هل تنتهي أزمة الخبز قبل أن يثور الشعب التونسي مرة أخرى؟

اليوم أصبح الخبز في تونس نادرا ولا يوجد في الأسواق وأصبح البحث عنه مثل الذي يبحث عن إبرة في القش وعلى كل رب أسرة أن يستفيق باكرا ويبقى ينتظر دوره في صفوف طويلة وكأنه ينتظر تأشيرة العبور إلى أوروبا. هل من خروج قريب من أزمة الخبز أم أن الأزمة مرشحة للتفاقم مع ما يمكن تصوره من تبعات سلبية ؟


بقلم فوزي بن يونس بن حديد

عاش التونسيون وما زالوا يعيشون أسوأ لحظاتهم في تاريخهم الحديث، حينما يقفون في طوابير يومية منذ مطلع الفجر للحصول على الخبز، بينما كان الخبز في السابق متوافرا إلى حدّ رميه في القمامة دون مبالاة، وقد حاول الوزير الأسبق محمد مزالي ذات مرة رفع سعره إلى الضعف حفاظا على هذه النعمة الغالية فثار التونسيون في وجهه وعادت الأمور إلى ما كانت عليه حين قرر الحبيب بورقيبة الرئيس الأسبق إلغاء قرار مزالي، واليوم أصبح الخبز نادرا ولا يوجد في الأسواق وأصبح البحث عنه مثل الذي يبحث عن إبرة في القش وعلى كل رب أسرة أن يستفيق باكرا ويبقى ينتظر دوره في صفوف طويلة وكأنه ينتظر تأشيرة العبور إلى أوروبا.

إلى متى سيصبر التونسي في المستقبل؟

مشهد لم يألفه التونسيون من قبل ولئن ألفوه في أمور أخرى، مثل الانتظار في المؤسسات الإدارية لتخليص بعض المعاملات، لكن أن ينتظر خبزا فهو لم يحصل من قبل كمثل هذه المشاهد التي انتشرت في كل ربوع الوطن، وعليه فإن المسؤولية الكبرى تقع اليوم على رئاسة الحكومة أن تتحرك بقوة في هذا الموضوع وتفرش ذراعيها من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتضرب بقوة على يد كل محتكر وكل من يسعى إلى تجويع الشعب التونسي الذي صبر كثيرا وما زال صابرا إلى هذا الوقت، لكن إلى متى سيصبر في المستقبل؟

نعلم جميعا الأزمات العالمية والإقليمية والمحلية التي أصابت الدول كلها، ونعلم حالة ركود الاقتصاد العالمي مع استمرار الحروب المتتالية خاصة الحرب الروسية على أوكرانيا وما تبعها من تبعات ثقيلة على مستوى الغذاء، لكن تونس لديها من الموارد ما يجعلها قادرة على الاكتفاء الذاتي لو سارت الأمور في مسارها ويبدو أن هناك مافيا تدير شؤون البلاد الاقتصادية محورها رؤوس الأموال الذين إذا شعروا بأن مصالحهم قد تتعرض للمشاكل والخسارة ربما، ارتعشت فرائصهم وانتفضوا ضد السلطة وواجهوا هذه المشاكل بمشاكل أكبر وضعوا فيها الشعب التونسي أمام محن لا حصر لها.

ولا شك أن الصراع السياسي في البلاد له تأثير مباشر في إثارة المشكلات، ويبدو أنه سيستمر وآخذ في التصاعد، مما يثير الخوف والرعب في أوساط كثيرة من المجتمع التونسي، ويستدعي البحث عن حلول عاجلة وفورية لهذه المعضلة الرئيسية، واليوم وبعد عامين من إعلان حالة الاستثناء من طرف الرئيس قيس سعيد يوم 25 جويلية 2021 نرى أنه من الضروري إعادة تقييم المرحلة السابقة وإعادة البناء من جديد لكل هياكل الدولة بعد أن توقف مسار قطار السياسة في الدولة عند محطة وتعذرت مواصلة مساره على السكة نفسها، بل على الدولة أن تبحث عن مسارات أخرى بديلة لأن توقفه سيسبب مشاكل أعمق بكثير مما كانت عليه.

الدولة على وشك الإفلاس و الشعب على وشك الانفجار

فمع أزمة الخبز وسيطرة المتنفذين في البلاد عليه وتحويل السميد إلى علف للحيوانات لحرمان الشعب التونسي من الحصول على الخبز والاستمتاع بهذه السلعة الاستهلاكية اليومية للمواطن، تظهر مشكلات أخرى أكبر كالهجرة من البلاد، وهو ما يفعله الشباب وحتى الكهول خوفا من الضائقة المالية التي عمت كل القطاعات حتى أصبحت الدولة عاجزة على تقديم أبسط الحقوق للشعب، بل إنها قد تكون على وشك الإفلاس إن لم تخرج من هذه المحنة في أقرب الأوقات.

وعلى هذا ينبغي على الحكومة التونسية الجديدة برئاسة أحمد الحشاني أن تفعّل الإجراءات العقابية والإجرائية في حق كل من تسوّل له نفسه العبث بمقدرات الشعب التونسي والقضاء نهائيّا على الاحتكار وسيطرة رؤوس الأموال على قُوت الشعب التونسي مهما كلّف الأمر من تضحيات، وتوفير المادة الأساسية للمواطن التونسي وهي الخبز حتى لا
يشعر أنه يُهان في بلده مما يضطره إلى سلوك عادات دخيلة على بلادنا ويجبره على ارتكاب ما كان يعتبره خُلقا سيئا وقد يثور مرة أخرى بعد ثورة الخبز الأولى.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.