الرئيسية » السياسة و مخاطر انتشار الشعوذة

السياسة و مخاطر انتشار الشعوذة

بقلم محمد فوزي معاوية

لماذا تجد اليوم بيننا الشعوذة السياسية و البهلوانيات و الشعبوية والبهرجات الكلامية و ” السفاسف” رواجا و انتشارا واسعا خاصة في الأوصات السياسية عبر مختلف الوسائط الاعلامية.. و عبر ” البوز” لتقديم ما هو أقرب الى” الكراكوز “على أنه من الاهمية بمكان و يتعدد نشر أحداث و أقوال ” غير معهودة ” ..جريئة في مظهرها جذابة في تلاوينها كان نصلى على قارعة الطريق في شارع بورقيبة او نهرج في البرلمان للبروز كمنقضي الأمة و حماة حماها بمغالاة فيما قد تصح جوانب منه فتقدم في اخراج لايبعد عن الهذيان و المهازل و الشعوذة.

أوندعي باسلوب الاولياء و الصالحين أن لحزبنا حلولا لقضايا تونس قد تنجز في ستة اشهر وحزبنا في الحكم منذ سنوات أكد عجزه و فشله…
تلك هي ترهات تعم و سائل الاعلام و تكتسح الساحة ويزداد نطاقها اتساعا كلما أكدت لنا مؤسسات سبر الاراء تموقع هذا ” البطل”
أو ذاك بصوته الجهوري وأسلوبه المستفز في مقدمة محبوبي الجماهير الشعبية …

نتائج التسويف و التدني

لكن المعضلة تبقى في الاجابة عن السؤال الذي يبحث عن المسؤول المتسبب في كل ذلك هنا نشير الى سببين نعتقد انهما اساسين.
الأول يتعلق باستخدامات السياسة و السياسيين لوسائل التواصل من أجل المغالطة و التضليل و افتعال ” الأحداث” و فبركتها من أجل توجيه الراى العام , الهائه طورا وتلهيته طورا آخر.. وقد يشير البعض و أن ذلك من سمات العصر و أن السياسة اليوم هي أولا و قبل كل شىء ” التواصل ” و أن العبرة في السياسة ليست بالنتائج الفعلية كما يؤكد البعض بل بالتلقي و بالقتاعات التى يكتسبها الرأى العام مهما كانت معاكسة للواقع…لذلك أصبحنا نجد على سبيل المثال مايلي :

– أحزاب في السلطة من سنوات تؤكد أنه لا مسؤولية لها في النتائج الحاصلة.
– أحزاب في الحكم تدعي بكل صلف أنها في المعارضة.
– حكومة فاقدة لحزام سياسي و اجتماعي تواصل الادعاء بأنها حكومة و حدة وطنية , البلاد على حافة الهاوية و هي تسعى الى
انجاز خطوة الى الأمام…؟
– – نتائج انتخابات كارثية على أكثر من صعيد و الاعلان عن نجاحات باهرة..

ان هذه العينات ومن اشباهها الكثير تعكس في نهاية الأمر مغالاة بلغت حدودا قياسية قد تنبئ بالتصدع للتجربة برمتها لانها في اعتقادنا تشكل مأساة حقيقية بمراهنتها على اسبلاه بلا حدود لأوسع شرائح المجتمع وهنا يكمن السبب الثاني لهذه المعضلة.

السبب الثاني يتمثل في أن أغلبية ” النخب” و خاصة منها السياسية التى عوضا أن تراهن على الشرائح الواعية في المجتمع القادرة لافقط على قبول مشروع التغيير و الانتقال الديمقراطي بل على تبنيه و الدفاع عنه والتقدم به ,نجدها استسهالا أو مكرا و دهاء تراهن على شرائع فاقدة لهذا الوعي منساقة للتأثيرات المستسهلة ميالة لانطباعية لاتعنيها حقائق التوجهات و المشاريع المقترحة ’ تأخذ الخطاب على ظاهره و الكلام على بهرجته و مع الاسف يلتقي في هذا الرهان خليط خطير من المراهنين على تهييج المشاعر ذات الأبعاد المتعلقة بالمعتقدات الدينية والقومية في منحى شعبوي متطرف مع مجموعات ساعية الى ارجاع النظام القديم ولكن في اتسع مظاهره المرتبطة باستغلال الدولة و بقائها دولة ريعية راعية لمصالحهم الضيقة …مع مجموعات أخرى تسعي الى السلطة مهما كان الثمن دون اي اعتبار لاي مشروع وطني يهدف الى بناء المستقبل.

لقد أكد التاريخ أن الثورات نسفت و اتخذت منحى تصادمي مدمر و احينا دموي عندما تراهن ” النخب ” على الجهالة و الظلامية
وعلى الناقمين القادمين لنسف الأخضر و اليابس بزاعمة محترفي القفز نحو المجهول .

*قيادي في حركة تونس اولا 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.