حزب العمال يصدر بلاغا تحت عنوان: لا لـ”عدالة” الانتقام و تصفية الحسابات

تتصاعد في هذه الفترة انتهاكات الحريات وحقوق الإنسان من قبل سلطة الانقلاب الشعبوي الاستبدادي. وقد طالت هذه الانتهاكات عديد السياسيّين والإعلاميّين والمدوّنين والمواطنين على خلفية التعبير عن مواقف تهمّ الوضع العام بالبلاد. وفي نفس الوقت تتواصل محاكمة مدنيّين أمام القضاء العسكري. وقد شملت هذه المحاكمات في الأيام الأخيرة رئيس ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف وأعضاء آخرين من هذا التنظيم علاوة على الأستاذ المحامي مهدي زقروبة. وقد صدرت في شأنهم أحكام بالسجن وصلت حدّ العام وشهرين سجنا مع النفاذ العاجل مع حكم تكميلي بالمنع من ممارسة مهنة المحاماة لمدة خمس سنوات بالنسبة إلى الأستاذ زقروبة، مع العلم أنّ القضاء المدني كان نظر في وقت سابق في نفس القضية وبنفس التهم وأصدر حكمه النهائي فيها بحفظ التهمة بشأن ثلاثة متهمين والسجن لمدة ثلاثة أشهر مع تأجيل التنفيذ بشأن اثنين آخرين.


إنّ حزب العمال الذي ظل منذ تأسيسه وفيا لمبادئه ومواقفه التي ترفض أيّ انتهاك لأيّ حق من حقوق الإنسان بقطع النظر عن الأفكار التي يحملها ضحايا الانتهاكات حتى وإن كانوا من تنظيمات، مثل “ائتلاف الكرامة”، لا يجمعنا أيّ شيء بأطروحاتها الفكرية والسياسية، كما ترفض “عدالة” الانتقام وتصفية الحسابات والتوظيف البدائي للقضاء للتنكيل بالخصوم السياسيين وأصحاب الآراء المخالفة لفرض الصمت والخوف تدريجيا على المجتمع، فإنّه:

  • يُدين مواصلة سلطة الانقلاب محاكمة المدنيّين أمام القضاء العسكري. وهي ممارسة لم تتوقف منذ عهد الدكتاتورية واستمرت مع حركة النهضة وحلفائها بعد الثورة بالإضافة إلى تعطيلهم إصلاح القضاء العسكري وفقا لما جاء في دستور 2014.
  • كما يدين الانتهاكات الجسيمة لمبادئ العدل التي صاحبت هذه القضية ومنها خاصة محاكمة المعنيّين من قبل نوعين من القضاء في نفس الوقت من أجل نفس التهمة وهما القضاء المدني والقضاء العسكري في مسعى واضح للحصول على أشدّ حكم ممكن على المعنيّين. ومنها أيضا الاستعجال في اعتقالهم ومداهمتهم ليلا بما يعبّر عن رغبة جامحة لسلطة الانقلاب في التسريع بحبسهم. ومنها أخيرا الحكم بمنع الأستاذ مهدي زقروبة من ممارسة المحاماة لمدة خمس سنوات وهو أمر من اختصاص الهيئة الوطنية للمحامين والذي يجب أن يكون كذلك كما هو معمول به في جميع بلدان العالم التي تحترم القانون.
  • ينبّه إلى خطورة المحاولات اليائسة واللامبدئية لتبرير التمشّيات القمعية لسلطة الانقلاب وهو ما من شأنه تسهيل التطبيع مع انتهاكات الحريات وحقوق الإنسان وفتح الباب أمام الاستبداد الشعبوي لتكميم الأفواه وبسط سيطرته المطلقة على المجتمع وهو ما سقطت فيه عدة قوى سياسية ومدنية مع نظام بورقيبة كما مع نظام بن علي بداعي أنّ استهداف الخصوم الأيديولوجيين والسياسيين مباح، حتى طالت عصى القمع والتصفية الجميع دون استثناء بمن فيهم أولئك الذين برّروا في لحظة من اللحظات القمع وصفّقوا له بذرائع انتهازية ولا مبدئية.
  • يؤكّد أنّ اعتبار القانون فوق الجميع وأن لا أحد “فوق راسو ريشة” حتى يفلت من العقاب حين يرتكب جرما حقيقيا، هو مبدأ لا علاقة له بما يجري اليوم في ظل سلطة الانقلاب من إجراءات انتقامية وتوظيف للقضاء ضد الخصوم السياسيين والمنتقدين. إنّ القضاء العادل لا يستقيم إلاّ في إطار سلطة ديمقراطية يتمتع في ظلها بالاستقلالية. وهو ما عملت على نسفه الحكومات المتعاقبة بعد الثورة وعطّلت تحقيقه خوفا على مصالحها ومصالح الذين تمثّلهم من لوبيات فساد.
  • يدعو كل القوى الديمقراطية والتقدمية أحزابا ومنظمات وجمعيات وفعاليات وشخصيات إلى اليقظة وتوحيد الجهود للتصدي للمنعرج القمعي المتصاعد الذي يطال عديد المعارضين والنشطاء بناء على قوانين وأوامر جائرة وفي مقدّمتها المرسوم 54 سيّئ الذكر، وتوقيفه قبل أن يستفحل وتستعصي مقاومته.
    حزب العمال
    تونس في 23 جانفي 2023

شارك رأيك

Your email address will not be published.