الرئيسية » مساهمة المرأة ضعيفة في بعث المشاريع  

مساهمة المرأة ضعيفة في بعث المشاريع  

المرأة

المرأة في علاقتها بدنيا الاعمال و ما تتعرض له من صعوبات في بعث المشاريع و لا سيما على صعيد التمويلات المطلوبة – هذا الموضوع كان محل درس و تحليل ونقاش خلال لقاء نظمه صبيحة  21 افريل الجاري المكتب المغاربي للدراسات الاقتصادية ( ناباس ) برئاسة مصطفى كمال النابلي.

مجتمع ذكوري

فمن خلال عرض قدمته الجامعية و العضوالعامل ب”ناباس” ريم بن عياد المولهي تم التطرق الى بعض الاشكاليات القائمة في وجه المرأة الراغبة في اقتحام مجال الاعمال من ذلك = هل يمكن الحديث في تونس عن تكافؤ الفرص بين الجنسين في مجال التشجيع على بعث المشاريع ام ان الوقت لم يحن بعد لبلوغ هذا التساوي في مجتمع مازال يحافظ على نمطه الذكوري بدليل ان حلقة النقاش غاب فيها حضور الرجال بالمرة باستثناء المشرف على تنشيطها – هل ان هذا التباين يعود في الاصل الى عوامل اجتماعية و ثقافية تحول دون اقتحام المرأة هذا المجال- هل للعائلة دور في ذلك ام ان الاصل في الاشكال يقوم على اعتبارات ذاتية تتعلق بالخوف من المخاطرة او لاعتبارات اجرائية تتصل بالضمانات الواجب توفرها للحصول على التمويلات الضرورية من قبل البنوك و المؤسسات المالية سيما وان المرأة لا تتوفر عادة على املاك في شكل عقارات للرهن مقابل القروض.

و اذ ان الامريشكل ظاهرة عالمية  لاتقتصر على تونس فحسب فان بعض البلدان نجحت في تقليص الهوة بين النساء و الرجال المقدمين على بعث المشاريع و ذلك باعتماد سياسات اقتصادية ارتكزت بالاساس على محاصرة نقاط العرقلة و التصدي لها.

فالولايات المتحدة الامريكية مثلا شرعت منذ سبعينات  القرن الماضي في تحفيز المرأة على النشاط الخلاق في مجال بعث المشاريع و اعدت لذلك المشاريع الضامنة للتساوي في فرص التمويل المتاحة بين الجنسين وهو ما جعل نسبة المشاريع المحدثة سنويا من قبل النساء تتراوح بين 25 و 30 بالمائة وهي ارقام نجدها ايضا في اليابان و كندا و بعض البلاد الاوروبية مثل فرنسا و المانيا و بريطانيا و الدانمارك حيث شكلت المشاريع النسائية دافعا هاما لخلق الثروات و التشغيل و التجديد.

لا للمغامرة

اما عن الوضع في بلادنا فان الدراسة السالفة الذكرتشير الى ان العامل الاجتماعي مازال يضغط على المرأة ويخضعها لقبول وضعية الاجير صاحب الراتب القار دونما ثقة في النفس و بعيدا عن دنيا المغامرة و المخاطرة باستقرار العائلة في صورة الفشل او عدم النجاح.

و على الرغم من محدودية النظام الانتاجي في تونس و قلة الشغل الماجور فان الارقام المتوفرة منذ سنة 2012 تؤكد ان 2 فاصل 8 بالمائة فقط من الاناث من الفصيلة العمرية بين 18 و 64 سنة اقبلن على بعث مشروع او هن يشرفن على تسيير مؤسسة منذ افل من 3 سنوات و نصف و هذه النسبة تجعل مرتبة تونس بين فرنسا (4) و مصر(2) بحيث تكون بعيدة جدا عن تركيا(7).

و يبقى المحدد الاساسي في كل ذلك هو العامل التمويلي و الدخول في شبكات الاعمال بما يحد من نشاط المراة و يربك توجيهه القطاعي.

الحاجة الى الضمانات

و اذ ان ظاهرة عدم الاستجابة لطلبات القروض تهم الرجال و النساء في الان نفسه فان نسبة الرفض تكون اكبر لدى النساء و قد تصل هذه النسبة الى حد الضعف بحيث تضطر المرأة الى البحث عن التمريل التشاركي الذي لا يتعدى عادة حدود الوسط الاسري.

و لئن تاكد عبرالعالم ان مسار القروض الصغرى او الدنيا ينتفع بها اساسا العنصر النسائي بنسبة 80 بالمائة في القارة الافريقية و53  بالمائة في البلدان ذات الاوضاع الانتقالية فان راس المال المخاطرة يبقى من مشمولات الذكور.

فالمؤسسات المالية التي تهتم بتمويل الشركات الصغيرة و متوسطة الحجم لا تستجيب في الغالب للطلبات الصادرة عن النساء و نجد في الاحصائيات ان نسبة 29 بالمائة فقط من القروض المسندة من قبل البنك التونسي للتضامن( الذي من المفروض ان لا يطلب ضمانا لاقرار القروض) توجه للنساء و ان هذه النسبة لا تتعدى 9 بالمائة لدى بنك تمويل المؤسسات الصغرى و المتوسطة مع العلم ان الشركة التونسية للضمان (سوتيقار) التي يتكون راسمالها من مساهمات الدولة و البنوك هي الهيكل الوحيد الذي يسحب ضماناته على القروض الموجهة لتلك المؤسسات .

و اعتبارا لكل هذه المعطيات يرى المشاركون او بالاحرى المشاركات في حلقة النقاش ان الضرورة تقتضي تطوير اليات الضمان لان الشركة التونسية للضمان يعسر عليها لوحدها الاستجابة للطلبات المتزايدة في هذا المضمار كما تقتضي تعزيز القدرة التمويلية للمراة و مرافقتها في مراحل الانطلاق و التسيير الفعلي للمشروع لا سيما عندما يتعلق الامر بمشاريع القرب ذات النفع الجماعي و الاجتماعي و التي تمس بالخصوص مجالات التربية و الصحة و حماية المحيط.

ثم ان الحاجة تبقى ماسة الى تكوين شبكات اعمال خاصة بالمرأة من اجل الوصول الى المعلومة عبر التدرب و الاستعمال الناجع للتقنيات الحديثة في مجال الاعلام و الاتصال و من اجل تبادل الخبرات والتجارب لتطوير الافاق وتحسين القدرات التنافسية.

وفي ظل ما اتفقت على تجسيمه المشاركات في اختتام اعمال هذه الحلقة قصد السعي الى تكوين هذه الشبكة ايا كان شكلها فان الفيصل في النهاية يبقى الارادة الشخصية و العزيمة على اقتحام الصعاب.

وجدي مساعد 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.