وثيقة : الرئيس قيس سعيد أو “نشيد الاستبداد”

الجمعيّة التّونسية للدّفاع عن الحريّات الفرديّة أنجزت و نشرت في شهر مارس 2023 تقريرا بعنوان “سنة من الإنتاج القانوني لرئيس الجمهورية قيس سعيد في عام 2022: نشيد الاستبداد”. ننشر في ما يلي ملخص هذا التقرير الصادر باللغتين الفرنسية و الأنجليزية و الذي أنجزه فريق مكون من البروفيسور وحيد الفرشيشي و الدكتور أمين الجلاصي و فاطمة الفتني و أمين اللطيف و أحمد الزياني.

سنة 2022 أو في إرساء حكم الفرد

بعد تفعيل الفصل 80 من دستور 27 جانفي 2014 في 25  جويلية 2021 وايقاف مجلس النواب عن النشاط وإقالة الحكومة، تتالت الاحداث والقرارات الرئاسية ( بأوامر وبمراسيم) لتعلّق عمل هيئة مكافحة الفساد اولا وإحالة مجموعة كبرى من الشخصيات السياسية على الإقامة الجبرية ومقاضاة المدنيين أمام القضاء العسكري إلى أن صدر الأمر 117 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 والذي أرسى بموجبه رئيس الجمهورية منظومة حكم جديدة مختلفة تماما ممّا أرساه دستور 2014، منظومة لرئيس الجمهورية فيها المركز المحوري: يشرّع بصفة مطلقة بالمراسيم، لا وجود لأي رقابة على أعماله ( خاصة بعد حل الهيئة الوقتية لرقابة دستورية مشاريع القوانين…) حلّ المجلس الأعلى للقضاء في فيفري 2022 وتعويضه بمجلس مؤقت عينه رئيس الجمهورية وحلّ البرلمان مارس 2022، وعزل 57 قاض دون مرور بالمجلس في الأول من جوان 2022، حلّ هيئة الانتخابات وتعويضها بهيئة من تعين الرئيس أيضا… 2022 وإطلاق استشارة وطنية افتراضية حول الاصلاحات (جانفي مارس 2022) لم يشارك فيها إلا 534 ألف، ثم تكليف لجنة لصياغة دستور الجمهورية الجديدة لم يشارك من رجال ونساء القانون فيها إلا رئيسها واعتذر كل الاعضاء (الخمس عميدات وعمداء و2 مديري مؤسسات لتدريس القانون)، تم عرض الرئيس دستوره المختلف تماما عن الدستور المقترح عليه، على استفتاء في 25 جويلية 2022 لم يشارك فيها إلاّ 2.7 مليون ناخب من مجموع 9.2 مليون أي بنسبة 27%  فقط… ثم كان تعديل القوانين الانتخابية التي أقصت الاحزاب وتنظيم انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر 2022 لم يشارك فيها إلا 11 % من الناخبين (وهو ما تأكد في الدورالثاني، مع 11 % أيضا في 29 جانفي 2023).

مركزة السلطة في يد رئيس الجمهورية

هذه التحوّلات السريعة والتي أرست دستورا قائما على مركزة السلطة في يد رئيس الجمهورية من ناحية وضعف بقيّة المؤسسات: البرلمان والقضاء وغياب الهيئات الدستورية نظام قائم على أسس الدولة المحافظة والتي تعمل وحدها على تحقيق مقاصد الاسلام (الفصل 5 من دستور 2022 وحذف مبدأ الدولة المدينة… وحلّ كل الأجهزة المنتخبة والتي مثلت ولفترة طويلة خصائص النظام التونسي ( حل البرلمان، حل المجلس الأعلى للقضاء حلّ الهيئات الدستورية…)، تزامنت أيضا مع نشاط تشريعي مكثف لرئيس الجمهورية الذي شرّع بمفرده طيلة سنة 2022 حيث أصدر 81 مرسوما و 104 امرا رئاسيّا، مست كلّها الحقوق والحرّيات بصفات متفاوتة: الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الحقوق البيئية وفي التنميّة، حقوق مختلف الفئات الاجتماعية: الصحفيين والصحفيات، المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، الناشطين /الناشطات السياسيين، النساء، الأطفال أفراد مجتمع اليوم عين، المهاجرين والمهاجرات, الاطفال، ذوي وذوات الإعاقة…

ويأتي اهتمام الجمعية التونسية بالنشاط التشريعي لرئيس الجمهورية في إطار مواصلة ما قامت به من أعمال توثيق ومتابعة وتحليل لكل الاحداث القانونية منذ 25 جويلية 2021 (أنظر التقارير الدورية للجمعية، وكذلك موقفها من دستور الرئيس) و في تواصل مع ملاحظاتها حول حقوق الانسان بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الانسان في 8 نوفمبر 2022.

ولذا تقدّم الجمعية هذا التقرير لقراءة النشاط التشريعي لرئيس الجمهورية في 2022 وتأثيره على مختلف الحقوق والحريات.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.