الرئيسية » تونس : متى ستعلن نجلاء بودن عن تشكيل حكومتها و تضع حدا للإشاعات؟

تونس : متى ستعلن نجلاء بودن عن تشكيل حكومتها و تضع حدا للإشاعات؟

نجلاء بودن – قصر الحكومة بالقصبة.

ينتظر الشعب التونسي بفارغ الصبر تشكيل الحكومة التونسية الجديدة بعد أن كلّف رئيس الجمهورية السيد قيس سعيّد السيدة نجلاء بودن بتشكيلها، ولا شك أنها ستكون حكومة أزمة، وهي حكومة مصغرة مهمتها قصيرة نسبيا في الزمن تبحث في إنقاذ تونس من أزمتها الاقتصادية الخانقة، وخروجها من المأزق الذي وضعت نفسها فيه بعد تدهور الدينار التونسي والقدرة الشرائية والتذبذب السياسي في الفترة السابقة لإعلان الإجراءات الاستثنائية ليوم 25 جويلية الماضي.

بقلم فوزي بن يونس بن حديد

لقد تعاقبت الحكومات خلال العشرية المنصرمةو لم تكن في المستوى المطلوب من حيث الإنجاز الاقتصادي و الاجتماعي مما أحدث إرباكا كبيرا هزّ الدولة التونسية في العمق وجعلها محل نقاش العديد من الدول الكبرى التي تبحث في الوضع السياسي في تونس، فمنها القَلِقُ على الحركة الديمقراطية وحرية التعبير، ومنها المتخوِّفُ من تنامي الإرهاب واتجاه تونس نحو حرب أهلية لم تشهد لها مثيلا، ومنها المتفائلُ لإنشاء جمهورية ثالثة مختلفة عن سابقتيها بعد القرارات الجريئة التي اتخذها رئيس الجمهورية.

جمهورية ثالثة و نهضة اقتصادية أم فوضى و حرب أهلية ؟

وأيا كانت التأويلات فإن الحكومة التونسية لم تتشكل بعد، والوقت يمضي بسرعة، وقد أشار الرئيس إلى ذلك في لقائه بالسيدة المكلفة بتشكيلها، ولكنها لم تر النور بعد، مما يضع علامات استفهام حول ما يحدث، هل هو التردّد في اتخاذ القرار أو هو الصعوبة في الاختيار، أو التأني في انتقاء الكفاءات التي تحتاجها تونس في المرحلة المقبلة؟

ولكن ومع هذه التكهنات بدأت الإشاعات تظهر على الساحة حول طلب السيدة نجلاء إعفاءها من هذا التكليف المستجد بعد أن نالت بعض مواقع التواصل الاجتماعي من شخصها وحامت حولها شبهات كما يدّعي البعض في وسائل الإعلام، ولكنها تبقى كذلك حتى تثبت الرئيسة المكلفة أو تنفي ما يحدث في أروقة هذه المواقع.

ويبقى الشعب التونسي في ظل هذه الأحداث الدراماتيكية في حالة غليان حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ما دام هناك قسمان عصيّان عن التفاهم والالتقاء، وكل طرف يرى نفسه عدوا للآخر من خلال إظهار القوة في الشارع لإبراز مفاتنه أمام المجتمع التونسي والمجتمع الدولي، وكل طرف يبحث عن المنافذ التي يستطيع من خلالها الوصول إلى قلوب التونسيين، فتحدث المعاكسات السياسية والخصومات الحزبية، ليبقى المشهد السياسي ضبابيا إلى حين، ويبقى المواطن التونسي حائرا بين الاثنين، إنِ اختار الرئيس اصطدم بالطرف المقابل وإنِ اختار العملية السياسية العادية فإنه يجد نفسه أمام خط جديد مقابلٍ لا يلين.

تذبذب سياسي و تردد في اتخاذ القرار

ما الحل إذا بعد هذا التذبذب السياسي و التردد في اتخاذ القرار والضبابية في القوانين الانتخابية والمؤسسية، هل تتجه تونس إلى ما اتجه إليه لبنان من تصادم السياسيين إلى حد إفقار البلاد وإفراغها من مضمونها الاقتصادي، وبالتالي الوصول إلى طريق مسدود ينقص الحركة الاستثمارية والسياحية ويدخل البلاد في نفق مظلم حالك الظلمة حيث لا يجد التونسي ما يقتات، أو يتنازع مع أخيه المواطن على لقمة عيش، بل قد تدخل البلاد في أزمة أخرى أشد وأعتى من الأولى حيث تتدنّى الطبقة المتوسطة إلى خط الفقر أو دونه وحينها لا يستطيع أحدٌ أن يُمسك العصا لا من وسطها ولا حتى من طرفها.

والحل يكمن في اتخاذ القرار بسرعة، خاصة الذي يتعلق بالحكومة الجديدة وتشكيلها ينبغي أن يكون اليوم قبل الغد، ولا مجال للتردد بعد الإقدام ولا مجال للتخاذل والتكاسل، وأن تسخّر الدولة كل إمكاناتها لقيام هذه الحكومة المنتظرة حتى تعمل وتنجح في إخراج بلدنا إلى برّ الأمان، والحل يكمن في البحث عن آليات التحول السياسي العام من الآن وفي هذه الفترة بالذات التي تعمل فيها الحكومة بجدّ ونشاط حتى تجد تونس نفسها مستعدة للإجابة عن كل التساؤلات، وتكون قادرة على اتخاذ القرار مع ضرورة إشراك الأطراف الفاعلة في البلاد، وتسطير الخيوط العريضة في إطار زمكاني واضح للجميع، حتى تهدأ النفوس قليلا وتطمئن ويقتنع المشككون أن الوقت حان للتغيير وأن لا مجال للعبث بمقدرات الدولة التونسية من أي طرف كان، بعد بسط هيبتها ونفوذها على مكامن الحياة فيها ومفاصلها الحيوية.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.