خبرة و هؤلاء من كل الأجيال لا استغناء عن أحد

“متفائل … لكن دائما حذر

انا بطبعي متفائل و في نفس الوقت حذر …
لا يمكنني أن أكون ضد مسار جويلية … فانا ناديت به و جل النخب توقعته و ترقبته و الشعب رحبّ به …

“فقد تعطلت الدولة و تعطل الحوار … و افلست الدول و احتار الناس … و لم يعد الوضع يحتمل الانتظار … و ليس العمل انقلابا و انما إنقاذ مهما كانت ملابسات الإجراء …

الإصلاح السياسي الذي حصل في خطوطه العريضة مقبول … لكن في التفاصيل هفوات بدأت تنعكس في التطبيق …

يصعب ان يبقى الامر هكذا …

الخشية ان تنفلت الأمور، و تتفشى الفوضى … الاستقرار بالبوليس استقرار هش ، و ليس هو الاستقرار الذي يحبه الناس و يدفع الى الاستثمار …

جُرِّب هذا و لم يدم … قد يكون ضروريا لوقت ، لكن يجب أن ينتهي …

لا أريد شيئا الا مصلحة البلاد …

انا من الذين لا ينادون بالعودة الى الوراء … لا الوراء القريب و لا الوراء البعيد … العالم دائما يتقدم … لو عاد بورقيبة اليوم و لو عاد بن علي ، لما اتبعا نفس الخط السابق … نحن الان في مجتمع اخر و في عالم اخر … و بورقيبة و بن علي عرفا بالبراغماتية … الواقعية و المرحلية …

الشعار الان هو : لا للعودة الى الوراء ، و لا للمغامرة بالمجهول …

لا هذا و لا ذاك …

البرلمان الجديد لن يغير كثيرا … يصعب ان يكون المنطلق لكتل قوية و منها لأحزاب جديدة…

القضاء لم يتعافي بعد ، و استقلاله ضروري لتفادي أية انتكاسة … و استفاقته تكون من اهله و انا اعرف ما اقول …

رئيس الدولة خلافا لما يبدو للناس لا يحكم وحده ، و لن يحكم وحده … كلّما جمّع الصلاحيات التف حوله الطامعون … يعرف هو ان في الفعل و مهما كانت النصوص ليس هناك حكم للفرد وحده و ليس هناك حكم للشعب كله … الحكم يعود دائما الى أقلّية ( اوليغرشيا ) … و اذا لم يهتد الى تركيز المؤسسات ، لتحكم بشفافية و عدالة ، تتسلل الاقليات بمصادر نفوذ مختلفة ،
فتغرر به و تنتفع من نفوذه … و في النهاية ، ينغلق النظام و ينفجر … و يجرف التيار الجميع …

من باب المحبة لقيس و هو صديق عزيز ، اقول له انتبه من الأولغرشيا … التي لن تراها بسهولة … و جمّع افضل الكفاءات و حولك و استمع الى اخلص الناس … و اقول له بالخصوص إبني المؤسسات ، و إرفع القانون عاليا … فذاك الذي يبقى … الدولة تبقى و نحن كلنا ذاهبون …

صحيح ان قيس اقدم على إصلاحات لم تقدم عليها الانظمة من قبله ( رفع الدعم ، اصلاح الشركات العمومية ، تركيز العدالة الجباية … ) و هذا يحسب له … لكن حذاري : اقول له توخى المرحلية ، و ابدا بالإجراءات المواكبة ، و اختار الوقت المناسب …

حاول ان تكون النقابات معك ، و صانعي الراي العام …

ان التوازنات صعبة جدا اليوم ، و قطرة واحدة زائدة قد تفيض الكأس …

هناك اشياء كثيرة يجب أن نتأمل في مخاطرها : مجلس الجهات ، الشركات الاهلية، الصلح الجزائي … و يجب ان نحد من المؤثرات و قد حصل ان أقرّت الان …

كما يجب الحد من إجراءات S حتى تبقى في مقاومة الإرهاب و في حماية أمن الدولة لا غير ، و الكف عن مواصلة عدالة انتقالية فاتت الزمن الذي حدده الدستور و اصبحت ذاتها انتهاكا للعدالة ، و الكف عن شيطنة رجال الأعمال فهم دعامة الاقتصاد و لا شيء يبنى دون اقتصاد ، و إعادة الاعتبار للنقابات مع تحييدها عن السياسة ، و إحياء وظائف الاحزاب السياسة اذ بدونها لا تقوم الديمقراطية – فالاحزاب تبسط البدائل لتحقيق التنافس الديمقراطي و تعد القيادات لتحمل المسؤليات و هو الاهم … و رايتم كيف دون احزاب تصعب التعيينات و تتلاشى المسؤليات …

لست متشائما كما قلت في البداية …

لكني منشغل فعلا و أرى أن التدارك ممكن شرط أن يحصل الان … هناك اشياء في السياسية لا تحتمل الانتظار …

إدارة الدولة ليست سهلة و تحتاج إلى معرفة و خبرة … و هؤلاء من كل الأجيال… لا استغناء عن احد … فهم ثروة تونس ، و لا يحق لاحد طمس هذه الثروة …

أ.د الصادق شعبان”.

شارك رأيك

Your email address will not be published.