الرئيسية » التشغيل في الوظيفة العمومية هل هو الاشكال ام الحل  

التشغيل في الوظيفة العمومية هل هو الاشكال ام الحل  

الحوار الوطني للتشغيل

من المواضيع الهامة التي استقطبت الاهتمام خلال ورشات العمل التحضيرية للحوار الوطني حول التشغيل  موضوع التشغيل بالوظيفة العمومية و اليات التشغيل الهش.

وتطرق المشاركون من اهل الذكر و الاختصاص الى عديد الجوانب التي تميز القطاع  و الاشكاليات المطروحة عليه في ظل التحديات الكبيرة والتحولات العميقة التي تمر بها البلاد منذ ما يزيد عن الخمس سنوات و ما شهدته الة الانتاج من تعطيل و تعطل زاد في تفاقم الامور في مجال التشغيل بحيث تضاعف عدد المعطلين عن العمل و اضحت الساحة الوطنية مسرحا للاعتصامات و الاضرابات و الاحتجاجات التي ادت في النهاية الى غلق العديد من المصانع والشركات والمؤسسات فانحبس الانتاج و تعاظم حجم البطالة وتدهورت الاوضاع الاجتماعية بشكل مخيف ينذر بالخطر.

و ليس غريبا ان يشرع الدارسون بتشخيص الاوضاع في قطاع الوظيفة العمومية انطلاقا من الارقام المفزعة التي ادلى بها رئيس الحكومة الحبيب الصيد في خطابه الافتتاحي لورشات الحوار الوطني.

فقد افاد رئيس الحكومة ان الوظيفة العمومية  تعيش اليوم وضع الاختناق اذ هي تضم 800 الف موظف في حين ان حاجياتها لا تتعدى في  احسن الحالات  300 الف موظف من شتى المستويات و الاختصاصات  و هذا الوضع ناجم اساسا عن الانتدابات “العشوائية”و “الفوضوية” التي فرضت على القطاع لعديد الاسباب منها  اصلاح بعض الاوضاع لمن شملهم العفو التشريعي العام و الاستجابة ل”ترضيات” سياسية املاها ومازال يمليها موقع بعض الاحزاب المياسية المتربعة على عرش الحكم في البلاد.

و مما يزيد الامر تعقيدا ان دراسة اعدها الاتحاد التونسي للمرفق العمومي و حياد الادارة اثبتت ان نصف الموظفين في تونس لا يحترمون التوقيت الاداري.

فالدراسة التي اجريت على عينة متكونة من 3000 مستجوب خلال الفترة الممتدة بين 13 ديسمبر 2014 و 31 ديسمبر 2015 افرزت استنتاجاتها ان 53 بالمائة من الموظفين لا يحترمون التوقيت الاداري و18 بالمائة منهم متغيبون باستمرار.

كما بينت الدراسة ايضا ان معدل عدد الساعات المقضاة في العمل يوميا من قبل كل موظف لا يتجاوز 4 ساعات و 34 دقيقة بالمقلرنة مع الساعات الجملية التي ينبغي ان يقضيها كل موظف بمقر عمله.

فاذا اخذنا بعين الاعتباركل هذه المعطيات فهل ان الوظيفة العمومية تبقى قادرة على فتح احضانها لقبول المزيد من الانتدابات قبل ان تهتدي الى تسوية الاوضاع الراهنة تلك الاوضاع التي تستدعي- كوسيلة من وسائل العلاج الممكنة – اعادة توزيع  الموارد البشرية و اعادة توظيفها على المستويات الوطنية و الجهوية و المحلية اضف الى ذلك ان القطاع العمومي يبدو غير قادر على انتداب المنتفعين بالاليات المعتمدة في باب التشغيل الهش وذلك لتضخم عددهم من ناحية و لضعف مستوياتهم التعليمية من ناحية اخرى.

و الغريب في الامر ان قانون المالية لسنة 2016 ينص على برنامج كامل لانتداب 25 الف عون اضافي في القطاع العمومي بكافة هياكله و مؤسساته علما وان هذه الانتدابات تخضع عادة للعديد من المقاييس ترتكز اساسا للتنظيم الهيكلي لكل ادارة او مؤسسة وما يفرزه من شغورات وجب تسديدها.

و من الاشكاليات المطروحة اليوم ان عديد المنتدبين الجدد قد  تقدمت بهم السن بحيث لا القانون يسمح لهم بمواصلة العمل بعد سن معينة و لا الصناديق الاجتماعية تسمح لهم بالتمتع بجرايات عمرية نظرا لمحدودية سنوات الانخراط في نظام الضمان الاجتماعي.

و ازاء هذه المعطيات و غيرها فان الحوار الوطني حول التشغيل مدعو الى ايجاد الحلول الملائمة لكل تلك الاشكاليات حتى لا تبقى الوظيفة العمومية عبئا علي المجموعة الوطنية سيما و نخن نستحضر الدور الرائد الذي يظطلع به هذا الرفق في دفع الحركة التنموية بابعادها الاقتصادية و الاجتماعية و حتى الثقافية.

و عليه فان الضرورة تقتضي اولا بعض الشجاعة في الاتجاه نحو ايقاف الانتداب في اطار اليات التشغيل الهش على ان تتم مصارحة المعنيين بهذا الانتداب بمحدودية الامكانيات بالقطاع العمومي.

وتقتضي الضرورة كذلك اعتماد بدائل عن الانتداب بالقطاع العمومي على غرار تشجيع الشباب على احداث المشاريع الخاصة في مهن الجوار مثلا و في الاقتصاد الاجتماعي و التضامني .

و كذلك الاقتصاد الاخضر ناهيك و ان العناية بالبيئة والمحيط والتنمية المستدامة تحظى باهمية متزايدة في المنوال التنموي الذي نروم من خلاله التقليص الى اقصى الحدود في نسب البطالة و الى ضمان الشغل لاكبر عدد ممكن من البطالين وبالخصوص اولئك الحاملين للشهائد العلمية العليا بما يضمن لهم كرامتهم ويفتح امامهم افق المستقبل الواعد .

وجدي مساعد 

شارك رأيك

Your email address will not be published.